الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثلاثون بعد الأربعمائة:
(435)
تامتْ فؤادكَ لوْ يحزنكَ ما صنعتْ
…
إحدى نساءٍ بني ذهلِ بنِ شيبانا
لما تقدم قبله، وكذا أنشده الجوهري في "الصحاح"، وقال ابن بري في "أماليه" على "الصحاح": المشهور في إنشاده: لم تقض الذي وعدت. انتهى.
ومنه يعلم أن نسخة الدماميني من "الصحاح" كانت محرفة، فإنه قال: الذي أنشده الجوهري: "لم يحزنك" بـ "لم" لا بـ "لو"، ورواه أبو علي في "التذكرة القصرية" عن ابن دريد:
تامتْ فؤادكَ لمْ تنجزكَ ما وعدتْ
فلا شاهد فيه، وكشفت عنه في "الجمهرة" فوجدته فيها، قال: وتامت المرأة الرجل تتيمة تيمًا، وتيمته تتيمًا: إذا ذهبت بعقله، قال الشاعر:
تامتْ فؤادكَ لمْ تنجزكَ ما وعدتْ
…
البيت.
ويروي: لم تقض الذي وعدت. انتهى. ورواه ابن عبيد عبد ربه في "العقد الفريد": "تامت فؤادك لو تقضي الذي وعدت"، وقال فيه: روي عن الشيباني أ، هـ قال: حدثنا بعض أصحابنا أن زرارة بن عدس نظر إلى ابنه لقيط، فقال: ما لي أراك مختالا؟ كأنك جئتني بابنه ذي الجدين، أو مائة من هجائن النعمان! قال: والله لا مس رأسي دهن حتى آتيك بهما، أو أبلى عذرًا، فانطلق حتى أتى ذا الجدين، وهو قيس بن مسعود الشيباني، فوجده جالسًا في نادي قومه من شيبان، فخطب إليه ابنته علانية، فقال له: هلا ناجيتني؟ قال: علمت أني إن ناحيتك لم أخدعك، وإن عالنتك لم أفضحك، قال: ومن أنت؟ قال: لقيط بن زرارة، قال: لا جرم لا تبين فينا عزبًا ولا محرومًا، فزوجه، وساق عنه المهر، وبني بها من ليلته تلك،
ثم خرج إلى النعمان، فجاء بمائتين من هجائنه، وأقبل إلى أبيه وقد وفي نذره الذي نذر، فبعث إليه قيس بن مسعود بابنته مع ولده بسطام بن قيس، فخرج لقيط يتلقاها في الطريق ومعه ابن عم له يقال له: قراد، فقال لقيط:
هاجتْ عليكَ ديارُ الحي أشجانا
…
واستقبلوا منْ لوىَ الحيرانِ قرمانا
نامتْ فؤادكَ لو تقضي التي وعدتْ
…
إحدىَ نساءِ بني ذهلِ بن شيبانا
فانظرْ قرادُ وما بي نظرةٍ فرحًا
…
عرض الشقائقِ هلْ ينبنَ عقيانا
فيهنَّ جاريةٌ نضحُ العبير بها
…
تكسىَ ترائبها دراٌ ومرجانا
كيفْ اهتديتَ ولا نجمٌ ولا علمٌ
…
وكنتَ عندي نؤومَ الليل وسنانا
انتهى. قوله: هاجت علين، خطاب لنفسه، وهاجت: هيجت وحركت، وديار: فاعله، وأشجان: مفعوله جمع شجن، بفتحتين وهو الحزن، واللوى: ما التوى من الرمل، والحيران، بفتح المهملة: اسم جبل، وقرمان، بفتح القاف وسكون الراء المهملة بعدها ميم: وهو موضع، كذا في "معجم البكري"، وقوله: لو يحزنك ما صنعت. لو: شرطية، وجوابها محذوف يدل عليه تامت، وفؤادك مفعول تامت، وإحدى: فاعله إن أضمرنا في "صنعت" ضميره على سبيل التنازع، وما: فاعل يحزنك، والمعنى أنها لو أرادت حزنك بشيء مما تصنعه كتمنع من المجيء إليك لهيمتك، ولكنها قصدت سرورك، فجاءت إليك، والمعنى على روايه "لم يحزنك": هيمتك مع كونها لم تفعل شيئًا مما يحزنك، فكيف لو فعلت. وأورد الميداني هذا البيت للقيط المذكور في قولهم:"أتيم من المرقش" قال: يعنون المرقش الأصغر، وكان متيمًا بفاطمة بنت المنذر الملك، ثم قال: وأتيم: أفعل من المفعول يقال: تامة الحب وتيمىه، أي: عبده وذلله، قال لقيط:
تامتْ فؤادكَ لمْ يحزنكَ ما صنعتْ
…
البيت.
وقوله: فانظر قراد، هو منادى بإضمار "يا" يقول لابن عمه: انظر عني،