الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم التبني
كان التبني معروفًا في الجاهلية وهو أن يلحق الرجل شخصًا أجنبيًا بنسبه، فيكون كالولد الحقيقي في نسبه وإرثه ونصرته ونحو ذلك. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيد بن حارثة قبل الرسالة فكان يدعى زيد بن محمد، ثم جاء تحريم ذلك بقوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1). ولحديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" رواه البخاري ومسلمٌ (2).
فلا يجوز أن يتبنى أحد أجنبيًا عنه ويلحقه بنسبه كأحد أولاده أو بناته بحيث يكون له حقوق الأبناء الشرعية، وسواء كان الشخص معلوم النسب أم لا. وقد أفتت بهذا الحكم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في عدد من فتاواها من ذلك فتاواها رقم (53)، ورقم (6006)، ورقم (3000)، ورقم (3149)(3).
استحباب رعاية الأطفال مجهولي النسب:
لا يعني إبطال الشرع للتبني عدم مشروعية الإحسان إلى الأيتام واللقطاء ونحوهم من مجهولي النسب، بل قد أوجب الشرع رعايتهم على بيت المال.
(1) سورة الأحز اب: 4 - 5.
(2)
صحيح البخاري برقم (6385)، وصحيح مسلم برقم (63).
(3)
20/ 344 ، 349 ، 353 ، 351.
ويستحب للفرد المتقدم لطلب رعاية أحد هؤلاء وتربيته وتنشئته بحيث يتربى في أحضان الأسرة بشرط أن لا يلحقه بنسبه مع مراعاة أحكام الشريعة من حيث الاختلاط لأن حكمه في الأسرة حكم الأجنبي شرعًا وإن أمكن إرضاعه من إحدى المحارم لكان أولى حتى يكون كأحد أولادهم من حيث الخلوة والمحرمية.
ودليل استحباب ذلك عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1). وقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" رواه مسلم (2)، وحديث:"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" رواه البخاري ومسلمٌ (3). ولأن ذلك يعينه على تأمين مستقبل زاهر له ويكفل للأمة الأمان من شر سوء تربيته.
وقد أفتتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (8592)(4)، وفي الفتاوى التي تقدّمت الإشارة إليها قريبا.
(1) سورة المائدة: 2.
(2)
صحيح مسلم برقم (2586).
(3)
صحيح البخاري برقم (467، و 2314، و 5680)، وصحيح مسلم برقم (2585).
(4)
(20/ 359).