الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن حق الزوج على الزوجة أن لا تصوم تطوعًا إلا بإذنه فان فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع" قالت: لا جرم لا أتزوج أبدا (1) وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع"(2) متفق عليه، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا لإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه وما أنفقت من نفقة من غير إذنه فإنه يرد إليه شطره"(3) رواه البخاري.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بعدم جواز خروج المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه في عدد من فتاواها من ذلك الفتوى رقم (18280)، ورقم (1136)، ورقم (3429)، ورقم (7484)، ورقم (7731)، ورقم (15668)، ورقم (5666)، وأفتت بعدم جواز إدخالها أحدا بيتها من غير إذنه في فتواها رقم (4313)، كما أفتت بعدم جواز صومها تطوعًا إلا بإذنه في فتواها رقم (19541)، وذكرت اللجنة جملة من هذه الحقوق في فتواها رقم (3377)(4).
هل من حق الزوج خدمة زوجته له:
لا خلاف بين الفقهاء في مشروعية خدمة الزوجة لزوجها في بيت الزوجية، ونقل بعض العلماء الإجماع في ذلك (5)، واختلفوا هل يجب ذلك عليها أم لا على
(1) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 306 - 307): "رواه البزار، وفيه حسين بن قيس المعروف بحنش وهو ضعيف، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله ثقات".
(2)
البخاري برقم (4898)، ومسلمٌ برقم (1436).
(3)
البخاري برقم (4899).
(4)
19/ 165، 169، 353، 262، 367، 368، 371، 373.
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم (17/ 101).
قولين (1):
القول الأول: أن خدمة الزوجة لزوجها ليست واجبة عليها، ولكن الأولى لها خدمته بما جرت العادة به، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية. وحجتهم في ذلك أن المعقود عليه هو الاستمتاع بها فلا يلزمها ما سواه، ويؤيد ذلك قوله تعالى:{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} (2).
القول الثاني: أن المرأة يجب عليها خدمة زوجها وإليه ذهب الحنفية وجمهور المالكية وبعض الحنابلة، على أن لهم شيء من التفصيل، فالحنفية يقولون بوجوب ذلك ديانة، وأنه لا يجوز لها أن تأخذ من زوجها أجرًا على خدمتها له؛ ويستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على علي.
وجمهور المالكية يقيدون ذلك بخدمة المثل في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها كالعجن والكنس، والفرش، واستقاء الماء ونحو ذلك، واستدلوا بقوله تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (3)، وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم على ذلك. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه بخدمته ففي حديث الأضحية عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها:"يا عائشة هلمي المدية" ثم قال: "اشحذيها بحجر" ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه (4) رواه مسلم، وفي حديث أهل الصفة أنه قال:"يا عائشة أطعمينا" فقربت
(1) المبسوط للسرخسي (11/ 33)، بدائع الصنائع (4/ 192)، المنتقى للباجي (4/ 130)، شرح الخرشي على خليل (4/ 187)، حاشية الدسوقي (2/ 511)، المهذب للشيرازي (2/ 67)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 147)، المغني لابن قدامة (8/ 130)، كشاف القناع (5/ 195).
(2)
سورة النساء: 34.
(3)
سورة البقرة: 228.
(4)
مسلم برقم (1967).
حشيشة، ثم قال:"يا عائشة أطعمينا" فقربت حيسا، ثم قال:"يا عائشة اسقينا" فجاءت بعس فشرب ثم قال: "يا عائشة اسقينا" فجاءت بعس دونه (1). ولقصة علي وفاطمة رضي الله عنهما فعن علي رضي الله عنه أن فاطمة-رضي الله عنها شكت ما تلقى من أثر الرحى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال: "على مكانكما" فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري وقال: "ألا أعلمكما خيرًا مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعًا وثلاثين وتسبحان ثلاثًا وثلاثين وتحمدان ثلاثًا وثلاثين فهو خير لكما من خادم". رواه البخاري (2). وكان الصحابة يأمرون أزواجهم بالطحن وإعداد الخبز، والطبخ، وتقريب الطعام، وفرش الفراش ونحو ذلك، فلولا أن الخدمة في مثل ذلك كانت مستحقة لما طالبوهن بذلك (3).
الراجح: هو القول الأخير وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فتجب على المرأة خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويختلف ذلك باختلاف الأحوال. وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (9404)(4) حيث نصت على أن الواجب في ذلك يحتلف باختلاف طبقات الناس وما جرى به عرفهم وعاداتهم.
(1) رواه أحمد (3/ 429، 5/ 426)، وأبو داود برقم [4/ 309 (5040)]، والنسائيُّ في الكبرى [4/ 145 (6621)، 146 (6622)، 4/ 161 (6695)]، وابن حبان [12/ 358 (5550)]، والطبرانيُّ في الكبير [8/ 328 (8229)، (8232)]، والحاكم في المستدرك (4/ 301) وذكره المنذري في الترغيب ونقل فيه اضطرابًا واختلافًا كثيرًا.
(2)
صحيح البخاري برقم (3502).
(3)
تفسير القرطبي (3/ 154).
(4)
19/ 218.