الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، فقال: هو في الأكل، فقال عليه الصلاة والسلام:"لّا أشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ" فمن ذلك اليوم ما تلّذَّذ معاوية بالأكل، وكان يأكل ما يأكل العشرة والعشرون في اليوم، ولا يشبع. كذا قال العيني هنا.
قال ابن عبد البرّ في "الاستيعاب": الوليد بن عقبة أخو عثمان بن عفّان لأمّه أسلم يوم الفتح هو وأخوه خالد بن عقبة، ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أنَّ قوله عز وجل (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)[الحجرات/ 6] نزلت في الوليد بن عقبة، وله أخبار شنيعة قد ترجمناه فيما يتعلّق بالبيت العاشر من "شرح بانت سعاد".
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثّامن بعد الأربعمائة:
ويِلْحَيْنَني في اللَّهْوِ أنْ لا أُحِبَّهُ
…
ولِلَّهْوِ داعٍ دَائِبٌ غَيْرُ غَافِلِ
على أنَّ "لا" زائدة. واليبت للأحوص وقبله:
ألا يَا لَقَوْمي قَدْ أَشَطَّتْ عَواذِلي
…
ويِزْعُمْنَ أن أوْدَى بحَقِّي باطِلي
نادى قومه على وجه الاستغلاثة من عواذله في تجاوزهنَّ وركوبهنَّ الشَّطَطَ في لومه على حبّه الحسان، والميل إلى اللهو مع وجود باعث ذلك فيه، وهو الشَّباب والعشق، فلا يمكنه قبول نصحهنَّ مع وجود هذا الباعث فيتعيّن أن تكون لا زائدة؛ لأنَّ الناضح إنما يلومه على الاشتغال بأسباب المحبَّة واللهو، لا على ترك ذلك.
ولمّا لم يقف الدّماميني على البيت السّابق لم يتّضح له وجه زيادتها، فردد المعنى بين احتمالين ممكنين حتى تظهر قرينة تعيّن المراد منهما، قال: يحتمل "يلحينني" أن يضبط بياء الغيبة أو بتاء الخطاب، ومعنى اللّحي: اللّوم، واللهو: اللّعب، و"أن" يحتمل أن تكون خفيفة ناصبة للمضارع، وأن تكون مخفّفة من الثَّقيلة، فالمضارع
المذكور مرفوع، والجملة خبر "أن" واسمها ضمير شأن محذوف على رأي الأكثرين، أو غيره على رأي المحققين، أي: أنني لا أحبَه، والدائب: الجادَ: يقال: دأت فلان في عمله، أي: جدَّ، وإنما تتعيّن زيادة "لا" إذا كان المراد: لحَيْنَهُ على حبّ اللهو وارتكابه إيّاه، ويكون عجز البيت كالعذر له في ذلك، فيكون مستأنفًا، ويحتمل أن تكون لا نافية، ، ويكون لومهنَّ له على اللهو لا على حبّه، ويكون عجز البيت حينئذٍ جملة حالية إمّا من فاعل يلحى أو مفعوله. وقصد الشّاعر أنَه مبغض للهو لا محبّ له، وأنَّ اللّواحي يلمنه على ذلك في حالة أنَّ داعي اللهو جادّ في الدعاء إليه غير غافل عنه، يصف نفسه بالجدّ والثَّبات عليه، وعصيانه للَّواحي مع توفّر الدّواعي إلى اللهو، فهو عكس المعنى الأوَّل، فإن وُجدت قرينة تعيّن المراد، عمل بمقتضاه، وإلا فاللّفظ محتمل، ويترجَح ما قلناه بسلامته من دعوى الزّيادة، وهي خلاف الأصل. هذا كلامه برمّته.
وبالبيت السّابق تعيّن زيادة "لا" وأنّه بياء الغيبة وأنَّ" أن" خفيفة لا مخففة لعدم تقدّم ما يفيد علمًا أو ظنًا، وقد أنشده أبو علي في آخر سورة الفاتحة من "الحجّة" على زيادة "لا" ونصب "أحبّه" بأن، فيكون "أن أحبّه" في تأويل مفرد مجرور بدل اشتمال من اللهو، والدّماميني مسبوق بفرض احتمال معنى النّفي في البيت. قال أبو حيّان في آخر تفسير سورة الفاتحة من "البحر" بعد إنشاد البيت: قال الطّبري، أي: أن أحبّه، وقال غيرُه: معناه إرادة أن لا أحبّه، فـ "لا" فيه متمكّنة، يعني في كونها نافية لا زائدة. انتهى. وصاحب هذا القول أيضًا كأبي حيّان لم يقف على البيت السّابق، وهو قرينة على تعيين زيادة "لا"، وممّن ذكر زيادتها في هذا البيت ابن الأنباري في كتاب "الأضداد".
والأحوص: هو ابن محمّد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري الأوسي. وكان عاصم يسمّى حَمِيَّ الدَبْر؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في بعث، فقتله