الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: ألم تعلما أن الملامة إلى آخره قد شرحنا هذا البيت في الشاهد التاسع والستين من شواهد شرح الشافية للرضي، والشمال: الخلق والطبع.
وقوله: أيا راكبًا إما عرضت. أي: إن أتيت العروض، وهي مكة والمدينة وما حولها. وندامى: جمع ندمان، بمعنى نديم، ونجران: مدينة بالحجاز من شق اليمن. وقد استوفينا الكلام على هذا البيت وسائر أبيات القصيدة مع ترجمة قائلها في شرح الشاهد الخامس عشر بعد المائة.
وقوله: أقول وقد شدوا إلى آخره، فيه قولان: الأول للقالي، وابن الأنباري: أن هذا مثل، قالا: لأن اللسان لا يشد بنسعة - بكسر النون وهو سير منسوج- وإنما أراد افعلوا بي خيرًا لينطلق لساني بشكركم، وإلا فلساني مشدود لا أقدر على مدحكم، والثاني للجاحظ، ولصاحب "الأغاني": أنهم ربطوا لسانه بها خوفًا من هجائه.
وقوله: وقد علمت عرسي .. الخ. العرس بالكسر: الزوجة وقد شرحنا هذا البيت في الشاهد السادس الثمانين بعد المائة من شواهد شرح الشافية للرضي.
وعبد يغوث: سيد بني الحارث بن كعب في الجاهلية، وكان فارسًا شاعرًان قال الجاحظ في "البيان": ليس في الأرض أعجب من طرفة بن العبد وعبد يغوث، فإنا قسنا جودة أشعارهما في وقت موتها، فلم تكن دون سائر أشعارهم في حال الأمن والرفاهية.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والأربعون بعد الأربعمائة:
(449)
أري عينيَّ ما لمْ ترْأياهُ
على أنه جاء على الأصل من تحقيق الهمزة دون حذفها، وتقدم كلام ابن جني فيها، وقال الزجاجي في كتاب "الأخبار" قوله: ترأياه رد إلى الأصل، والعرب لم تستعمل يرى وترى، وأرى ونرى إلا بإسقاط الهمزة تخفيفًا، فأما في
الماضي، فالهمزة مثبتة، وكان المازني يقول: الاختيار عندي أن أرويه: ترياه بغير همز، لأن الزحاف أيسر من رد هذا إلى أصله، وكذلك كان ينشد قول الآخر:
أَلمْ ما لا قيتُ والدهرُ أعصرُ
…
ومن يتمل العيش يرى ويسمعُ
بتخفيف الهمزة. انتهى.
ونقل أبو حيان في "تذكرته" من كتاب "لغات القرآن" للفراء أنه قال: رأيت بالهمزة، ويجتمعون جميعًا على يرى ونرى وأرى بغير همز إلا بني أسد وتيم الرباب، فإنهم يهمزون ترى، فيقولون تراى، أنشدني بعض بني أسد:
ألا تلك جارتنا بالغضا
…
تقول أتر أينهُ لنْ يضيفا
وأنشدني معاذ:
أري عينييَّ ما لمْ ترأياهُ
…
كلانا عالمٌ بالترهاتِ
وأنشدني المفضل:
ألمْ تر ما لا قيتُ والدهرُ أعصرٌ
…
ومن يتمل العيش يرأ ويسمعا
انتهى. وأنشده أبو زيد في "النوادر" كما تقدم، وقال: ورواه أبو حاتم عن أبي عبيدة: ما لم تبصراه، والترهات: الأباطيل. قال الجاحظ في فصل محاسن الدهاء والحيل من كتاب "المحاسن والأضداد": قال الهيثم بن الحسن بن عمارة: كان سراقة البارقي من ظرفاء أهل الكوفة، فأسره رجل من أصحاب المختار فأتى به المختار، فقال له: أسرك هذا؟ قال سراقة: كذب والله ما أسرني إلا رجل عليه ثياب بيض على فرس أبلق، فقال المختار: أما إن الرجل قد عاين الملائكة، خلوا سبيله، فلما أفلت أنشأ يقول:
ألا أبلغْ أبا إسحاقَ أني
…
رأيتُ البلقَ دهمًا مصمات
أري عينيَّ ما لمْ ترأياهُ
…
كلانا عالمٌ بالترهاتِ
كفرتُ بوحيكمْ وجعلتُ نذرًا
…
عليَّ قتالكمْ حتى المماتِ
انتهى. وأورد له حكاية أخرى ظريفة، وأورد له أيضًا هذا الشعر:
قالوا سراقةُ عنينٌ فقلتُ لهمْ
…
الله يعلمُ أني غيرُ عنينِ
فإنْ ظننتمْ بي الشيءَ الذي زعموا
…
فقربوني من بنتِ ابنِ يامينِ
وكذا أورد حكاية الأبيات الثلاثة الأصبهاني في "الأغاني" وقال ابن عبد ربه في "العقد الفريد" قال أبو حاتم: حدثنا أبو عبيدة قال: أخذ سراقة بن مرداس البارقي أسيرًا يوم جبانة السبيع فقدم في الأسرى إلى المختار، فقال:
امننْ عليَّ اليوم يا خيرَ معدْ
…
يا خيرَ منْ لبى وصلى وسْ
فعفا عنه المختار، ثم خرج مع إسحاق بن الأشعن، فأتي به إلى المختار أسيرًا، فقال له: ألأم أعف عنك، وأمنن عليك؟ أما والله لأقتلنك، قال: لا والله لا تفعل إن شاء الله، قال: ولم؟ قال لأنَّ أبي أخبرني أنك تفتح الشام حتى تهدم مدينة دمشق حجرًا وأنا معاك، ثم أنشده:
ألا أبلغْ أبا إسحاقَ أنا
…
حملنا حملةً كانتْ علينا
خرجنا لا ترى الضعفاء شيئًا
…
وكانَ خروجنا بطرًا وحينا
تراهمْ في مصفهمُ قليلًا
…
وهم مثلُ الدبا لما التقينا
فأسجحْ إذ قدرت فلو قدرنا
…
لجرنا في الحكومة واعتدينا
تقبل توبة مني فإني
…
سأشكر إنْ جعلتَ النقدَ دينا
قال: فخلى سبيله، ثم خرج إسحاق بن الأشعت، ومعه سراقة، فأخذ أسيرًا، وأتي به إلى المختار، فقال: الحمد لله الذي أمكني منك يا عدو الله هذه ثالثة، فقال سراقة: أما والله ما هؤلاء الذين أخذوني فأين هم لا أراهم إنا لما التقينا رأينا قومًا عليهم ثياب بيض، وتحتهم بلق، تطير بين السماء والأرض فقال المختار: خلوا سبيله ليخبر الناس، ثم دعا لقتاله، فقال: