الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد العاشر بعد الخمسمائة:
قَدْ عَلْمَتْ سَلمَى وَجَارَاتُهَا
…
مَا قَطَّرَ الْفَارِسَ إلَّا أَنَا
لما تقدم قبله، قال سيبويه: وتقول: ما جاء إلا أنا قال عمرو بن معدي كرب:
قَدْ عَلْمَتْ سَلمَى وَجَارَاتُهَا .. البيت.
قال الأعلم: الشاعد في إظهار "أنا" وانفصاله بعد إلا حيث لم يقدر على الضمير المتصل بالفعل، ومعنى قطّر: صرعه على أحد قُطِرَيْه، أي: على أحد جانبيه، والقطر: الجانب. انتهى. والبيت من قطعة لعمرو بن معدي كرب في ديوانه. وهي:
ألْمِمْ بِسَلْمَى قَبِلَ أَنْ تَظْعَنَا
…
إنَّ بِنَا مِنْ حُبِّهَا دَيْدَنَا
كأنَّ سلمى ظيبةٌ مُطْفِلٌ
…
يرعَى حِقَافَ الرَّمْلِ مِنْ أَرْزَنَا
تنشُرُ وَحْفًا مُسْبَكِرًا عَلى
…
لَبَّاتِهَا أَسْوَدَ مُغْدَوْدِنَا
قَدْ عَلِمْتْ سَلْمَى وَجَارَاتُهَا
…
مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إلَاّ أَنَا
شَكَكْتُ بِالرُّمْحِ حَيَازِيمَهُ
…
والخَيْلُ تَعْدُو زيِمًا حَوْلَنَا
وَأَلْمِمْ: انزل، والدَّيْدَنُ: العادَةُ، وتظعن: ترتحل، ومطفل: ذات طفل، وحقاف جمع حِقف بالكسر: وهو التل من الرمل، وأرزن: موضع، والوحف: الشعر الكثير الأسود، واسبكرّ الشعر: استرسل، والحيازيم جمع حيزوم وهو ما حول الصدر، والزيم: المتفرقة، يقول: طعنت بالرمح في صدره، والخيل تجري بفرسانها يحمل بعضُهم على بعض، وزيمًا، منصوب على الحال.
روى صاحب "الأغاني" بسنده عن قيس قال: شهدت القادسية، وكان سعد على الناس، فجاء رستم يمر بنا، وعمرو بن معدي كرب يمرّ على الصّفوف يحض
الناس، ويقول: يا معشر المهاجرين كونوا أسودًا، وإنما الفارسي تيس، قال: وكان مع رستم إسوار لا تسقط له نشابة، فقيل له: يا أبا ثور اتق ذاك، فإنا لنقول له ذلك إذ رماه رمية، فأصاب فرسه، وحمل عليه عمرو فاعتنقه، ثم ذَبَحَهُ، وسلبه سوارين كانا عليه وقباء ديباج. قال أبو زيد: ذكر أبو عُبيدة أنَّ عمرًا يومئذ حمل على رجل، فقتله، ثم صاح: يا معشر بني زبيد دونكم القوم، فإنهم يموتون، قال: وحضر عمرو الناس وهم يقاتلون، فرماه رجل من العجم بنشابة، فوقعت في كتفه، وكانت عليه درع حصينة، فلم تنفذ، وحمل على العلج فعانقه، فسقط إلى الأرض، فقتله عمرو، سولبه ورجع بسلبه وهو يقول:
أنَا أَبُو ثَوْرٍ وسيفي ذُو النونْ
…
أضربهم ضرب غلامٍ مجنونْ
يالَ زبيدٍ إنهمْ يموتونْ
قال أبو عبيدة: وقال في ذرك عمرو بن معدى كرب:
أَلْمِمْ بِسَلْمَى قَبْلَ أَنْ تَظْعَنَا
إلى قوله:
والخيلُ تَعْدُو زِيَمًا بينَنَا
وشهد عمرو وقعة القادسية وهو ابن مائة وعشرين سنة. انتهى. وتقدَّمت ترجمته في افنشاد الخامس بعد المائة.
وأنشد بعده:
رُبَّمَا أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ
…
ـتَرْفَعَنْ ثَوْبي شِمَالاتُ
وتقدَّم شرحه في الإنشاد السادس بعد المائتين.