الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا" (1)، ولأنه تحريم للزوجة بغير طلاق فوجبت به كفارة الظهار كما لو قال: أنت علي حرام كظهر أمي. ولأنه صريح في تحريمها فكان ظهارًا وإن نوى غيره كما لو قال: أنت علي كظهر أمي.
الثالث: ذهب المالكية في المشهور عندهم (2) إلى أن التحريم يقع به الطلاق ثلاثًا في حق المدخول بها ونيته في غير الدخول بها.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في ألفاظ التحريم أنها ظهار كما في قول الزوج لزوجته: تراك علي حرام مدة عام في فتواها رقم (1178)، وقول زوج آخر: أنت علي حرام اعتبارًا من هذا اليوم في فتواها رقم (1172)(3).
وفي الفتوى رقم (9010) في قول الرجل: "أنت محرمة علي لن أقترب منك ولن أجامعك" فأفتت بأنه إن كان قصده من التحريم الظهار فهو ظهار وإن قصد به الطلاق فهو طلاق وإن قصد به اليمين فهو كذلك (4).
آثار الظهار:
1 -
حرمة الوطء قبل التكفير:
لا خلاف بين الفقهاء أن المظاهر يحرم عليه وطء زوجته قبل أن يكفر عن ظهاره إذا كان فرضه في الكفارة العتق أو الصيام (5) لقوله عز وجل: {يُظَاهِرُونَ مِنْ
(1) ذكره ابن قدامة في المغني (8/ 303).
(2)
الكافي لابن عبد البر (1/ 165)، تفسير القرطبي (18/ 180 - 182)، التاج والإكليل (4/ 54)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 152)، حاشية الدسوقي (2/ 380).
(3)
20/ 266، 275، 277، 282.
(4)
(20/ 298).
(5)
روضة الطالبين (8/ 268)، مغني المحتاج (3/ 357)، المغني (8/ 566)، الإنصاف (9/ 203)، كشاف القناع (5/ 374).
نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1)، وهو أمر المظاهر بتحرير رقبة قبل المسيس فلو لم يحرم الوطء قبل المسيس لم يكن للأمر بتقديم التحرير قبل المسيس معنى ومثل ذلك في الصيام، ولحديث ابن عباس رضي الله عنه: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال: يا رسول الله إني قد ظاهرت من زوجتي فوقعت عليها قبل أن أكفر، فقال:"وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال:"فلا تقربها حتى تفعل أمرك به الله" رواه أصحاب السنن (2). وفي رواية: "استغفر الله ولا تعد حتى تكفر"(3) فأمره صلى الله عليه وسلم بالاستغفار ولا يكون ذلك إلا عن الذنب فدل على حرمة الوطء، ونهاه صلى الله عليه وسلم عن العود إلى الجماع ومطلق النهي للتحريم فيدل على حرمة الجماع قبل الكفارة.
(1) سورة المجادلة: 3 - 4.
(2)
رواه ابن ماجة برقم (2065)، وأبو داود برقم (2223)، والترمذيُّ برقم (1199) وقال عقبه:"حديثٌ حسنٌ غريب صحيح"، والنسائيُّ برقم (3457).
قال الحافظ في الفتح بعد ذكر أسانيد الحديث (9/ 433): "وأسانيد هذه الأحاديث حسان". وقال في الدراية (2/ 76): "وقد أخرجه أصحاب السنن والبزار من طريق ابن حبان عن عكرمة عن ابن عباس
…
صححه الترمذيُّ ورجح النسائي إرساله، وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن ابن عباس وفيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف". وقال صاحب تحفة المحتاج (2/ 407):"رواه الأربعة وقال الترمذيُّ حسن غريب صحيح وقال النسائي وأبو حاتم مرسلًا أصوب وروى الحاكم الأول واستشهد له". وقال الصنعاني في سبل السلام (3/ 186): "رواه الأربعة وصححه الترمذيُّ ورجح النسائي إرساله ورواه البزار من وجه آخر عن ابن عباس وزاد فيه كفر ولا تعد".
(3)
قال الحافظ في الدراية (2/ 76): "لم أجد في شيء من طرقه ذكر الاستغفار".
أما إذا كان فرضه في الكفارة الإطعام فالجمهور على أن ذلك لا يجوز أيضًا حتى يكفر قياسًا على الكفارة.
2 -
حرمة الاستمتاع بما دون الوطء:
اختلف الفقهاء هل يحرم الاستمتاع بالزوجة المظاهر منها بالمباشرة والتقبيل واللمس عن شهوة ونحو ذلك قبل التكفير عن الظهار أم لا؟ على قولين:
الأول: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في القديم والحنابلة في المذهب عندهم (1) إلى أنه يحرم؛ لقوله عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وأخف ما يقع عليه اسم المس هو اللمس باليد إذ هو حقيقة لهما جميعا أعني الجماع واللمس باليد لوجود معنى المس باليد فيهما؛ ولأن الاستمتاع داع إلى الجماع فإذا حرم الجماع حرم الداعي إليه إذ لو لم يحرم لأدى إلى التناقض، ولأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام.
الثاني: ذهب الشافعية في الجديد والحنابلة في رواية إلى جوازه (2)؛ لأنه وطء يتعلق بتحريمه حال فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض. وقالوا: إن قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} محمول على الجماع كقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (3).
وعلى القول بالتحريم لا ينبغي للمرأة إذا ظاهر منها زوجها أن تدعه يقربها بالوطء والاستمتاع حتى يكفر؛ لأن ذلك حرام عليه والتمكين من الحرام
(1) بدائع الصنائع (3/ 234)، الإفصاح (2/ 165)، الشرح الصغير (3/ 475)، تفسير القرطبي (17/ 277)، المغني (8/ 567)، روضة الطالبين (8/ 269)، مغني المحتاج (3/ 357)، الإنصاف (9/ 204)، كشاف القناع (5/ 374).
(2)
روضة الطالبين (8/ 269)، مغني المحتاج (3/ 357)، المغني (8/ 567)، الإنصاف (9/ 204).
(3)
سورة البقرة: 237.