الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (1)، وأنه سبحانه لم يحدد أكثر ذلك ولا أقله فدخل فيه القليل والكثير. وما تقدم من حديث سهل ابن سعد وقد ورد فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"التمس ولو خاتمًا من حديد" متفق عليه. وحديث عامر بن ربيعة: أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " قالت: نعم، فأجازه (2)، وحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو أن رجلًا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعامًا كانت له حلالًا"(3). ولأنه بدل منفعة المرأة فجاز كل ما رضيت به من المال.
الراجح: هو القول الثاني لقوة ما استندوا إليه وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (3424)، ورقم (20229)، ورقم (17332) (4). أما أدلة القول الأول فهي ضعيفة. قال ابن حجر في الفتح:"وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء"(5).
استحباب تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه:
السنة في الصداق أن لا يغالى فيه لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"(6)، وما رواه ابن أبي الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1) سورة النساء: 24.
(2)
أخرجه الطيالسي [1/ 156 (1143)]، وأحمدُ (3/ 445، 446)، وابن ماجه [1/ 608 (1888)]، والترمذيُّ [3/ 420 (1113)]، وقال:"حسنٌ صحيحٌ"، وأبو يعلى [13/ 151 ، 155 (7194) ، (7197)].
(3)
رواه أحمد (3/ 355).
(4)
19/ 29 ، 44.
(5)
9/ 211.
(6)
رواه أحمد (6/ 145)، والنسائيُّ في الكبرى [5/ 402 (9274)]، والحاكم في المستدرك (2/ 194) وقال:"على شرط مسلم ولم يخرجاه"، والبيهقيُّ (7/ 235).
"تياسروا في الصداق إن الرجل يعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة (1)، وحتى يقول: ما جئتك حتى سقت إليك علق القربة (2) "(3)، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال:"سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونَشًّا، قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه"(4) رواه مسلم. وعن أبي العجفاء قال: قال عمر رضي الله عنه: "ألا لا تغالوا في صدقات النساء فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغالي بصدقة امرأته حتى يبقى له في نفسه عداوة، وحتى يقول كلفت لك علق القربة أو عرق القربة (5) "(6).
(1) حسيكة: أي عداوة وحقدا. غريب الحديث للخطابي (1/ 266)، الفائق للزمخشري (4/ 127)، النهاية لابن الأثير (1/ 386) و (5/ 295).
(2)
والمعنى تكلفت كل شيء حتى علق القربة وهو حبلها وعصامها. ويروى بالراء ومعناه عندئذ نصبت لك وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة. غريب الحديث لأبى عبيد (3/ 286)، غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 89)، النهاية في غريب الحديث (3/ 290).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف [6/ 174 (10398)]، والخطابي في غريب الحديث (1/ 266)، والديلمي كما أشار إليه المناوي في فيض القدير (2/ 6).
(4)
صحيح مسلم برقم (1426).
(5)
معنى عرق القربة أي نصبت لك وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة. غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 286)، غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 89)، النهاية في غريب الحديث (3/ 290).
(6)
رواه وابن ماجه [1/ 607 (1887)]، والدارميُّ [2/ 120 (2200)]، وأبو داود [2/ 235 (2106)]، والترمذيُّ [3/ 422 (1114)]، والحاكم في المستدرك (2/ 193، 192) وصححه. قال الحافظ في الفتح (9/ 204): "وأصل قول عمر لا تغالوا في صدقات النساء عند أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم لكن ليس فيه قصة المرأة".
والمنهي عنه هو المبالغة في المهر أما الزيادة المعقولة فجائزة فقد روى عروة عن أم حبيبة رضي الله عنها "أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة"(1)، إذ لو كان ذلك مكروها لأنكره صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية أنه لا ينبغي المغالاة في المهور (16384)(2).
(1) رواه أبو داود (2/ 235)، والنسائيُّ (7/ 428)، والدارقطنيُّ (3/ 246)، والبيهقيُّ (7/ 139)، والحاكم في المستدرك (2/ 198) وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
(2)
19/ 73.