الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنما لم يقابل الفاجر بالبر بل بالعابد؛ لأنه لا برَّ له مع القنوط من رحمه الله تعالى أصلًا.
*
فائِدَةٌ رابِعَةَ عَشْرَةَ:
روى أبو بكر بن مردويه في "تفسيره" عن كثير بن عطية، عن رجل لم يسمَّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول: "اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ لِفَاجِر عِنْدِي يَدًا، فَيُحِبهُ قَلْبِيْ".
وأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث معاذ رضي الله عنه، وأبو موسى المديني في كتاب "تضييع العمر والأيام" من طريق آل البيت مرسلاً، وطرقه كلها ضعيفة (1).
وفيه ترتبت المحبة على الإحسان، كما في حديث ابن مسعود مرفوعًا، وموقوفاً:"جُبِلَتِ القُلُوْبُ عَلى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِليْهَا، وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِليِهَا".
رواه جماعة منهم ابن عدي في "الكامل"، والبيهقي، وقال: إن الموقوف معروف (2).
ويشير إلى معناه: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَحِبُّوْا اللهَ لِمَا يَغْذُوْكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبوْني لِحُبِّ اللهِ إِيَّايَ".
(1) انظر "تخريج أحاديث الإحياء" للعراقي (1/ 456).
(2)
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(2/ 286)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8984).
حسنه الترمذي (1).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد" عن عبد الله بن الحارث قال: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: أحبني، وأحب عبادي، وحببني إلى عبادي، قال داود: يا رب! هذا أحبك، وأحب عبادك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال: تذكرني عندهم؛ فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن (2).
وقوله: "وأحب عبادي": الإضافة فيه تخصيصية؛ أي: عبادي المختصين بي، كما في قوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]، وقوله:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: 49].
فأما محبة العصاة منهم والفجار من حيث المعصية فمنهي عنها.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ عَليَّ يَدًا" يخرج البَرَّ؛ فإن يده محبوبة وإحسانه مقبول، وإذا دعا إحسانه المحسن إليه إلى حبه، فحبه من أفضل الأعمال بخلاف الفاسق.
ومن هنا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إجابة طعام الفاسقين. رواه
(1) رواه الترمذي (3789) وحسنه.
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34254)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: 72).