الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلُ
وقد جاء الشرع الشريف بالإرشاد إلى أمور تدخل تحت الاختيار إذا أتى بها العبد كُتِب له أجر الشهادة.
فمن ذلك: ما رواه الإمام أحمد، والبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهَا أَحَبُّ إِلَىْ اللهِ مِنْ هَذهِ الأَيَّامِ؛ يَعْنَيْ أَّيَّامَ العَشْرِ"، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَالِهِ وَلم يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ"(1).
وروى الإمام أحمد، وابن أبي الدنيا في "فضل عشر ذي الحجة"، والبيهقي في "الشعب" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ أَيَّاْمٍ العَمَلُ فِيْهِنَّ أَفْضَلُ مِنْ أَّيَّامِ العَشْرِ"، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّىْ يُهْرَاقَ دَمُهُ"(2).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 224)، والبخاري (926).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 223)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3750).
جعل صلى الله عليه وسلم العمل الصالح أيًا ما كان مُعادلاً لبذل النفس والمال في سبيل الله حتى يذهبا فيه، وهذا هو نفس الشهادة.
وروى الإمام أحمد، والدارامي، والترمذي وحسنه، عن معقل ابن يسار رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَعُوْذُ بِاللهِ السَّمِيْع العَلِيْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، وَقَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُوْرَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّوْنَ عَلَيْهِ حَتَّىْ يُمْسِي، وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ اليَوْمَ مَاتَ شَهِيْدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِيْنَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ"(1).
وروى الدارامي عن الحسن رحمه الله قال: من قرأ ثلاث آيات من آخر الحشر إذا أصبح فمات من يومه ذلك، طُبع بطابع الشهداء، وإن قرأ إذا أمسى فمات من ليلته طُبع بطابع الشهداء (2).
وروى أبو الشيخ عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ قَرَأَ آخِرَ الْحَشْرِ: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ (21)} [الحشر: 21]، إِلَىْ آخِرِهَا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، مَاتَ شَهِيْدًا".
وروى أبو القاسم الأصبهاني في "ترغيبه" عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 26)، والدارمي في "السنن"(3425)، والترمذي (2922) وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(2)
رواه الدارمي في "السنن"(3423).
خَانَ امْرَأً مُسْلِمًا فِيْ أَهْلِهِ وَخَادِمِهِ، وَمَنْ قَالَ حِيْنَ يُمْسِيْ وَحِيْنَ يُصْبح: اللَّهُمَّ! إِنيِّ أُشْهِدُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ الله لَا إِلَهَ إِلَا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُوْلُكَ، أَبُوْءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوْءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي؛ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الدُّنُوْبَ غَيْرُكَ، فَإِن قَالَهَا مِنْ يِوْمِهِ ذَلِكَ حِيْنَ يُصْبحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي، مَاتَ شَهِيْدًا، وَإِنْ قَالَهَا حِيْنَ يُمْسِي فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ ماتَ شَهِيْدًا" (1).
وروى أبو يعلى، وابن السُّنِّي عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: اللَّهُمَّ! أَنْتَ رَبِّيْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِيْ وَأَناَ عَبْدُكَ، وَأَناَ عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرَّ مَا صَنَعْتُ، أَبَوْءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوْءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ إِنَّه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ إِلَا أَنْتَ، فَإِنْ قَالَهَا نهارًا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ مَاتَ شَهِيْدًا، وَإِنْ قَالَهَا لَيْلاً فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ تِلْكَ مَاتَ شَهِيْدًا"(2).
وهذا هو سيد الاستغفار الذي رواه ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والبخاري، وغيرهم عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سَيَّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُوْلَ:
…
"، فذكره، ثم قال: "مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوْقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِن يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمْنْ قَالَهَا منَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوْقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" (3).
(1) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (1/ 253).
(2)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 43).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(29440)، والإمام أحمد في "المسند"=
وروى البيهقي في "الشعب" عن كعب الأحبار رحمه الله: أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام في خبر طويل: أن من وافى القيامة وفي صحيفته ثلاثون رمضان، فهو من أفضل الشهداء (1).
بل ورد في السنة ما هو أبلغ من ذلك، فروى الإمام أحمد بسند حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بَلِىًّ - حي من قضاعة - أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، استشهد أحدهما، وأخَّر الآخر سنة، قال طلحة ابن عبيد الله رضي الله عنه: فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أليْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ سَنَةٍ؟ "(2).
وأخرجه ابن ماجه، وابن حبان من حديث طلحة بنحوه أطول منه، وزاد في آخره:"فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ ممَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"(3).
وفي هذا الحديث دلالة على من كان من الشهداء أكثر صلاة وصيامًا، فهو أرفع مقامًا ممن هو دونه في ذلك منهم.
وروى الطبراني في "معاجمه الثلاثة" بسند جيد، عن أنس بن
= (4/ 122)، والبخاري (5964).
(1)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(3718).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 333). وحسن المنذري إسناده في "الترغيب والترهيب"(1/ 149).
(3)
رواه ابن ماجه (3925)، وابن حبان في "صحيحه"(2982).
مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ مِئَةً، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِئَةً، كتبَ اللهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَرَاْءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَبَرَاْءَةً مِنَ النَّارِ، وَأَسْكَنَهُ اللهُ تَعَالَىْ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ الشُّهَدَاءِ"(1).
وروى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ مَاتَ عَلَىْ وَصِّيةٍ مَاتَ عَلَىْ سَبِيْلٍ وَسُنَّةٍ، وَمَاتَ عَلَىْ تُقَى وَشَهَادَةٍ، وَمَاتَ مَغْفُوْرًا لَهُ"(2).
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "على تقى وشهادة" شهادة أن لا إله إلا الله، فيكون فيه إشارة إلى أن من يسَّر الله تعالى له أن يوصي عند الموت، يسر له الشهادة عند الموت، ولا عجب أن يكون تيسير الشهادة عند الموت دليل الشهادة؛ أي: النزول في منازل الشهداء، وقد يشير إلى هذا المعنى حديث معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَاّ لله، دَخَلَ الْجَنَّةَ". رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه (3).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7235)، و"المعجم الصغير" (899). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 163): رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" وفيه إبراهيم بن سالم بن سلم الهجيمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
(2)
رواه ابن ماجه (2701). وإسناده ضعيف.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 240)، وأبو داود (3116) واللفظ=
وروى البزار عن أبي ذر، وأبي هريرة رضي الله عنه قالا: الباب من العلم يتعلمه الرجل أحب إلي من ألف ركعة تطوعًا.
وقالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا جَاءَ الْمَوْتُ لِطالِبِ العِلْمِ وَهُوَ عَلَى هَذه الْحَالِ، مَاتَ وَهُوَ شَهِيْدٌ"(1).
وروى أبو نعيم عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا عَلِيُّ! تَعَلَّمِ القُرْآنَ وَعَلِّمْهُ النَّاسَ؛ فَلَكَ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، فَإِنْ مِتَّ مِتَّ شَهِيْدًا" الحديث (2).
وتقدم في التشبه بالملائكة عليهم السلام.
وروى أبو نعيم - أيضًا - عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ بإعْرَابٍ، فَلَهُ أَجْرُ شَهِيْدٍ".
وروى أبو القاسم الرافعي عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ كتَبَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ فلم يعور الهَاءُ الَتِيْ فِيْ اللهِ، كتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سِيَّئَاتٍ، ورفَعَ له عَشْرَ دَرَجَاتٍ"(3).
وروى الإمام أحمد، وأبو بكر بن السُّنِّي، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ
= له، والحاكم في "المستدرك"(1299).
(1)
رواه البزار في "المسند"(8574). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 124): فيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي، وهو متروك.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين"(3/ 409).
قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِيْ سَبِيْلِي، كُتِبَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّيْنَ وَالصِّدِّيْقِيْنَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيْقًا" (1).
قلت: اعتبرت من أول سورة الملك إلى آخر سورة الناس ألف آية، تزيد شيئًا أو تنقص شيئًا.
وعلى ما اعتبره الشيخ شهاب الدين المقدسي في "مصحفه" تنقص عن الألف خمس آيات.
ومن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا (8)} [التحريم: 8] إلى آخر التحريم خمس آيات، فينبغي لمن أراد العمل بهذا الحديث أن يقرأ من أول هذه الآية إلى آخر القرآن العظيم.
وروى الطبراني في "الصغير"، والخطيب بسند ضعيف، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دَامَ عَلَى قِرَاءَةِ (يس) كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ شَهِيْدًا"(2).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 437)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص: 643)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 184)، والحاكم في "المستدرك"(2443)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 172). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 269): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه ابن لهيعة عن زبان، وفيهما كلام.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(1010)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (3/ 245). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 97): فيه سعيد بن موسى الأزدي، وهو كذاب.
وروى الحكيم الترمذي عن زيد المروزي رحمه الله معضلاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيَّ دُبُرَ كُلَّ صَلاْةٍ، كَانَ الَّذِيْ يَلِيْ قَبْضَ رُوْحِهِ ذُوْ الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، وَكَانَ كَمَنْ قَاتَلَ عَنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ حَتَّىْ يُسْتَشْهَدَ".
وأخرج ابن السني نحوه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه (1).
وروى الحاكم في "المستدرك" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى اسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ؟ دُعاءُ يُوْنسُ: لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنَّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ، فَإيُّمَا مُسَلِمٍ دَعَا بِهَا فِيْ مَرَضِهِ أَرْبَعِيْنَ مَرَّةَ فَمَاتَ فِيْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيْدٍ، وَإِنْ بَرَأَ بَرَأَ مَغْفُوْرًا لَهُ"(2).
وروى أبو الشيخ، وأبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَكِبَ دَابَّةً فَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِيْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِيْنَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ، مَاتَ شَهِيْدًا"(3).
وروى الحاكم في "تاريخه" عن محمد بن عجلان، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القَائِمُ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِيْ لَهُ أَجْرُ شَهِيْدٍ".
وروى أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 109).
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(1865).
(3)
رواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 213).
"أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ الْمُقْسِطُوْنَ"(1)، أي: أهل العدل والقسط.
وروى الطبراني في "الكبير" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤَذِّنُ الْمُحْتَسِبُ كَالشَّهِيْدِ الُمُتَشَحَّطِ (2) فِيْ دَمِهِ، إِذَا مَاتَ لَمْ يُدَوَّدْ فِيْ قَبْرِهِ"(3).
وأخرجه - أيضًا - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الْمُؤَذِّنُ المُحْتَسِبُ كَالشَّهِيْدِ المُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ؛ يَتَمَنَّى عَلَى اللهِ مَا يَشْتَهِيْ بَيْنَ الأذَانِ وَالإِقَامَةِ"(4).
وأخرج في "الكبير" - أيضًا - عن معاوية رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ تَبعَ (5) الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ مِثَلَ مِا يَقُوْلُ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"(6).
(1) رواه أبو نعيم في "فضيلة العادلين"(ص: 130)، وكذا الطبراني في "مسند الشاميين"(2615).
(2)
المتشحط: المتمرغ.
(3)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 3): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه إبراهيم بن رستم، وهو مختلف في الاحتجاج به، وفيه من لم تعرف ترجمته.
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1221). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 327): وفيه إبراهيم بن رستم، ضعفه ابن عدي، وقال أبو حاتم: ليس بذاك، ومحله الصدق، ووثقه ابن معين، ورواه أيضًا في "المعجم الكبير" (13554) لكن مع بعض الاختلاف في اللفظ. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 3): وفيه محمد الفضل القسطاني، ولم أجد من ذكره.
(5)
في "المعجم الكبير": "سمع في بدل "تبع".
(6)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 346). قال الهيثمي في "مجمع=
قال المنذري: متنهُ حسن، وله شواهد (1).
وتقدم في حديث علي رضي الله عنه: "وَالآمِرُ بِالْمَعْرُوْفِ وَالنَّاهِيْ عَنِ الْمُنْكَرِ شَهِيْدٌ"(2) إن حملناه على إطلاقِهِ - كما سبق - فهو من هذا الباب.
وروى الإمام أحمد عن جماعة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شُهَدَاءُ اللهِ فِيْ الأَرْضِ أُمَنَاءُ اللهِ عَلَىْ (3) خَلْقِهِ، قُتِلُوْا، أَوْ مَاتُوْا"(4).
وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ كتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَىْ النَّسَاءِ، وَالْجِهَادَ عَلَى الرَّجَالِ؛ فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ إِيْمَانًا وَاحْتِسَابًا، كَانَ لَهَا مِثَلُ أَجْرِ الشَّهِيْدِ"(5).
وروى ابن السُّنِّي عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاتَ عَلَىْ
= الزوائد" (1/ 331): من رواية إسماعيل بن عياش، عن الحجازيين، وهو ضعيف فيهم.
(1)
انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (1/ 115).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
في "مسند الإمام أحمد": "في " بدل "على".
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 200). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 302): رجاله ثقات.
(5)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10040). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 320): فيه عبيد بن الصباح، ضعفه أبو حاتم، ووثقه البزار، وبقية رجاله ثقات.
طَهَارَةٍ ثُمَّ مَاتَ مِنَ لَيْلَتِهِ، مَاتَ شَهِيْدًا" (1).
وروى أبو بكر الآجُرِّي، والسَّلَفي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أَنَسُ! إِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَكُوْنَ أَبَدًا عَلَىْ وُضُوْءٍ فَافْعَلْ؛ فَإِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا قَبَضَ رُوْحَ العَبْدِ وَهُوَ عَلىْ وُضُوْءٍ كُتِبَ لَهُ شَهَادَةٌ"(2).
وروى أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ صَلَّى الضُّحَى، وَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلَّ شَهْرٍ، وَلَمْ يَتْرُكِ الوِتْرَ فِيْ حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، كُتِبَ لهُ أَجْرُ شَهِيْدٍ"(3).
وروى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التَّاجِرُ الأَمِيْنُ الصَّدُوْقُ الْمُسلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ"(4).
وروى الحاكم عن اليسع بن المغيرة - مُرسلاً - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْجَالِبُ إِلَىْ سُوْقِنَا، كَالْمُجَاهِدِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ"(5).
ومقتضاهُ: أنَّهُ لو سافر للجلب فماتَ في سفرهِ، وقعَ أجرهُ على
(1) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 665).
(2)
ورواه أبو يعلى في "المسند"(3624)، والطبراني في "المعجم الصغير" (856). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 272): رواه أبو يعلى، والطبراني في "الصغير" وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو ضعيف.
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 332).
(4)
رواه ابن ماجه (2139) وإسناده ضعيف، لكن له شاهد من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عند الترمذي (1209).
(5)
رواه الحاكم في "المستدرك"(2167).
الله، كما وقع أجرُ الشهيد على الله تعالى.
على أنَّ هذا داخل في عموم الغرباء، وقد سبق أن موت الغريب - يعني: المؤمن - شهادةٌ.
وروى ابن أبي شيبة عن مُوَرَّقٍ رحمه الله تعالى قال: المتمسك بطاعة الله إذا جَبُنَ (1) النَّاسُ عنها كالكَارَّ بعد الفارَّ (2).
ولهذا حكمُ الرَّفع لأنهُ لا يقالُ رأياً.
وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن مسعود رضي الله عنه: ذاكرُ الله في الغافلين، بمنزلةِ الصابر في الفارَّين (3).
قلتُ: ومقتضاهُ أن من مات على ذكرٍ، بمنزلة من قتل مصابراً.
وهو يشير إلى أنَّ من كان آخر كلامه عند الموتِ: لا إله إلا الله، كان بمنزلة الشهداء، ومن ثم وجبت لهُ الجنة كما تجبُ للشهداءِ.
وإذا كان هذا في عموم الذكرِ، وكذلك الطاعة - لقول مُوَرِّقٍ - فالشهادة الحاصلة عند الموت بلا إله إلا الله أوضح وأتَم من الشهادة
(1) كذا في "م"، وفي "مصنف ابن أبي شيبة" أيضًا، لكن في "غريب الحديث" للخطابي (3/ 108):"جبب"، وقال: يقال جبب الرجل: إذا ولى وذهب، ومثله عرد وهلل، إذا نكص وولى. ولعله الصواب.
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35148).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(9797)، وفي "المعجم الأوسط"(271).
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 80): رجال "الأوسط" وثقوا.
الحاصلة بغيرها من الأذكار لأنها أفضلها؛ لحديث جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَفْضَلُ الذَّكْرِ لا إِلَهَ إِلَاّ الله، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ للهِ".
رواه الترمذي، وابن حبان، والحاكم وصححوه، والنسائي، وابن ماجه (1).
وروى أبو بكر بن مردويه في "تفسيره" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ جَالبٍ يَجْلِبُ طَعَامًا إِلَى بُلْدَانِ الْمُسْلِمِيْنَ فَيَبِيْعُهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، إِلَاّ كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللهِ بِمَنْزِلةِ الشَّهِيْدِ"، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (20)} [المزمل: 20](2).
وقال عمر رضي الله عنه: "ما من حال يأتيني عليهِ الموتُ بعد الجهاد في سبيل الله، أحبُّ إليَّ من أن يأتيني وعليه بين شعبتي رحلي وأنا أبتغي من فضلِ الله، ثمَّ قرأ هذه [الآية]. رواه سعيد بن منصور، وغيره (3).
وأخرج الثعلبي نحوهُ عن وَلده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (4).
(1) رواه الترمذي (3383) وحسنه، وابن حبان في "صحيحه"(846)، والحاكم في "المستدرك"(1834)، والنسائي في "السنن الكبرى"(10667)، وابن ماجه (3800).
(2)
قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 422): رواه ابن مردويه في "التفسير" بسند ضعيف.
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 323).
(4)
رواه الثعلبي في "التفسير"(10/ 66) ولفظه: "ما خلق الله عز وجل موتة أموتها=
وقال الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله في كتاب "شرح الصدور شرح حال الموت والقبور": روي أنه قيل: يا رسول الله! هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: "نَعمْ؛ مَنْ يَذْكُرُ الْمَوْتَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عِشْرِيْنَ مَرَّةً"(1).
وروى أبو نعيم في "الحلية" عن حجاج بن الشاعر رحمه الله تعالى قال: ما كنت أحب أن أقتل في سبيل الله تعالى، ولم أصلّ على أحمد بن حنبل رضي الله عنه (2).
وروى أبو الشيخ في كتاب "الثواب"، وأبو نعيم عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كَمْ مِمَّنْ أَصَابَهُ السَّلاحُ ليْسَ بِشَهِيْدٍ وَلا حَمِيْدٍ، وَكَمْ مِمَّنْ مَاتَ عَلى فِرَاشِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ صِدَّيْقٌ وَشَهِيْدٌ"(3).
= بعد القتل في سبيل الله، أحبّ إليّ من أن أموت بين شعبتي رحل أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله".
(1)
انظر: "شرح الصدور" للسيوطي (ص: 27). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 1140): لم أقف له على إسناد.
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 173).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 251). قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(6/ 90): في إسناده نظر.