الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جائز فما ترتب عليه من الرضاع والحضانة ونحو ذلك يكون مشروعا تباعا. ولكن يكره الرضاع من الفاجرة لقول عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما: "اللبن يشبه عليه فلا تستق من يهودية ولا نصرانية ولا زانية"(1). ولأن لبن الفاجرة ربما أفضى إلى شبه المرضعة في الفجور فإنه يقال إن الرضاع يغير الطباع.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة بجواز أن تكون المرضع نصرانية في فتواها رقم (4668)(2).
3 - أن يبلغ عدد الرضعات ما يحرّم شرعًا:
وقد اختلف الفقهاء هل يشترط للرضاع المحرم عددًا معينًا أم لا؟ على أقوال أهمها ما يأتي:
الأول: يشترط له خمس رضعات فصاعدًا وهو مذهب الشافعية والصحيح في مذهب الحنابلة (3). واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن" رواه مسلم (4).
وعن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة فأرضعت سالما خمس رضعات فكان يدخل عليها بتلك الرضاعة" رواه مالك (5). قالوا إن هذين
(1) هكذا ذكره الموفق في المغني وقد أخرج عبد الرزاق [7/ 476 (13593)] ، وسعيد بن منصور [2/ 147 (2299)]، والبيهقيُّ (7/ 464) عن رجل من بني عتوارة قال:"جلست إلى ابن عمر فقال لي: من بني فلان أنت قلت لا ولكنهم أرضعونى فقال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن اللبن يشبه عليه". وأخرج البيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال: "اللبن يشبه عليه".
(2)
21/ 61.
(3)
المهذب (2/ 156)، مغني المحتاج (3/ 416)، المغني (9/ 192)، الإنصاف (9/ 334).
(4)
صحيح مسلم برقم (1452).
(5)
الموطأ [2/ 605 (1265)]، وأحمدُ (6/ 255).
الحديثين وأمثالهما مبينة للآية في تحديد الرضاعة المحرمة.
الثاني: أن قليل الرضاع وكثيره يحرّم وهو مذهب الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة (1). واستدلوا بعموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (2)، وعموم حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" متفق عليه (3).
وقالوا إن ما ورد فيه التقدير منسوخ بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما حين قيل له: إن الناس يقولون إن الرضعة لا تحرم، فقال:"كان ذلك ثم نسخ"(4).
وما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "آل أمر الرضاع إلى أن قليله وكثيره يحرم"(5).
وعن عمرو بن دينار قال: "سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن شيء من أمر الرضاع فقال: لا أعلم إلا أن الله قد حرم الأخت من الرضاعة فقلت: إن أمير المؤمنين ابن الزبير يقول: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا المصة ولا المصتان فقال ابن عمر رضي الله عنه: قضاء الله خير من قضائك وقضاء أمير المؤمنين معك"(6). وفي رواية
(1) أحكام القرآن للجصاص (2/ 113)، بدائع الصنائع (4/ 7)، شرح فتح القدير (3/ 438)، تبيين الحقائق (2/ 182)، بداية المجتهد (2/ 27)، تفسير القرطبي (5/ 109)، المغني (9/ 192).
(2)
سورة النساء: 23.
(3)
صحيح البخاري برقم (2503، و 4941)، وصحيح مسلم برقم (1444).
(4)
لم أجده، وقد روى البيهقي في سننه (7/ 458) عن ابن عباس أنه كان يقول:"قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد".
(5)
لم أجده وقد أخرج البيهقي في سننه (7/ 458) عن علي وابن مسعود رضي الله عنه قالا: "يحرم من الرضاع قليله وكثيره".
(6)
أخرجه سعيد بن منصور (1/ 281)، وعبد الرزاق [7/ 467 (13919)]، والدارقطنيُّ (4/ 183)، والبيهقيُّ (7/ 458).
أخرى عن شعبة عن عمرو بن دينار سمع رجلا قال لابن عمر رضي الله عنه: "إن أمير المؤمنين بن الزبير رضي الله عنهما يقول: لا تحرم الرضعة والرضعتان فقال بن عمر رضي الله عنهما: كتاب الله عز وجل أصدق من أمير المؤمنين: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (1) "(2).
الثالث: لا يثبت التحريم إلا بثلاث رضعات فأكثر وهو رواية عند الحنابلة (3). واستدلوا بحديث: "لا تحرّم المصة والمصتان" رواه مسلم (4)، وعن أم الفضل بنت الحارث قالت: دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال: يا نبي الله إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرّم الإملاجة والإملاجتان" رواه مسلم (5). وفي لفظ عنده أيضًا أن أم الفضل حدثت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم -قال: "لا تحرّم الرضعة أو الرضعتان أو المصة أو المصتان"، ولأن ما يعتبر فيه العدد والتكرار يعتبر فيه الثلاث.
القول الرابع: لا يحرم دون عشر رضعات روي ذلك عن حفصة وعائشة (6)؛ لما جاء في بعض روايات حديث سهلة بنت سهيل قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأرضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك كيف شاء
…
" رواه أحمد (7) وما رواه مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة أم المؤمنين
(1) سورة النساء: 23.
(2)
أخرجه البيهقيُّ (7/ 458).
(3)
المغني (9/ 193).
(4)
صحيح مسلم برقم (1450).
(5)
صحيح مسلم برقم (1451).
(6)
المغني (9/ 193)، فتح الباري (9/ 146).
(7)
المسند (6/ 269).