الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(1) الحديث رواه البخاري ومسلمٌ.
وقد حكى الإجماع على مشروعيته غير واحد من الفقهاء (2).
الحكمة من مشروعية النكاح:
لمشروعية النكاح حكم كثيرة ومتنوعة، فمنها حفظ النوع بالتناسل، وغض البصر، وصيانة النفس عن الزنا قال صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"(3) الحديث، ومن ذلك أيضًا صيانة النساء والقيام عليهن بالإنفاق وقضاء حوائجهن، والتعاون بين الرجل والمرأة على شؤون الحياة المختلفة، وتكثير أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم وتحقيق مباهاته صلى الله عليه وسلم للأمم كما في حديث أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة"(4)، وفي رواية:"تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة"(5).
حكم النكاح:
يرى الفقهاء أن النكاح تجري فيه الأحكام التكليفية الخمسة حسب حالات الأشخاص وفيما يلي توضيح ذلك (6):
(1) البخاري برقم (4778)، ومسلمٌ برقم (1400).
(2)
مغني المحتاج (4/ 201)، المغني مع الشرح الكبير (7/ 334)، كشاف القناع (5/ 6).
(3)
تقدم تخريجه قريبًا.
(4)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 258: "رواه أحمد والطبرانيُّ في الأوسط وإسناده حسن".
(5)
رواه عبد الرزاق [6/ 173 (10391)]، مرسلا.
(6)
بدائع الصنائع (2/ 228)، البحر الرائق (3/ 84)، بداية المجتهد (2/ 3)، التاج والإكليل (3/ 403)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (2/ 214 - 215)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 130)، المهذب (2/ 43)، روضة الطالبين (7/ 18)، مغني المحتاج (3/ 125 - 126)
الوجوب: من الحالات التي لا يختلف جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في القول بوجوب النكاح فيها أن يخشى الشخص على نفسه من الوقوع في الزنا بترك النكاح، ففي هذه الحالة يكون النكاح واجبًا عليه مع مراعاة توافر الشروط الأخرى كالقدرة المالية ونحو ذلك؛ والعلة في وجوب النكاح هنا أن إعفاف النفس وصرفها عن الحرام واجب والطريق الشرعي لتحقيق ذلك هو النكاح.
وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (16895) حيث نصت على أن مشروعية الزواج تختلف باختلاف الأحوال فمن خاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح وجب عليه النكاح إن كان قادرًا على مؤنته في قول عامة فقهاء الإِسلام، وأن من كان يأمن على نفسه من الوقوع في المحظور استحب له الزواج .. الخ (1)، وكذلك في فتواها رقم (17973)(2).
الندب: يرى جمهور الفقهاء أن النكاح في أصله سنة مندوب إليها إذا احتاج إليه الشخص وكانت له الرغبة والشهوة ولا يخاف على نفسه الزنا بتركه وذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(3) الحديث، رواه البخاري ومسلمٌ. فقوله:"فليتزوج" أمر وأقل ما يدل عليه الندب والاستحباب، ثم إنه صلى الله عليه وسلم علل أمره به بأنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ووجه الخطاب إلى الشباب؛ لأنهم أغلب شهوة، وذكره بأفعل التفضيل فدل على أن
= الإفصاح (2/ 110)، المغني مع الشرح الكبير (7/ 334 - 338)، الإنصاف (8/ 7)، كشاف القناع (5/ 6).
(1)
18/ 8.
(2)
18/ 19.
(3)
تقدم تخريجه.
ذلك أولى للأمن من الوقوع في محظور النظر والزنا من تركه (1).
وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (16895) المتقدم ذكرها قريبا، والفتوى رقم (21359)(2).
الكراهة: يكون النكاح مكروها كما يقول الحنفية عند خوف الجور، أو لمن لا يشتهيه عند المالكية والشافعية والحنابلة (3).
الحرمة: يكون الزواج محرما إذا ترتب عليه مفسدة كتيقن الجور كما ينص عليه الحنفية، وعدم القدرة على الوطء أو النفقة أو التكسب من حرام ونحو ذلك كما ينص عليه المالكية والشافعية، وحالة أسر المسلم أو دخول المسلم دار كفر كما ينص عليه الحنابلة.
الإباحة: يكون النكاح مباحا إذا كان قصد الشخص من الإقدام عليه هو مجرد قضاء الشهوة فحسب، ولم يكن يقصد إقامة السنة به عند الحنفية، وكذا لمن لا يولد له ولا يرغب في النساء ولا يرجو نسلا لكونه حصورا أو خصيا أو مجبوبا أو شيخا أو عقيما ونحو ذلك عند المالكية، وعند الشافعية يباح لمن وجد الأهبة مع عدم حاجته إلى النكاح ولم تكن به علة، وعند الحنابلة يباح لمن لا شهوة له كالعنين والمريض والكبير لأن الخوف من الزنا مفقود في حقه (4).
(1) كشاف القناع (5/ 6).
(2)
18/ 6.
(3)
انظر المراجع في أول المسألة.
(4)
انظر المراجع في أول المسألة.