الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزواج من نساء أهل الكتاب:
يجوز للمسلم أن يتزوج من نساء أهل الكتاب اليهود والنصارى إذا توافرت فيهن شروط الزواج الأخرى، وقد نقل الموفق عن ابن المنذر قوله: ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك (1). ودليل ذلك قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} (2).
وإجماع الصحابة على ذلك نقله ابن قدامة (3)، ويؤيده حديث أبي وائل شقيق ابن سلمة قال:"تزوج حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يهودية فكتب إليه عمر رضي الله عنه: طلقها، فكتب إليه: أحرام هي؟ فكتب إليه: لا، ولكني خفت أن تعاطوا المومسات منهن"(4).
وعن عبد الله بن السائب من بني المطلب "أن عثمان بن عفان رضي الله عنه نكح ابنة الفرافصة الكلبية وهي نصرانية على نسائه ثم أسلمت على يديه"(5)، وفي رواية عن محمَّد بن جبير بن مطعم:"أن عثمان بن عفان رضي الله عنه تزوج بنت الفرافصة وهي نصرانية ملك عقدة نكاحها وهي نصرانية حتى حنفت حين قدمت عليه"(6).
(1) المغني (7/ 500). وانظر بداية المجتهد (2/ 33).
(2)
سورة المائدة: 5.
(3)
المغني (7/ 500).
(4)
رواه عبد الرزاق [7/ 177 (12670)]، وسعيد بن منصور [1/ 224 (716)] وابن أبى شيبة (3/ 474)، والطبريُّ فى تفسيره (2/ 378)، والبيهقيُّ (7/ 172). قال الحافظ فى التلخيص (3/ 357):"لا بأس بسنده".
(5)
رواه البيهقي (7/ 172).
(6)
رواه البيهقي (7/ 172).
وعن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال: "تزوجناهن زمن الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي قاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن وقال لا يرثن مسلما ولا يرثهن ونساؤهم لنا حل ونساؤنا عليهم حرام"(1). وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: "شهدنا القادسية مع سعد ونحن يومئذ لا نجد سبيلا إلى المسلمات وتزوجنا اليهوديات والنصراينات فمنا من طلق ومنا أمسك"(2).
وعن هبيرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "تزوج طلحة رضي الله عنه يهودية"(3).
وإذا ثبت ذلك فالجمهور من المالكية والشافعية في الصحيح عندهم والحنابلة (4) على كراهة الزواج منهن خوفًا من أن يميل إليها فتفتنه عن الدين، ولحديث علي بن أبي طلحة عن كعب أنه أراد أن يتزوج يهودية أو نصرانية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنهاه عنها وقال:"إنها لا تحصنك"(5)، ولأمر عمر رضي الله عنه
(1) رواه الشافعي في الأم (5/ 7)، وعبد الرزاق [7/ 178 (12677)]، والبيهقيُّ (7/ 172). وذكره الحافظ في التلخيص (3/ 357) وقال:"رواه الشافعي، وروى ابن أبي شيبة نحوه وسكت عليه".
(2)
رواه ابن أبي شيبة (3/ 475).
(3)
رواه عبد الرزاق [6/ 79 (10060)] و [7/ 178 (12673)]، وابن أبي شيبة (3/ 478) ولفظه:"أن طلحة تزوج نصرانية"، وفي آخر:"تزوج رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يهودية" والبيهقيُّ واللفظ له (7/ 172)، وذكره الحافظ في التلخيص (3/ 357) وسكت عليه.
(4)
المدونة (4/ 307) ط. دار صادر، المهذب (2/ 44)، مغني المحتاج (3/ 187)، الكشاف (5/ 84).
(5)
رواه سعيد بن منصور [1/ 224 (715)]، وابن أبي شيبة 5/ 536 (28752)، والطبرانيُّ في الكبير [19/ 103 (205)]، وابن عدي في الضعفاء (2/ 39)، والدارقطنيُّ (3/ 148)، ورواه أبو داود مرسلًا في المراسيل (ص: 181). قال الدارقطنيُّ عقبه: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف
للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب أن يطلقوهن كما تقدم، وكأكل ذبائحهم بلا حاجة تدعو إليه.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بجواز الزواج من نساء أهل الكتاب إذا توافرت لذلك شروط الزواج الأخرى في فتواها رقم (1113)(1).
وأما الأمة من أهل الكتاب فقد ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة (2) إلى عدم جواز الزواج منها؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (3)، حيث قيدهن بالمسلمات، وحتى لا يؤدي ذلك إلى استرقاق الكافر ولدها المسلم.
وأجاز الحنفية الزواج منها من غير فرق بينها وبين الحرة (4).
= وعلى بن أبي طلحة لم يدرك كعبا، وقال الزيلعيُّ في نصب الراية (3/ 328): "رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه والدارقطنيُّ في سننه وابن عدي في الكامل
…
قال الدارقطني وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا" انتهى. وقال ابن عدي: "أبو بكر ابن أبي مريم بكير الغساني الغالب على حديثه الغرائب قل ما يوافقه عليه الثقات وهو ممّن لا يحتج بحديثه وتكتب أحاديثه فإنها صالحة" انتهى. وأخرجه أبو داود في المراسيل عن بقية بن الوليد عن عتبة بن تميم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك به فذكره قال بن القطان في كتابه: "هذا حديث ضعيف ومنقطع فانقطاعه فيما بين علي بن أبي طلحة وكعب بن مالك وضعفه من جهة عتبة بن تميم فإنه ممّن لا يعرف حاله وقد رواه عنه بقية وهو ممّن عرف ضعفه ولا يعلم روى عن عتبة بن تميم إلا بقية وإسماعيل" انتهى.
(1)
18/ 176.
(2)
المدونة (2/ 219)، مغني المحتاج (3/ 185)، كشاف القناع (5/ 84).
(3)
سورة النساء: 25.
(4)
بدائع الصنائع (2/ 270)، الهداية شرح بداية المبتدي (1/ 193)، المبسوط (5/ 110).