الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فائِدَةٌ تاسِعَةٌ:
روى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ صَبَاحٍ فَيَعْلَمُ ملكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبي مُرْسَل مَا يَكُوْنُ في آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ، فَيقْسِمُ اللهُ تَعَالى فِيْهِ قُوْتَ كُلِّ دابّةٍ، حَتَّى إِنَّ الرجُلَ ليَجِيْءُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ وَإِن الشيِطَانَ بَيْنَ عَاتِقَيْهِ فَيَقُوْلُ لَهُ: اكْذِبْ بِالْحَقِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَأكلُ رِزْقَهُ بِكَذِبٍ وَفُجُوْرٍ، فَذَلِكَ الْخَائِنُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأخُذُهُ بِبِرٍّ وَتَقْوْى، فَذَلِكَ الّذِي عَزَمَ اللهُ عز وجل عَلى رُشْدِهِ"(1).
*
فائِدَةٌ عاشِرَةٌ:
روى الديلمي في "مسند الفردوس" عن علي، وعن ابن عمر رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَزَالُ هَذه الأمةُ تَحْتَ يَدِ اللهِ وَكَنَفِهِ مَا لَمْ يُعَظِّمْ أَبْرَارُهَا فُجَّارَهَا، وُيدَاهِنْ خِيَارُهَا شِرَارَهَا"، وإسنادهما ضعيف (2).
وروى أبو سعيد بن الأعرابي في "شرف الفقر"، وابن السمعاني في "أماليه" عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَدُ الله وَكَنَفُهُ عَلى هَذه الأُمةِ مَا لَمْ تَعْمَلْ بِثَلاثٍ: مَا لَمْ يُوَقِّرْ أَبْرَارُهَا فُجارَهَا، وَيمِلْ قُرَّاؤُهَا إِلى أُمَرَائِهَا، ويعَظِّمْ خِيَارُهَا شِرَارَهَا،
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 61).
(2)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(7595) عن ابن عمر. قال العراقي في "تخريج أحاديث الأحياء"(1/ 456): رواه الديلمي من حديث علي، وابن عمر، وإسنادهما ضعيف.
فَإِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ أَخَذَهُمُ اللهُ عز وجل بِالذُلِّ، وَابْتَلاهُمْ بِالفَقْرِ، وَسَلَّطَ عَليِهِمْ جَبَابِرَتَهُمْ يَسُوْمُوْنهمْ سُوْءَ العَذَابِ" (1).
قلتُ: ومصداق هذا الحديث في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37].
فقد أخبر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم -وهو أبو الأبرار، وخير الأخيار- أنه إنْ مال إلى أهواء الفجار تخلى عنه فلا يقيه، ولا ينصره ولا يواليه، وإنما خاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان المراد بمثل ذلك غيره من الأمة؛ لأن ذلك أبلغ في زجر الأمة عن متابعة الفجار، وإنما يقع التعميم في الوعيد بين الأخيار والأشرار إذا وَقَّرَ الأخيار الأشرار، وعظموهم، ومالوا إليهم، لأنهم تساووا حينئذ في الظلم المستتبع للعذاب؛ لأن الميل إلى الظالم وتوقيره محبة لظلمه، ورضى به، والراضي بالظلم ظالم كما قال الله تعالى في الآية الأخرى:{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145].
وقال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113].
روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال في الآية:
(1) ورواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 282).