الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومالك: هو من مازن تميم، وكان لصًا يقطع الطّريق مع شِظاظ الضبّي الذي يضرب به المثل، فيقال:"ألصّ من شظاظِ". قال القالي في "ذيل أماليه": قال أبو عبيد: لمّا ولّى معاوية سعيد بن عثمان بن عفّان خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقيه بها مالك بن الرّيب، وكان فيما ذّكر من أجمل العرب جمالًا، وأبينهم بيانًا، فلمّا رآه سعيد أعجبه، فقال له: ويحك يا مالك ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من قطع الطّريق؟ ! قال: أصلح اللهُ الأمير، العجز عن مكافأة الإخوان، قال: فإن أغنيتك أتكفّ عمّا تفعل وتتبعني؟ قال: نعم، فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر، وكان معه حتى قتل بخراسان، ومكث مالك فمات هناك، فقال يذكر مرضه وغربته. وقال بعضهم: بل مات في غزوة سعيد، طعن فسقط، وهو بآخر رمق. وقال آخرون: بل مات في خان فرثته الجن لما رأت من غربته، ووجدته ووضعت الصّحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه، والله أعلم أيّ ذلك كان. انتهى. وقد أودعنا القصيدة بتمامها في شرح الشّاهد الخامس عشر بعد المائة من شواهد الرّضى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّادس بعد الأربعمائة:
فَلا تَشْلَلْ يَدٌ فَتَكَتْ بِعَمْروٍ
…
فإنَّكَ لَنْ تَذِلَّ وَلَنْ تُضامَا
على أنَّ "لا" فيه أيضًا للدّعاء، دعا له بأن لا تشل يده. قال أبو زيد في أوَّل "نوادره" قال رجل من بكر بنِ وائل جاهلي:
فَلَا تَشْلَلْ يَدٌ فَتَكَتْ بِبَحْرٍ
…
فَإِنَّكَ لَنْ تَذِلَّ وَلَنْ تُلَاما
وَجَدْنَا آل مُرَّةَ حِينَ خِفْنَا
…
جَرِيرَتَنَا هُمُ الأُنُفَ الكِرَاما
وَيَسْرَحُ جَارُهُمْ منْ حَيْثُ أَمْسَى
…
كَأنَّ عَلَيْهِ مُؤُتَنَفًا حَرَاما
وكتب بعد البيت الأوَّل أبو عمرو: بدأ فقال: لا تشلل، ثمَّ أقبل على صاحب اليد يخاطبه، فقال: فإنَّكَ لَنْ تَذِلَّ، أي: لا أشلَّها اللهُ، يقال: شَلَّتْ يَدُه، ولا يُقال شُلَت، ولكن أُشِلَّت، ويُقال: فتكتُ به أَفْتِكُ فَتكًا وفِتكًا: إذا وثبتَ به من غيرِ أن يعلم، فقتَلَته، أو قطعتَ منه شيئًا.
وكتب بعد البيت الثّاني: الجريرة، ما جرُّوا على أنفسهم من الذُّنوب، وجمع جريرة جرائر، وجمع جناية جنايا. والأُنُف: الذين يأنفُون من احتمال الضَّيم.
وكتب بعد البيت الثّالي السكر: يسرح، أي: يرسل ماشية في المرعى. مؤتنفًا حرامًا: يريد شهرًا حرامًا، فلا يُهاج فيه، أي: يرسل ماشية في المرعى. مؤتنفًا حرامًا: يريد شهرًا حرامًا، فلا يُهاج فيه، أي: هو من الأمر كأنه في شهر حرام، وكانوا لا يهيجونَ أحدًا في الشّهر الحرام. السّكري: وفي كتابي: مؤتنفًا، بكسر النّون، فإن لم يكن غلطًا، فإنّه أراد: كأنَّ عليه وهو مُؤتَنِفٌ مستأنف شهرًا حرامًا، فنصب "مؤتنفًا" على الحال. انتهى.
وقوله: ثمَّ أقبل على صاحب اليد يخاطبه، يريد أنّه من الالتفات، دعا له على الغيبة، ثمَّ خاطبه.
وقال أبو الحسن الأخفش فيما كتب على "النّوادر": ويُروى فتكت بعمرو. وقوله: يُقال: شَلَّت يدُه، أي: بالبناء للفاعل، وشلَّت بمعنى: يبست، واسترخت، ولا يُقال شُلّت، أي: بالبناء للمفعول، فإنّه فعل لازم، ولكن أُشِلَّت مجهول أشلّها اللهُ بتعديته بالهمزة. وقولُه: ويُقال: فتكت، يريد أنَّه جاء من باب نصر، وجاء في المصدر كسر الفاء أيضًا، وقوله: وجدنا آل مرّة الأُنُفَ، هو المفعول الثّاني لـ "وجدنا" وهم ضمير الفصل، وحين ظرف لوجدنه وجريرتنا مفعول "خفنا" وَأُنُف، بضمتين، جمع أَنِفَ بفتح الألف وكسر النّون، من أَنِفَ منه كفرح أَنَفًا وَأَنَفَةً محركتين، استنكف فهو أَنِف، ككَتِف وصاحب، والأوَّل أفصح كذا في "القاموس".