الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكأن في كلامه حذفًا تقديره: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة؛ أولئك هم الأتقياء البررة.
*
تنبِيْهٌ نَفِيْسٌ:
اعلم أنَّ العبد كما كانت نفسه متمنعة عن طاعة الله تعالى وبره لتعلقها بالدنيا واسترسالها مع الهوى، كان تشبهه بالكُمَّل الأبرار والصالحين الأخيار أعظمَ أجرًا عند الله تعالى وثوابا؛ لأنه أكثر جهادًا لنفسه، وأقوى دفاعا لها عن الهوى.
ويدلُّ لذلك: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الَّذِيْ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالذِيْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ". رواه الأئمة الستة (1).
وروى أبو نعيم عن عبد الله بن المبارك: أن سفيان الثوري رحمه الله كان يقول: الأجر على قدر الصبر (2)(3).
(1) رواه البخاري (4653)، ومسلم (798)، وأبو داود (1454)، والترمذي (2904)، والنسائي في "السنن الكبرى"(8047)، وابن ماجه (3779).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 54).
(3)
وقال ابن عبد السلام: هذا ليس بمطرد، فقد تكون بعض العبادة أخف من بعض، وهي أكثر فضلاً بالنسبة إلى الزمان. كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليالي من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره، وبالنسبة إلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها أو من قراءتها، ونحو ذلك =
ومن ثم كان الصلاح والكمال في النساء أقل منه في الرجال؛ لأن حبَّ الدنيا واتباع الهوى فيهن أغلب منها، وأمكن فيهم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَمُلَ مِنَ الرِّجالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاء -يعني: في الأمم الماضية -إِلا آسيَةُ امْرَأة فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بنَتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلى النِّسَاء كَفَضْلِ الثرِيْدِ عَلى سَائِرِ الطعَامِ". رواه ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (1).
ومن ثم -أيضًا- كان تبرر النساء أعظمَ أجرًا من تبرر الرجال. وقد روى أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فُجُوْرَ المَرْأَةِ الفَاجِرَةِ كَفُجُوْرِ ألفِ فَاجِرٍ، وَإِنَّ بِرَّ المَرْأَةِ المُؤْمِنَةِ كَعَمَلِ سَبْعِيْنَ صِدِّيْقًا"(2).
فإن قلت: إذا كان كذلك فلِمَ تضاعف إثم فجورها مع توفر شهوتها؟
= من صلاة النافلة، وكدرهَمِ من الزكاة بالنسبة إلى أكثر منه من التطوع. انتهى. قال العيني: هذا الذي ذكره لا يمنع الاطراد؛ لأن الكثرة الحاصلة في الأشياء المذكورة ليست من ذاتها، وإنما هي بحسب ما يعرض لها من الأمور المذكورة، فافهم فإنه دقيق. انظر:"عمدة القاري" للعيني (10/ 124).
(1)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(32276)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 394)، ومسلم (2431)، والترمذي (1834)، وابن ماجه (3280)، وكذا رواه البخاري (3250).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 101).