الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد بعد الخمسمائة:
بما تكُ يا ابنَ عبدِ اللهِ فينا
…
فلا ظُلمًا نخافُ ولا افتقارَا
على أنَّ ابن مالك قال: إنَّ "ما" فيه زمانية بمعنى، أيّ زمن، قال في "الكافية":
وقد أتتْ مهمَا ومَا ظَرفَيْنِ في
…
شواهِدٍ مَنْ يعتضِدْ بها كُفِي
وقال في شرحها: وإنما قلت ذلك، لأنَّ جميع النحويين يجعلون ما ومهما مثل من في لزوم التجرّد عن الظرفية، مع أنَّ استعمالهما ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب، كقول الفرزدق:
وما تحي لا أرهَب وإن كنتُ جارِمًا
…
ولو عُدًّ أعدائي عليَّ لهُمْ دَخْلا
وكقوله:
وما تَكُ يا ابن عبد الله فينا
…
فلا ظُلمًا نخافُ ولا افتقارا
وكقوله:
فما تحي لا أخشَ العدوَّ ولا أزَلْ
…
على الناسِ أعلو من ذُرى المجدِ مفرَعا
وكقول تميم العجلاني:
ولوْ كُحِلَتْ حَوَاجِبُ خَيْلِ قَيْسٍ
…
بتغلِبَ بعدَ كلبٍ ما قذيِنَا
فما تسلمْ لكُمْ أفراس قيسٍ
…
فلا ترجُو البناتِ ولا البنينا
وكقول عبد الله بن الزبير الأسدي
فما تحيّ لا نسأَمْ حياةً وإن تمُتْ
…
فلا خيرَ في الدُّنيا ولا العيش أجمَعا
وقال طُفيل الغنوي:
نُبِّئْتُ أنَّ أبَا شُيَيْمٍ يدَّعي مَهْمَا نَعِشْ نسَمَعْ بما لم نَسْمَعِ
وكقول حاتم الطائي:
وإنَّكَ مَهْما تُعْطِ بطنَكَ سُؤْلَهُ
…
وفرْجَكَ نالا مُنتهى الذَّمِّ أجْمَعَا
هذا آخر كلامه. قال أبو حيان في "شرح التسهيل" بعد ما نقل هذا وغيره: قد ردَّ على المصنف دعواه أنَّ ما ومهما يكونان ظرفين في الشرط ابنُهُ بدر الدين، فكفانا الرد عليه، فقال: لا أدري في هذه الأبيات حجة، لأنه كما يصح تقدير ما ومهما بظرف زمان، كذلك يصح تقديرها بالمصدر على معنى: أيّ كون قصير أو طويل تكون فينا، وأيّ! حياة هنيَّةٍ أو غير هنيَّةٍ تحي لا نسأم، وأيّ عطاء قليلًا أو كثيرًا تُعط بطنك، لكن يتعين جعل ما ومهما في الأبيات المذكورة مصدرين، لأنَّ في كونهما ظرفين شذوذًا وقولًا بما لا يعرفه جميع النحويين، بخلاف كونهما مصدرين، لأنه لا مانع من أن يكني بما ومهما عن مصدر فعل الشرط، كما لا مانع أن يكنّي بهما عن المفعول به، إذ لا فرق. انتهى ما ردَّ به ابن المصنف على والده، رحمهما الله. ويحتمل عندي بيت حاتم توجيهًا آخر غير ما ذكره ابن المصنّف، وهو أن يكون "مهما" مفعولًا ثانيًا لتعط، بطنك مفعولًا أوَّل، وسؤله بدل من بطنك لا مفعول ثان، فلا يكون في البيت حجة على استعمال مهما ظرفًا، فتكون مهما في البيت نظيرها في قول امرئ القيس:
وأنَّكِ مَهْمَا تأمُرِي القلب يَفْعَلِ
إلى هنا كلام أبي حيّان.
والبيت الشاهد من قصيدة للفرزدق، كما قال ابن مالك، وأنشده أبو علي أيضًا في "البغداديات" قال: وأخبرني أبو بكر عن أبي العباس قال: أنشدني أبو عثمان للفرزدق: