الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
يدل على فضل التشبه بالشهداء والمجاهدين الآيات والأحاديث الواردة في فضل الجهاد وفضل الشهداء، والأحاديث الواردة -أيضًا- في تمني النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين للقتل في سبيل الله، وكذلك تمني الشهداء أن يعودوا إلى الدنيا فيقتلون مرة أخرى، وكذلك ما ورد في استحباب طلب الشهادة من الله تعالى.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] الآية.
وقال تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً} [النساء: 95، 96].
روى عبد الرزاق عن أبي مِجْلَز رحمه الله تعالى: أنه قال في قوله تعالى: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ} : بلغني أنها سبعون درجة، بين كل درجتين سبعون عامًا كالجواد المُضَمر (1).
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(9545).
وفي "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ فِيْ الْجَنَّةِ مِئَةَ درَجَةٍ أَعَدَّها اللهُ لِلْمُجَاهِدِيْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإذَا سَأْلتُمُ الله فَاسْأَلوُهُ الفِرْدَوْسَ؛ فَإِنّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ"(1).
وروى مسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَا أبَا سَعِيْدٍ! مَنْ رَضِيَ باللهِ رَبًّا، وِبالإسْلامِ دِيْنًا، وَمُحَمَّدٍ نبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة".
قال: فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها يا رسول الله، ففعل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَخَصْلة أُخْرى يَرْفَعُ اللهُ بِهَا العَبْدَ مِئَةَ درَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"، فقال: وما هي يا رسول الله؟ قال: "الْجِهَادُ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ"(2).
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وَالذِيْ نَفْسِيْ بِيَدهِ! لَوْلا أَنَّ رِجالاً (3) مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ لا تَطِيْبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يتَخَلفُوْا عَنّيْ، وَلا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَليِهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سريةٍ تَغْزُوْ فِيْ سَبِيْلِ الله.
(1) رواه البخاري (2637).
(2)
رواه مسلم (1884).
(3)
في "م": "رجلًا".
وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدهِ! لَوَدِدِتُ أنِّيْ أُقْتَلُ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَ أُحيا، ثُمَ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحيا" (1).
وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَا مِنْ عبدٍ يَمُوْتُ لَهُ عِنْدَ الله خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجعَ إِلى الدّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدّنْيَا وَمَا فِيْهَا، إِلَاّ الشَّهِيْدُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشهَادةِ؛ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّة أُخْرَى"(2).
وروى الشيخان، والترمذي من حديثه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا أَحَدٌ يدخلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، إِلَاّ الشَّهِيْدُ تتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ"(3).
وروى مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ سَأَلَ الله الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلى فِرَاشِه"(4).
وروى الإِمام أحمد، ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ [صادقًا] أُعْطِيَهَا وَلوْ لَمْ تُصِبْهُ"(5).
(1) رواه البخاري (2644).
(2)
رواه البخاري (2642).
(3)
رواه البخاري (2662) واللفظ له، ومسلم (1877)، والترمذي (1643).
(4)
رواه مسلم (1909)، وأبو داود (1520)، والترمذي (1653)، والنسائي (3162)، وكذا ابن ماجه (2797).
(5)
رواه مسلم (1908).
وروى ابن حبان في "صحيحه" واللفظ له، والحاكم وصححه، عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جُرِحَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ جُرْحًا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَرِيْحُهُ رِيْحُ المِسْكِ، وَلَوْنه لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ، وَعَليْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ تَعَالى الشَّهَادةَ مُخْلِصًا أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيْدٍ وَإِنْ مَاتَ عَلى فِرَاشِه"(1).
وروى مسلم، وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالغَزْوِ، مَاتَ عَلى شُعْبَةٍ مِنَ النفَاقِ"(2).
واعلم أنه لا يَرِد على ما ذكرناه هنا قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]؛ لأنَّ هذه الآية نزلت في تارك الجهاد.
وروى الترمذي وصححه، عن أبي عمران قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيمًا من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم وأكثر، قال: وعلى أهل مصر عقبة بن عامر رضي الله عنه، وعلى الجماعة فضالة ابن عبيد رضي الله عنه، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل بينهم، فصاح الناس، وقالوا: سبحان الله! يلقي بيده إلى التهلكة، فقام أبو أيوب رضي الله عنه فقال: أيها الناس! إنكم لتأولون هذا التأويل، وإنما نزلت
(1) رواه ابن حبان في "صحيحه"(3191)، والحاكم في "المستدرك"(2410).
وكذا رواه أبو داود (2541)، والترمذي (1657)، والنسائي (3141).
(2)
رواه مسلم (1910).