الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يجوز النظر إليه من المخطوبة:
أما الوجه فلا خلاف بين الفقهاء في جواز النظر إليه منها (1)، واختلف فيما سواه على قولين:
الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية (2) إلى جواز النظر إلى الكفين دون ما سواهما لأنه عورة. وقالوا في الاكتفاء بالنظر إلى الوجه والكفين أن الوجه يدل على الجمال من عدمه واليدان يدلان على خصابة البدن وطراوته من عدم ذلك. واستدلوا على جواز النظر إلى ذلك بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (3)، وأن المقصود بما ظهر منها موضع الزينة وهما الوجه والكفان.
الثاني: ذهب الحنابلة في المذهب عندهم إلى جواز النظر إلى كل ما يظهر غالبا كاليدين والرقبة والقدمين (4).
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بالرأي الثاني في فتواها رقم (10928)(5).
أخذ رأي المرأة في النكاح:
لا تخلو حال المرأة التي يراد تزويجها من أن تكون ثيبًا أو بكرا، فإن كانت ثيبًا فلا يخلو حالها إما أن تكون كبيرة، وإما أن تكون صغيرة:
(1) المغني (7/ 453).
(2)
الهداية شرح بداية المبتدئ (4/ 83)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (2/ 215)، المهذب (2/ 34)، مغني المحتاج (3/ 128).
(3)
سورة النور: 31.
(4)
المغني (7/ 454)، الإنصاف (8/ 18)، كشاف القناع (5/ 10).
(5)
18/ 75.
فأما الكبيرة فلا خلاف بين الفقهاء أنه لا يجوز للأب ولا غيره تزويجها إلا بإذنها إلا الحسن فإنه قال: له تزويجها وإن كرهت وهو قول شاذ (1).
واستدل الجمهور بحديث الخنساء بنت خدام الأنصارية: "أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه" رواه البخاري (2). قال ابن عبد البر: "وهذا حديث صحيح مجتمع على صحته وعلى القول به
…
ولا أعلم مخالفًا في أن الثيب لا يجوز لأبيها ولا لأحد من أوليائها إكراهها على النكاح إلا الحسن البصري
…
" (3).
وأما إن كانت صغيرة فلا يجوز تزويجها بغير إذنها في مذهب الشافعية ووجه عند الحنابلة (4)، لعموم ما تقدم. وأجاز الحنفية والمالكية والحنابلة في وجه (5) لأبيها تزويجها من غير أخذ رأيها؛ لأنها صغيرة فجاز إجبارها كغير الثيب.
وأما البكر فلا خلاف بين الفقهاء أنها إن كانت صغيرة جاز لأبيها أن يزوجها بغير إذنها، وأما إن كانت كبيرة بالغة وعاقلة فلا خلاف بين الفقهاء في استحباب أخذ إذنها (6)، واختلفوا هل للأب تزويجها بغير إذنها على قولين:
الأول: يجوز له ذلك وهو مذهب المالكية والشافعية، والصحيح من مذهب
(1) المغني (7/ 385).
(2)
صحيح البخاري برقم (6546).
(3)
التمهيد (19/ 318)، الاستذكار (5/ 468).
(4)
المغني (7/ 385).
(5)
بدائع الصنائع (2/ 241)، الهداية شرح بداية المبتدئ (1/ 196)، المنتقى للباجي (3/ 267)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 133)، حاشية الدسوقي (2/ 222)، المهذب (2/ 37)، المغني (7/ 385)، الإنصاف (8/ 55).
(6)
المغني (7/ 384).
الحنابلة (1)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها وإذنها صماتها" رواه مسلم (2) فدل على أن الولي أحق بالبكر وإن كانت بالغة.
والوصي عند المالكية كالأب، والجد عند الشافعية كالأب عند فقده أو عدم أهليته.
الثاني: لا يجوز له ذلك وهو مذهب الحنفية وهو رواية عند الحنابلة (3)؛ لأنها حرة مخاطبة فلا يكون للغير عليها ولاية الإجبار كالبالغة لأن الولاية على الصغيرة لقصور عقلها وقد كمل بالبلوغ.
أما غير الأب: فلا يملك ولاية الإجبار على البكر لحديث نافع أن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما تزوج بنت خاله عثمان بن مظعون فذهبت أمها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إن ابنتي تكره ذلك، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفارقها وقال:"لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن فإن سكتن فهو إذنهن" فتزوجت بعد عبد الله المغيرة بن شعبة" (4).
صورة الإذن: إذن الثيب أن تتكلم برأيها صراحة، وأما البكر فإذنها أن تتكلم صراحة بموافقتها أو أن تسكت لأنها قد تستحي أن تنطق بالموافقة فجعل الشرع صماتها بمثابة الإذن الصريح، وهو قول الجمهور والصحيح من مذهب
(1) المنتقى للباجي (3/ 267)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 133)، حاشية الدسوقي (2/ 222)، المهذب (2/ 37)، روضة الطالبين (7/ 53)، المغني (7/ 380)، الإنصاف (8/ 55).
(2)
صحيح مسلم برقم (1421).
(3)
بدائع الصنائع (2/ 241)، الهداية شرح بداية المبتدي (1/ 196)، المغني (7/ 380)، الإنصاف (8/ 55).
(4)
أخرجه المحاملي في أماليه (ص: 325)(348)، والدراقطني (3/ 229)، والبيهقيُّ (7/ 121).