الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: إنهم يقاتلون معنا بسهام نافذة وهم في فرشهم؛ يعني: الدعاء.
وما أحسن ما قيل: [من الوافر]
أتهْزَأُ بِالدُّعاءِ وَتَزْدَرِيهِ
…
وَما يُدْرِيكَ ما صَنَعَ الدُّعاءُ
سِهامُ اللَّيْلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ
…
لَها أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ انْقِضاءُ (1)
*
تَنْبِيهٌ:
كما أن الله تعالى يحفظ الأرض من الفساد، ويغيث العباد ويرزقهم وينصرهم بالصالحين؛ كذلك تفسد الأرض وتخذل الخلق وتقحط بفساد المفسدين وإصرار المصرين.
قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].
قال ابن عباس في تفسير الفساد في الآية: نقصان البركة بأعمال العباد كي يتوبوا (2).
وقال السدي في قوله: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41]: بما عملوا من المعاصي (3). رواه (4) ابن أبي حاتم.
(1) نسب البيتان للإمام الشافعي، كما في "ديوانه" (ص: 3).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 496).
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 497).
(4)
كذا في "أ"، و"ت"، ولعل الصواب:"رواهما".
قلت: لعل المراد في الآية: [إن شاء الله](1): أن ظهور الفساد في البر والبحر بسبب ما كسبت أيدي الناس، فأذقناهم وبالَ بعض ما عملوه من المعاصي في جملة الناس لعلهم يرجعون عن العصيان، فلا يتعدى ضررهم من بعد ذلك إلى غيرهم.
وروى ابن أبي شيبة، وابن جرير عن الحسن في قوله:{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]: يرجع من بعدهم (2).
وإنما عبر بهم عن من بعدهم؛ لأن الناس من جنس واحد، وفي عقوبة بعض العاصين تأديب لهم وتهذيب لمن يرى عقوبتهم، أو يسمع بها مِن أهل زمانهم، أو من بعدهم.
وقال مجاهد في قوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]: إن البهائم إذا اشتدت عليهم السنة قالت: هذا من أجل عصاة بني آدم؛ لعن الله عصاة بني آدم (3).
وقال عكرمة: يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب؛ يقولون: مُنِعنا القطر بذنوب بني آدم. رواه ابن جرير (4).
(1) غير واضح في "أ"، و"ت".
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35205)، والطبري في "التفسير"(21/ 50).
(3)
رواه سعيد بن منصور في "السنن"(2/ 638)، والطبري في "التفسير"(2/ 54).
(4)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 55).