الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي" رواه مسلم، وفي لفظ: "وإن شئت ثلثت ثم درت"، أي درت عليهن بمثل هذه المدة نفسها. ولعموم حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". ولأن القسم من حقوق النكاح ولا تفاوت بينهن في ذلك فلا تفاوت بينهن في القسم.
الترجيح: لعل الراجح في المسألة هو القول الأول لأنه الذي يتفق مع ما ثبت صراحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وقولا. قال ابن عبد البر: "الأحاديث المرفوعة في هذا الباب عن أنس على ما ذهب إليه مالك والشافعيُّ وهو الصواب وليس فيما ذهب إليه غيرهما حديث مرفوع نصًا"(1).
النشوز:
النشوز والنشوص لغة: الارتفاع، يقال نشزت المرأة ونشصت، ونشز الرجل ونشص إذا ارتفع أحدهما على صاحبه وخرج عن حسن المعاشرة، وهو مأخوذ من النشز بفتح الشين وإسكانها وهو المرتفع من الأرض، وقيل النشوز كراهية كل من الزوجين الآخر (2).
كيفية معالجة النشوز:
عندما يقع نشوز من الزوجة على زوجها أو تصدر العلامات الظاهرة لذلك منها فالطريق المشروع لمعالجة ذلك هو أن يبدأ الزوج بوعظها وتذكيرها بشرع الله، فإن لم يفد ذلك هجرها في المضجع، فإن لم يؤثر ذلك على اعتدال حالها
(1) التمهيد (17/ 247).
(2)
لسان العرب مادة: نشز (5/ 417)، المغرب (2/ 393)، تفسير القرطبي (5/ 170)، تحرير ألفاظ التنبيه (259)، المطلع (ص: 329).
جاز له ضربها ضربا غير مبرح كوسيلة أخيرة لإصلاحها وحملها على أداء ما يجب عليها من حقوق الزوجية. ودليل ذلك كله قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (1)، فالخوف في الآية بمعنى العلم قاله ابن عباس، وقيل بمعنى الظن لما يبدو من دلائل النشوز، والضرب في الآية هو ضرب الأدب غير المبرح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها فإن المقصود منه الصلاح لا غير، وأما ما يؤدي إلى الهلاك فيجب فيه الضمان (2).
وقد نصت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية على هذه المراحل في فتواها رقم (6295)(3).
أما إذا خافت المرأة نشوز زوجها أو إعراضه عنها لرغبته عنها إما لمرض بها أو كبر أو دمامة فلا بأس إذا رغبت أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك لقول الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (4). وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في هذه الآية: "هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج عليها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي"(5)، وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: "أن سودة بنت زمعة-رضي الله عنها حين أسنت
(1) سورة النساء: 34.
(2)
زاد المسير (2/ 75)، القرطبي (5/ 172).
(3)
19/ 225.
(4)
سورة النساء: 128.
(5)
البخاري برقم (4910)، ومسلمٌ برقم (3021).