الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل هو ماضي المعنى، وعديم: وصف من عدمته من باب: فرح: إذا فقدته، والرّاجوك أصله الرّاجون جمع، وبه روي أيضًا، فلما أضيف إلى الكاف، حذفت النّون، وروي أيضًا الرّاجيك بالإفراد، ومظهرًا مفعول لألفى بمعنى وجد على سبيل التفريغ، وخلق: مفعول مظهر، ولم أقف على تتمَّته، وعلى قائله. والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّابع عشر بعد الأربعمائة:
قومٌ إذا حارَبُوا شَدٌّ، امآزِرَهُمْ
…
دُونَ النِّسَاءِ ولو باتتْ بِأَطْهَارِ
على أنَّ باتت متعيّن فيه معنى الاستقبال، ولو فيه بمعنى إن للشّرط في المستقبل، لأنَّ لو الوصليّة يكون شرطها مستقبلًا. قال المبرّد في "الكامل" قوله: ولو باتت بأطهار، أصلها في الكلام أن تدلّ على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني، لأعطيتك، ولو كان زيد هنا لضربته، ثمَّ تتسعُ فتصير في معنى "إن" الواقعة للجزاء، تقول: أنت لا تُكرمني ولو أكرمتك، تريد: وإن، قال الله عز وجل:(وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)[يوسف/ 17]، فأمّا قوله عز وجل:(فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ)[آل عمران/ 91] فإنَّ تأويله عند أهل اللغة لا يقبل أن يتبرر به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ "لو" في معنى إن. انتهى كلامه.
وتبعه ابن عصفور في "المقرّب" واعترضَ عليه ابن الحاج في نقد المقرّب، فقال قوله إنَّ "لو" تجيء بمعنى "إن" خطأ، والقاطع بذلك أنَّك لا تقول لو يقوم عمرو، فعمر منطلق كما تقول: إن لم يَقم زيد، فعمرو منطلق، فأمّا "ولو باتت بأطهار"، فنصَّ فيه المؤلّف على أنَّ لو فيه بمعنى إن، والفعل بعدها مستقبل، وليس ذلك بلازم، لأنَّ المعنى ليس على الاستقبال ولا بدَّ، فمبيت النّساء بأطهار يحقِّق المضي، وكذلك كفّهم عنهنّ، كأنه قال: ولو طهرت، لكان ذلك، وإنما مدحهم بأمر قد ثبت لهم، وتحقّق، ومضى من أفعالهم، ووجود إذا في البيت لا يخالف ما قلت،
لأنَّ الشَّاعر لم يقصد أنهم سيفعلون كذا، فإنَّ المدح بذلك تقصير، وإنما قصد أنهم على صفة ثابتة من شرف الهمَّة بحيث إنهم متى حاربوا، كفّوا عن النساء، وكلّ ذلك ماض من أفعالهم، وإنما وردت إذا هنا دون إذ لأنَّ إذا تعطي المادح أن هذه عادتهم المألوفة لهم ليس أنهم فعلوا ذلك مرّة واحدة في الدّنيا أو هذا كقولك: كنت عادتهم المألوفة لهم ليس أنهم فعلوا ذلك مرّ! ة واحدة في الدنيا أو هذا كقولك: كنت صابرًا إذا ضربت، وكان فلان جوادًا إذا سُئل، ثمَّ إني أقول إن صح: لو تكرمني غدًا أكرمتك، يكون قد صحَّ أنَّ ما بعدها يكون ماضيًا ومستقبلًا، فتكون لما سيقع لوقوع غيره، وليست في ذلك معارة معنى إن، ولا محمولة عليها. وذهب المبرّد في "الكامل" إلى أن "لو" بمعنى "إن" في (وَلَوِ افْتَدَى بِهِ)[آل عمران/ 91] وفي (وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)[يوسف/ 17].
وفي: ولوْ خالَهسا تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمْ
وفي: وَلَوْ تَكَبَّسَ أوْ كانَ ابنَ أحْذارِ
وفي: ولَوْ قطَّعُوا رأسي لديك وأوصالي
والاستقبال في "ما" بعد "لو" في هذا ظاهر ومن كلامهم: "ادفع الشَّرَّ ولو كانَ أصبعا" و"التمس ولو خاتمًا من حديد" وإن لا تصلح هنا. وتجد "لو" تقع بين العامل والمعمول كثيرًا نحو: اضرب زيدًا ولو قاعدًا، واملأ الإناءَ ولو ماءً، واضرب ولو زيدًا، وليقم ولو بكر. ولا يجوز أن
تصلح هنا "إن" ولست أدري ألذلك معنى، أم مجرّد استعمال؟ والاستقبال في هذا ظاهر. وينظر في أجوبة "لو" في هذه الأشياء، وفي تحقيق معناها، فقد بقي عليّ في ذلك نظر. هذا آخر كلام ابن الحاج ونقلته من "تذكرة أبي حيّان".
والبيت آخر قصيدة للأخطل النّصراني، قال السكري جامع ديوانه: مدح بها يزيد بن معاوية، وهذا أوّل المديح:
إني حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ ومَا
…
أضحى بمكةَ مِنْ حُجْبٍ وأستارِ
وبالهَديِّ إذَا احْمَرَّتْ مَذَارِعُهَا
…
في يومِ نسكٍ وتشريقٍ وتنحارِ
وما بزمزمَ مِنْ شُمْطٍ مُحَلِّقَة
…
وما بيثرِبَ مِنْ عُونٍ وأبْكارِ
لألجأتَني قُرَيْشٌ خائفًا وَجِلًا
…
ومولتني قُرّيشٌ بَعْدَ إقتارِ
المنعمون بنو حربٍ وقد حدقت
…
بيَ المنيةُ واستبطأتُ أنصاري
بهِمْ تكَشَّفُ عَنْ أحيَائها ظُلَمٌ
…
حتى ترَفَّعَ عَنْ سمعٍ وأبصارِ
قومٌ إذا حاربوا شدُّوا مآزرَهُمْ
…
البيت
…
ومن أوّل القصيدة إلى ما ابتدأنا منه نسيب، وذكر خمر ونديم، ومنها:
وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادمني
…
لا بالحصورِ ولا فيها بسوارِ
نازعتُه طيِّبَ الراحِ الشمولِ وقد
…
صاح الدجاجُ وحانت وقفةُ الساري
واستشهد به صاحب "الكشاف" على أنَّ الحصور هو الذي لا يدخلُ معهم في الميسر، لأنه كان عندهم من أفحش البخل. و"ربّ" مقدرة بعد الواو، والمربح: الذي يشتري الخمر بربح كأنه يجعل صاحبها رابحًا بأكثر مما تساوي، وإن شط بائعها في السوم، وقوله: لا بالحصور، أي: لا هو بالحصور، و"لا" ليست عاملة، ولهذا كررت، والباء تزاد في الخبر المنفي مطلقًا، وأخطأ خضر الموصلي في زعمه أنَّ "لا" عاملة عمل ليس بدليل زيادة الباء، وغفل عن أنها لا تعمل إلا في النكرة. وأنَّ الباء يجوز زيادتها قياسًا في كل خبر منفي. وسوار: معربد، من ساوره، إذا واثبه. ونازعته/ حاذيته، والدَّجاج هنا: الدّيك، والسَّاري: الذي يقوم سحرًا ليسير.
وقوله: إني حلفتُ بربّ الرّاقصات .. الخ. حلف الملعون هنا على طريقة المسلمين بذكر ما يتعلق بمكة المكرَّمة من النسُك تعظيمًا له، وهو إنما فعل هذا نفاقًا وتقربًا إلى ممدوحه، والراقصات: الإبل المسرعة، من الرقص - بفتحتين - وهي الخبب، ولا يوصف به غير الإبل، والهدي كغني: ما يهدي إلى مكة كالهدْي بسكون الدال، والمذارع بالذَّال المعجمة: قوائم الدابَّة، والنَّواجي، والنّسك: العبادة، واسم الذَّبيحة أيضًا. وأيام التشريق: أيَّامُ منى، والتشريق: تقديدُ اللَّحم. وتنحار: مصدر بمعنى النَّحر، وشمط: جمع أشمط: وهو الذي قد اختلط البياض بسواد شعر رأسه. والعون، جمع عوان: وهي المرأة الوسط.
وقوله: لألجأتني: هو جواب القسم، يقال ألجأت فلانًا، أي عصمته، ودافعت عنه، وأما لجأ بلا ألف، فهو بمعنى: لاذ، ويأتي ألجأه بمعنى اضطره، وليس بمراد هنا. وخائفًا: حال من الياء، ومؤلتني: جعلتني ذا مال، والإقتار: الفقر. قال السكري: حدق يحدقُ حُدُوقًا، وأحْدَقَ إحدَاقًا. وقوله: شدُّوا مآزرهم: كناية عن ترك الجماع، فإنَّ المئزر وهو الإزار إنما يحلٌّ عند إرادة الجماع، وقوله: ولو باتت بأطهار. قال المبرّد: معناه أنَّه يجتنبها في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون أنَّ الأقراء الطّهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار يحتجون بقول الأعشى:
وفي كُلّ عامٍ أنتَ جاشِمُ غَزْوَة
…
تَشُدُّ لأقصاهَا عَزِيمَ عزائِكَا
مُوَرِّثَةً مالًا وفي الأصلِ رِفْعَةً
…
لما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
انتهى. قال أبو جعفر: القرء في اللغة: اسم للوقت، فاحتمل أن يقع على وقت الطّهر، وعلى وقت الحيض، وأهل العراق يتأوَّلون قول الأعشى على أنَه أراد قد ضاع وقت نسائك في جماعك. انتهى.
وقال المبرّد: يكتب صاحب اليمن إلى عبد الملك في وقت محاربته ابن الأشعث: إني قد وجّهت إلى أمير المؤمنين بجارية اشتريتُها بمال عظيم، ولم يُر مثلها، فلمَّا دخل