المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]؛ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٣

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ:

- ‌ فائِدَة سابِعَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ عاشِرَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثَالِثَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ تَنبِيهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ عِشرينَ فائِدَةً:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وِعِشرونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَعِشرونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ وَعِشرونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَعِشرونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَعِشرُونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وَعِشرُونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَعِشرُونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَعِشرُونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَعِشْرونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تَتِمُّ بِها ثَلاثونَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَثَلاثونَ:

- ‌ فائِدَة ثانِيَةٌ وَثَلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَة سادِسَة وَثَلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَثلاثونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ أَرْبَعينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَأَرْبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَأَرْبَعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ وَأَربعونَ:

- ‌وفي معناه وجهان:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَأَرْبَعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَأَربعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وَأَرْبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَأَرْبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَأَرْبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَأَربعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ خَمسينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ وَخَمْسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَخَمسونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ سِتِّينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَسِتُّونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ سَبْعِينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثة وَسبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَسَبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَسَبعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَسَبْعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ ثَمانِينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَة ثالِثَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائدَةٌ سادِسَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وَثَمانونَ:

- ‌ فائِدَةٌ هِيَ تَمامُ تِسْعِينَ فائِدَةً:

- ‌ فائِدَةٌ حادِيَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدٌ ثالِثةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ وتسعونَ:

- ‌ فائِدَةٌ بِها تَتِمُّ مِئةُ فائِدَةٍ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أخرَى:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثةٌ:

- ‌ فائِدةٌ رابِعَةٌ:

- ‌فَصْلٌ في أحكام تتعلق بالأولياء رضي الله عنهم

- ‌ تَنبِيهٌ:

- ‌ تَنبِيهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ أَوَّلٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ ثانٍ:

- ‌[فائدة]

- ‌ فائِدَةٌ أُخْرَىْ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ تاسِعَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ عاشِرَةٌ:

- ‌ فائِدَة حاديةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ سادِسَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ سابِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ ثامِنَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِمَةٌ تاسِعَةَ عَشْرَةَ:

- ‌ فائِدَةٌ مُتَمِّمَةُ الْعِشْرِيْنَ:

- ‌ تنبِيْهٌ نَفِيْسٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ مُهِمَّةٌ، وَخاتِمَةٌ حَسَنَةٌ:

- ‌(4) باب التَّشَبُّه بِالشَّهَدَاءِ

- ‌عوداً على بدء:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلُ

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]؛ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر

وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]؛ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال: "لا، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُوْمُ وَيتَصَدَّقُ وُيصَلّي، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُ أَنْ لا يُقبَلَ مِنْهُ"(1).

والحكمة في ذلك أنهم لا يرون أنفسهم أهلاً للقرب، ولا أعمالهم أهلاً للقَبول، ويرون أنفسهم مقصرين في حق الله تعالى.

وقال الحسن: كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر، ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله. رواه الإِمام عبد الله بن المبارك في "الزهد"، وغيره (2).

وروى أبو نعيم عن سفيان الثوري رحمه الله: أنَّ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ضرب بيدهِ على بطنه، فقال: بطني بطيء عن عبادة ربه، متلوث بالذنوب والخطايا، يتمنى على الله منازل الأبرار بخلاف أعمالهم (3).

*‌

‌ تَتِمَّةٌ:

روى ابن ماجه، والحاكم وصححه، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ يَسِيْرَ الرِّيَاءِ

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 159)، والترمذي (3175)، وابن ماجه (4198)، والحاكم في "المستدرك"(3486) والبيهقي في "شعب الإيمان"(762).

(2)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 6)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: 284).

(3)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 287).

ص: 467

شِرْكٌ، وإنَّ مَنْ عَادَى وَلِيًّا للهِ فَقَدْ بَارَزَ الله بِالمُحَارَبَةِ، وَإِنَ اللهَ تَعَالى يُحبُّ الأَبْرَارَ الأتقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ، الَذِيْنَ إِذَا غَابُوْا لَمْ يُفْتَقَدُوْا، وإذَا حَضَرُوْا لَمْ يُدْعَوْا، ولَمْ يُعْرَفُوْا، مَصَابِيْحَ الهُدَى، يَخْرُجُوْنَ مِنْ كُل غَبْرَاءَ مُظْلِمَة" (1).

وهذا الحديث فيه فوائد جليلة:

- منها: أنَّ الأبرار أحباب الله تعالى، وهي محبة خاصة أخص من محبة المؤمنين المشروطة بالاتباع في قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].

وإنما شرطت محبة الله بالاتباع لا بالمحبة؛ لأن المحبة لا تتحقق إلا به، ولذلك قيل (2): المحبة هي موافقة الحبيب.

وفي نفس الأمر لا تترتب محبة الله تعالى للعبد إلا على محبة العبد لله، فالأبرار ما كانوالله أحبابا حتى كانوا لهُ محبين، وإن كانت محبة الله سابقة على محبتهم إياه؛ بدليل قوله تعالى:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].

ومنه قول أبي يزيد رضي الله عنه: إنه غلط في بدايته في أمور؛ منها: أنه كان يحسب أنه يحب الله، فإذا محبة الله متقدمة على محبته، فإنا نقول: يحب الله تعالى العبد فيوفقه لحبه، فيحبه العبد، فيحبه الله تعالى محبة خاصة هي جزاء محبته، فالبار من العباد من وفق لمحبة الله تعالى فأحبه،

(1) رواه ابن ماجه (3989)، والحاكم في "المستدرك"(4)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6812). وإسناده ضعيف.

(2)

في "م": "قال".

ص: 468

وأطاعه، فأحبه الله تعالى على طاعته، وإلا لم يكن باراً، ولا بَرًّا، فالمحبة أول البر.

وقد روى ابن أبي الدنيا: أنَّ رجلًا قال لبَعض العارفين: أوصني، فقال: اقتن فعل الخيرات، وتوصل إلى الله بالحسنات؛ فإني لم أر شيئًا قط أرضى للسيد مما يحب، فبادر محبته يسرع في محبتك، ثم بكى، فقال له: زدني رحمك الله! قال: الصبر على محبة الله تعالى، وإرادته رأس كل بر -أو قال -: كل خير (1).

وروى أبو نعيم عن عمر بن ذر رحمه الله قال: من أجمع على الصبر في الأمور، فقد حوى الخير والتمس معاقل البر وكمال الأجور (2).

وروى ابن أبي الدنيا -أيضًا- عن مضر العابد قال: اجتمعنا ليلة على الساحل ومعنا مسلم أبو عبد الله، فقال رجل من الأزد:

ما إِنْ جَهِدْتُ سِوَىْ إِرادةِ حُبِّهِ

إِنَّ الْمُحِبَّ بِكُلِّ بِرٍّ يَضْرَعُ

قال: فبكى مسلم حتى خشيت -والله- أن يموت (3).

ومن فوائد الحديث: أنَّ الأبرار هم الأتقياء؛ لأن الأتقياء في الحديث صفة مفسرة مبينة، وقد قال الله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب عليه"(185).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 111).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"(120).

ص: 469

رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: 198].

وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28]، فقابل المتقين بالفجار الذين هم بخلاف الأبرار.

وروى عبد الله ابن الإِمام أحمد في "زوائد الزهد" عن المغيرة قال: كان عبد الرحمن بن أبي نعم يفطر في رمضان مرتين، وكنا إذا قلنا لعبد الرحمن بن أبي نعم: كيف أنت يا أبا الحكم؟ يقول: إن نكن أبراراً فكرام أتقياء، وإن نكن فجاراً فلئام أشقياء (1).

وقد تبين بذلك أن طلب اللحاق بالأبرار لا يكون بمجرد التمني مجديًا ما لم يتشبه العبد بهم في التقوى والعمل الصالح؛ ألا ترى أن الله أثنى على الطالبين للوفاة مع الأبرار في الآية السابقة بالذكر والفكر والدعاء، ثم قال:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195].

ثم بين أن الأبرار هم المتقون بقوله: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} [آل عمران: 198].

وروى أبو نعيم عن ثور بن يزيد قال: قرأت في التوراة: إنَّ الزُّناة والسُّراق إذا سمعوا بثواب الله للأبرار، طمعوا أن يكونوا معهم بلا نَصَب

(1) انظر: "الزهد"(ص: 206).

ص: 470

ولا تعب ولا مشقة [على أبدانهم، ولا مخالفة لأهوائهم](1)، وهذا ما لا يكون (2).

وروى أبو القاسم إسحاق الختلي في "الديباج" عن ثور بن يزيد -أيضًا- قال: مكتوب في بعض الكتب: القلب المحب لله يحبُّ النَّصَب لله، فلا تظن يا ابن آدم أنك مدرك رفعة البر بغير مشقة (3).

وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن خالد بن شوذب قال: شهدت الحسن وأتاه فرقد رحمهما الله تعالى، فأخذ الحسن بكسائه فمدَّه إليه، فقال: يا فريقد! يا ابن أم فرقد! إن البر ليس في هذا الكساء، إنما البر ما وقع في القلب، وصدَّقهُ العمل (4).

وروى أبو نعيم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليْسَ البِرُّ في حُسْنِ اللّبَاسِ وَالزِّيِّ، وَلَكِنَّ البِرَّ السَّكِيْنَةُ وَالوَقَارُ".

ومن فوائد الحديث المذكور: أنَّ من صفات الأبرار إِيثار الخفاء والخمول على الشهرة والنباهة، حتى لا يعرفهم الناس، ولا يهتمون بشأنهم، وهذا علامة الولاية والقرب، والاعتناء بهم من الله

(1) زيادة من "حلية الأولياء"(6/ 94).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 94).

(3)

ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 93).

(4)

رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(ص: 267) لكنه قال: "إنما التقوى" بدل: "إنما البر".

ص: 471

تعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِيْ طِمْرَيْنِ، تنبُوْ عَنْهُ أَعْيُنُ الناسِ؛ لَوْ أَقْسَمَ عَلى اللهِ لأَبَرَّهُ". رواه الحاكم وصححه، وأبو نعيم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1).

وهو في "صحيح مسلم"، ولفظه:"رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، مَدْفُوْعٍ بِالأَبْوَابِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلى اللهِ لأَبَره"(2).

ورواه البزار من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ: "ذِيْ طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ بِهِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلى الله لأَبَرَّهُ"(3).

وأنشد ابن رجب في كتابا اختيار الأولى في اختصام الملأ الأعلى": [من مجزوء الرمل]

رُبَّ ذِيْ طِمْرَيْنِ نَضْوٍ

يَأمَنُ الْعالَمُ شَرَّهْ

لا يُرى إلا غنيًا

وَهْوُ لا يَمْلِكُ ذَرَّهْ

ثُمَّ لَوْ أَقْسَمَ فِيْ شَيْءٍ .... عَلَىْ اللهِ أَبَرَّهْ (4)

(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(7932)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 7).

(2)

رواه مسلم (2854).

(3)

رواه البزار في "المسند"(2035). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 264): رجاله رجال الصحيح غير جارية بن هرم، وقد وثقه ابن حبان على ضعفه.

(4)

انظر: "اختيار الأولى في اختصام الملأ الأعلى" لابن رجب (ص: 102).

ص: 472

وقال الشيخ العارف بالله سيدي علوان الحموي رضي الله عنه في المعنى:

[من مجزوء الرمل]

رُبَّ ذِيْ طِمْرَيْنِ أَشْعَثَ

يَعْتَرِيْهِ وَصْفُ غَيرَهْ

تَرَكَ الدُّنيا اخْتِياراً

فَهُوَ لا يَمْلِكُ ذَرَّه

خامِلِ الذّكْرِ حَقِيْرٍ

مَهْما يَجْهَلُ قَدْرَه

إِنْ دَنَا يَوْماً عَلَيْنا

فَهُوَ مَدْفُوع بِمَرَّة

وَلَهُ جاهٌ وَقَدْرٌ

عِنْدَ مَوْلاهُ وَشهْرَة

فَهُوْ لَوْ آلَىْ عَلَىْ اللـ

ـه فِيْ يَمِيْنٍ لأَبَرَّه

وقد قلت في سنة ثمان وتسعين وتسع مئة قصيدة بائية في مدح الأولياء، والتحذير من الإنكار عليهم، والترغيب في حبهم مع الإشارة إلى خفائهم، والتلميح بالحديث المذكور، والاقتباس للحديث المتقدم "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ"(1)، وقد أحببت إثباتها هنا وهي:[من المجتث]

كَمْ مِنْ وَلِي خَفِيٍّ

إِلَيْهِ لا يُتَنبَّهْ

تَراهُ يَبْدُوْ حَقِيْراً

بِشَأْنِهِ لَيْسَ يُؤْبَه

مَعْ أَنَّهُ ذُوْ مَقامٍ

تُجِلُّهُ أَنْ يُشَبَّهْ

أَحَبَّهُ اللهُ لَمَّا

أَصْغَىْ إِلَىْ الله حُبَّه

(1) تقدم تخريجه.

ص: 473

فَلا تَكُنْ مُنْكراً

أَحْوالَهُ فتشَبَّهْ

فَإنَّما هُوَ سِرٌّ

أَوْلاهُ رَبيْ مُحِبَّه

إِنْ لَمْ تَنَلْ مِنْهُ حَظًّا

فَلِمْ تُنازِعُ حِزْبَه

أقلُّهُمْ لَيْسَ تَقْوَىْ

بِأَنْ تُقابِلَ حَرْبَهْ

أَنَّىْ تُحارِبُ جَيْشاً

كانَ الْمُهَيْمِنُ حَسْبَهْ

وَالله لَيْسَ يُهْزَمُ

مع الضاد لك حسبه

فارْجَعْ إِلَىْ الْحَقِّ طَوْعاً

فَالْحَق ما فِيْه لَعِبَهْ

وإنْ تَسَلْهُ تُسَلَّمْ

وَاللهُ يَكْفِيْكَ خَطْبَهْ

وإنْ تَرِدْ بعد ..... (1)

مِنْ مَنْهَلِ الْقَوْمِ شَرْبَهْ

ولم يكن ........ (2)

شهم منهم وبينك نسبة

فَاخْلُصْ إِلَيْهِمْ وَأَخْلِص

لَهُمْ فُؤادَ الْمَحَبَّةْ

فَإِنَّها لَكَ قُرْبَةْ

إِلَيْهِمُ أيُّ قُرْبَه

عَساكَ تُحْشَرُ مَعْهُم

فَإِنَّهمْ خَيْرُ حَلْبَةْ

وَحُبُّهُمْ فِيْهِ بِرٌّ

وَفِيْهِ خَيْرٌ وَحِسْبَهْ

وفي الحديث [الذي] رويناه "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ"[فوائد]، ومن

(1) غير واضح في "م".

(2)

غير واضح في "م".

ص: 474

فوائد هذا الحديث: أنَّ من أحوال الأبرار إيثار العزلة والوحدة؛ فإنَّ الخفاء أبلغ ما يكون بها.

روى ابن أبي الدنيا عن الفيض بن إسحاق قال: ذكر عند حذيفة المرعشي الوحدة وما يكره منها، فقال: إنما يكره ذلك للجاهل، فأمَّا عالم يعرف ما يأتي فلا.

وقال: ما أعلم من أعمال البر أفضل من لزومك بيتك، ولو كانت لك حيلة لهذه الفرائض لكان ينبغي لك أن تحتال لها (1).

وسبق أن ابن أبي الدنيا روى عن مالك بن دينار قال: كان الأبرار يتواصون بثلاث: سجن اللسان، والاستغفار، والعزلة (2).

والمراد الاعتزال عن عموم الخلق اشتغالاً بالله تعالى إلا قدر الضرورة، وكلما خاف من أحد فتنة في دينه تعين الفرار منه، ومن ثم ورد التحذير من الدخول على الأمراء؛ لأن فتنتهم أشد، خصوصًا في هذه الأعصار.

وقد روى أبو نعيم عن فضيل بن جعفر: أنَّ الحسن خرج من عند ابن هبيرة، فإذا هو بالقراء على الباب، فقال: ما يجلسكم ها هنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء؟ أما والله ما مجالستهم بمجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، فرطحتم نعالكم، وشمرتم

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة والانفراد"(ص: 143).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة والانفراد"(ص: 101).

ص: 475

ثيابكم، وجززتم شعوركم، فضحتم القراء فضحكم الله، أما والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم، فأبعد الله من أبعد (1).

- ومنها: الخفاء، وإسرار الأعمال الصالحة، وخصوصاً الذكر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيْرُ الذكْرِ الخَفِيُّ، وَخَيْرُ الرزْقِ مَا يَكْفِيْ".

رواه الإِمام أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي في "الشعب" من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (2).

وروى أبو داود، والترمذي، والنسائي عن عقبه بن عامر رضي الله عنه، والحاكم وصححه، عن معاذ رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْجَاهِرُ بِالقُرْآنِ كَالجِاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ"(3).

وروى الإِمام أحمد، وابن حبان، والحاكم وصححاه، عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدُ الْمُقِلّ إِلى فَقِيْر في سِرِّ"(4).

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 151)، وقد تقدم ولكن عزاه للدينوري.

(2)

رواه الإِمام أحمد في "المسند"(1/ 172)، وابن حبان في "صحيحه"(809)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(552).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

رواه الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 358)، وابن حبان في "صحيحه"(3346)، والحاكم في "المستدرك"(1509) لكن عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 476

وفي كتاب الله تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271].

وقال ابن عباس رضي الله عنه: إنَّ الله جعل صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً.

قال: وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. رواه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (1).

وقال قتادة: كل معنى من الصدقات مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل. رواه ابن جرير (2).

فالأعمال إنما تكون برًا بالصدق فيها؛ فإن كانت سراً كانت أبر.

ومن فوائد الحديث السابق أيضًا: أنَّ الأبرار من شأنهم إعراض الناس عنهم، واحتقارهم حتى لا يدعوهم إذا حضروا، ولا يعتنوا بهم، ولا يتفقدوهم إذا غابوا، وهو وصف غالب عليهم، وقد يكونون بخلاف ذلك.

وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقراء الذين يسبقون إلى الجنة بذلك، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1) رواه الطبري في "التفسير"(3/ 92)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 536)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 77) لابن المنذر.

(2)

رواه الطبري في "التفسير"(3/ 92).

ص: 477

"يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِيْ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِيْنَ خَرِيْفًا"، فقيل له: صفهم لنا، قال:"الدَّنِسَةُ ثَيَابُهُمْ، الشَّعِثَةُ رُؤُوْسُهُمْ، الذِيْنَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ عَلى السُّدَّاتِ، وَلا يَنْكِحُوْنَ المُتَنَعِّمَاتِ، تُوْكَلُ بِهِمْ مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا، يُعْطُوْنَ كُل الذِيْ عَلَيْهِمْ، وَلا يُعْطَوْنَ الَذِيْ لَهُمْ". رواه الطبراني في "معجمه الكبير"، و"الأوسط"(1).

قال المنذري: ورواته ثقات (2).

ومن فوائد الحديث: أنَّ من صفة الأبرار إيضاح سبيل الهدى بالتربية والتعليم، وحسن الرعاية، خصوصاً في أيام الفتن والاختلاط والمحن، كما أن المصابيح توضح الطرق للسائرين في جنح الليالي المظلمة، كما يؤخذ من قوله:"مصابيح الهدى".

فإن قلت: كيف يكونون مصابيح الهدى وهم أخفياء لا يكاد الناس يعرفونهم، ولا يلتفتون إليهم؟

قلت: إنَّما يعرفهم السائرون إلى الله، المريدون لوجهه، الصادقون في إرادتهم له وسيرهم إليه، كما أنَّ النجوم هي مصابيح السماء لا يلتفت إليها أكثر الناس، ولا يراعونها لعدم احتياجهم إليها، بخلاف السائرين في جنح الليالي؛ فإنهم يتقصدونها شروقًا وغروباً، ويتعرفونها، ويتفقدونها، ويراعونها، ويراقبونها لشدة اشتياقهم إليها، فالنجوم في

(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3477).

(2)

انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (4/ 63).

ص: 478

حق هؤلاء ليست خفية عنهم، بخلافها في حق غيرهم ممن هو غافل عنها لعدم احتياجه إليها.

وقد تبين لك بذلك أن الأولياء ليسوا بأخفياء في أنفسهم، ولا محجوبين، وإنما الناس هم المحجوبون عنهم بغفلتهم، وعدم تقصدهم، وأما من طلب الله وصدق في طلبه، وقصدهم في الدلالة عليه، وصدق في قصده إياهم، فإنهم لا يختفون عنه ولا يحجب هو عنهم.

ولما طلب سليمان بن عبد الملك أبا حازم سلمة بن دينار فكلمه، ودعاه إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة حتى أثر كلامه في سليمان، وكان الزهريّ حاضرًا، قال الزهريّ: إنَّه لجاري ثلاثين سنة وما كلمته قط، وفي رواية: وما علمت أنه يحسن مثل هذا، قال له أبو حازم: إنكَ نسيت الله فنسيتني، ولو أحببتَ الله لأحببتني، قال الزهريّ: أتشتمني؟ قال أبو حازم: بل أنتَ شتمت نفسك؛ أما علمت أنَّ للجار على جاره حقًا؟

والقصة رواها أبو نعيم، وابن الجوزي، وغيرهما (1).

فأشار أبو حازم إلى أنَّ أهل ولاية الله تعالى المشتغلين به لا يعرفهم إلا من أحبَّ الله تعالى؛ لأنَّ من أحبَّهُ أحبَّ أولياءَه، وطلبهم فوجدهم،

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 237)، وابن الجوزي في "صفة الصفوة"(2/ 160).

ص: 479

والزهري مع ما كان عليهِ من العلم، شغله حاله عن معرفة مقام أبي حازم، وهو جاره ثلاثين سنة، وما كان كلام أبي حازم له إلا من باب النصيحة، وإرشاداً لهُ إلى ما هو مطلوب منه من الإحسان إلى الجار وتفقد أحواله؛ إذ في تفقد أحوال الجار وإكرامه والإحسان إليه التوصل إلى معرفة مقامه والتبرك به والانتفاع بما هو عليه من الحكمة والولاية إن كان من أهلها؛ فافهم!

ومن فوائد الحديث المشار إليه: أنَّ الله تعالى يكرم الأبرار الذين هذه صفاتهم بإنقاذهم من الفتن الغبراوات المظلمات، وهذا من أسعد السعادات، وأفضل الفوائد، وفي حديث المقداد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ السَّعِيْدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ؛ فَواهاً". رواه أبو داود (1)، وغيره.

ومعنى قوله: "فواها"؛ أي: فوا عجباً لهما.

وروى الطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: إن لله ضنائن من عباده يغذيهم في رحمة، ويحييهم في عافية، إذا توفاهم توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمرُّ عليهم الفتن كَقِطع الليل المظلم، وهم منها في عافية (2).

(1) رواه أبو داود (4263).

(2)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(13425)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 6). قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/ 152): - فيه - مسلم بن عبد الله عن نافع، مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ.

ص: 480