الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يرضيك لتقر عينك من النظر إلى غيره، وأما قول بعضهم: معناه برَّد اللهُ دمعتها، لأن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، فإنه خطأ، لأنَّ الدمع كله حارّ. انتهى.
وقوله: ودعوتني، أي: إلى الإيمان، وزعمت، أي: قلت، وقوله: من خير أديان "من" للتبعيض، وقوله: لولا الملامة، أي: لوم قريش للمشركين، وسبّة: مفعول حذاري، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، والسُبّة بالضم: ما يُسب به، والسمح: المنقاد، وضنينًا، أي: بخيلًا بتركه.
روي في كتب السير وغيرها أن قريشًا جاءت إلى أبي طالب، فكلموه في النبيّ صلى الله عليه وسلم، فبعث إليه، فقال له: يا ابن أخي إنَّ قومك جاؤوني، وقالوا لي: كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أُطيق، فظنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أن قد بدا لعمّه فيه، وأنه خاذله فقال:"يا عم والله لو وضعت الشمس في يميني، والقمر في شمالي ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله تعالى أو أهلك في طلبه" ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا ولّى، قال له: يا ابن أخي امض على أمرك، وافعل ما أحببت، فو الله لا أُسلِمك لشيء أبدًا، وقال هذه الأبيات الخمسة، وترجمة أبي طالب تقدمت في الإنشاد السابع بعد المائتين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والستون بعد الأربعمائة:
(463)
فَلَنْ يَحْلَ للعينينِ بَعْدَكِ مَنْظَرُ
على أنَّ لن قد تجزم، فإن "يحل" مجزوم بحذف الألف، قال ناظر الجيش: قيل: إن الجزم بها لغة، وأنشد هذا المصراع والبيت كأبي حيّان. وأقول: المصراع
عجز، وصدره:
أيادي سبَايَا عزَّ ما كنتُ بعدكمْ
…
فلم يحلْ بالعينينِ بعدك منظرُ
كذا أنشده ابن الأنباري في "المقصور والممدود" وكذا أنشده القاني أيضًا في "المقصور والممدود" النسختان صحيحتان قديمتان. أما نسخة ابن الأنباري، فتاريخ كتابتها سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بعد وفاته بسبع وأربعين سنة، وأما نسخة القالي، فتاريخها سنة ثنّي عشرة وخمسمائة، وكاتبها من أولاد المصنف، قال في آخرها: تم جميع الديوان، والحمد لله حق حمده، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعبده، وفرغ من نسخة في عقب جمادى الآخرة سنة ثني عشرة وخمسمائة، وكتبه عبد الله بن محمد بن عمر بن أبي علي لنفسه نفعه الله به. انتهى.
قال ابن الأنباري: وقد أجمعت العرب على ترك الهمزة في قولهم: هذه أيدي، وأيادي سبا. وأصله الهمزة، ولكنه جرى في هذا المثل على السكون، فترك همزهُ قال العجاج:
مِنْ صادرٍ أو وَاردٍ أيدي سَبَا
وقال كثير:
أيادي سبَايَا عزَّ ما كنتُ بعدكمْ
…
فلم يحلْ بالعينينِ بعدك منظرُ
ويكتب بالألف، لأنَّ أصله الهمزة. انتهى كلامه. ونقله القالي بعينه من غير زيادة ولا نقص، وعزاه إليه. وقال ابن ولاد أيضًا في "المقصور والممدود": وَأما قول العرب: تفرقوا أيادي سبا، وأيدي سبا، فإنه جرى في كلامهم غير مهموز، وكتابه بالألف. انتهى. وكذا أنشده صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى:(فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كلَّ ممزق) من سورة سبأ [الآية 19] قال: أحاديث يتحدث الناس بها، ويتعجبون من أحوالهم، وفرقناهم تفريقًا، اتخذهُ الناس مثلًا مضروبًا، يقولون: ذهبوا أيدي سبا، وتفرقوا أيادي سبا، قال كثير: أيادي سبايَا عزَّ
…
البيت.