الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بني عامر، فإنهم يرفعون الجيم، أنشد بعضهم: لا يجدن غليلًا. البيت، وبعض تميم يقول: هو يجد بصاحبه وفي الجزم: لم أجد بك، ولم أجد بك، أنشدني بعضهم:
فوَ اللهِ لولا بغضهمْ ما سببتكمْ
…
ولكنني لمْ أجدِ منْ سبكمْ بدا
انتهى. والجيم في أمثلته ساكنة، والدال في الجزم مكسورة ومفتوحة. وقد بسطنا الكلام على هذه الكلمة في الشاهد الواحد والعشرين من شواهد "شرح الشافية" للرضي وترجمة جرير تقدمت في الإنشاد الحادي عشر.
وأنشد بعده:
لولا رجاؤكَ قدْ قتلتُ أولادي
على أن جواب لولا أيضا قد اقترن بقد، وهو غريب أيضًا، وهو من قصيدة لجرير تقدم شرحه مع أبيات منها في الإنشاد الثالث والتسعين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثلاثون بعد الأربعمائة:
(439)
قالتْ سلامةُ لمْ يكنْ لكَ عادةٌ
…
أنْ تتركَ الأعداءَ حتى تعذرا
لوْ كانَ قتلٌ يا سلامُ فراحةٌ
…
لكنْ فررتُ مخافةً أنْ أوسرا
على أن جواب لو هنا قد جاء مقترنًا بالفاء مع حذف المبتدأ تقديره: فهو راحة، كذا استدل به ابن مالك على ما حكاه أبو حيان وناظر الجيش في شرحيهما على "التسهيل" عن ابن المصنف، قال ناظر الجيش: قال الإمام بدر الدين: انفردت لو بلزوم كزن جوابها في الغالب مضارعًا مجزومًا بلم، أو ماضيًا مثبتًا، أو منفيًا بما، وقوله:"في الغالب": احتراز من مجيء جواب لو جملة اسمية مصدرة باللام، كقوله تعالى:(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ)(البقرة/ 103) وبالفاء كما أنشده الشيخ من قول الشاعر:
قالتْ سلامةُ لمْ يكنْ لكَ عادةٌ .. البيتين.
فحمل ما بعد الفاء على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو راحة، والجملة جواب للو، وجاز أن تجاب بجملة اسمية مقرونة بالفاء تشبيهًا بإن، ويجوز عندي أن يكون بعد الفاء معطوفًا على فاعل كان، وجواب لو محذوف تقديره: لو كان قتل فراحة لثبت، كما حذف في مواضع كثرة. انتهى، وهو كلام والده في "شرح الكافية" ألا تصدر جملة الجواب بالفاء، والبيتين، كأنه ذكر ذلك في غير الشرح المذكور، لأنه ذكر أن البيتين من إنشاداته. انتهى كلام ناظر الجيش، ولم أر ما نقلاه عنه في فصل "لو" من شرحه لألفية والده، والله أعلم.
والبيتان لعدو الله ورسوله عامر بن الطفيل قاتله الله تعالى، وبعدهما:
وسبقتُ قبلَ المقرفينَ فواريًا
…
لبني فزارةَ دارعينَ وحسرا
أصعدتهما في الجرَّ ثمَّ حدرتها
…
في الوعر إذ منعوا الطريقَ الأعسرا
وليتهمْ كتفيَّ وهيَ ملحةٌ
…
تدعُ الهنابكَ والعجاج الأكدرا
وهي خمسة أبيات لا غير، والرواية:"أن تترك الأصحاب حتى تعذرا" فإنه فز من الحرب، وترك أصحابه فيها فلامته على ذلك، فأجابها بما ذكره، وليسن الرواية "أن تترك الأعداء" كما وقع في المتن. وتبعه في ترك الأصحاب الحارث بن هشام لما فر يوم قبل إسلامه، وترك أصحابه المشركين، فقال يعتذر من فراره:
اللهُ يعلمُ ما تركتُ قتالهمْ
…
حتى علوا فرسي بأحمر مزبدِ
وعلمتُ أنيِ إنْ أقاتلْ واحدًا
…
أقتلْ ولا يضررْ عدوي مشهدي
فصدفتُ عنهمْ والأحبةُ فيهمُ
…
طمعًا لهم بعقاب يومٍ مفسدِ
وقوله: حتى تعذرا، قال جامع ديوانه: أي: حتى تبلغ عذرًا، قال عروة بن الورد:
ومبلغُ نفسٍ عذرها مثلُ منجحِ
انتهى. يريد أنه من أعذر الرجل إذا أتى بعذر بالضم، وهو الشيء الذي يرتفع به اللوم، وقوله: لم تكن لك عادة. الراوية: تكن بالمثناة الفوقية، ورفع عادة على أنه
اسمها، "ولك" كان في الأصل صفتها، فلما قدم صار حالًا منها، وأن تترك الأصحاب: في تأويل مصدر منصوب خبر تكن، ويجوز الإخبار بالمعرفة عن النكرة في باب كان كما تقدم بيانه عند قوله:
وربما فات قومًا حل أمرهم
…
البيت،
ويجوز أن يكون يكن بالمثناة التحتية، ونصب عادة أنه خبرها مقدمًا، وأن تترك الأصحاب: اسمها مؤخرًا، وتجويز الدماميني تقدير همزة الاستفهام مبني على ثبوت الأعداء موضع الأصحاب. وقوله: يا سلام، بفتح الميم مرخم سلامة، ويجوز ضمها، ومخافة: مفعول لأجله، وأن أوسرا بالبناء للمفعول مؤول مصدر مجرور بمن مضمرة، وقوله: وسبقت قبل المقرفين
…
إلخ، والحسر: جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه. انتهى. وقوله: أصعدتها، الضمير للفوارس، قال جامع ديوانه: أصعدتها: جعلتها مصعدة، والجر: أصل الجبل قال الشاعر:
هلَاّ صبرتمْ غداةَ الجرَّ من أحدٍ
وهو بفتح الجيم، وتشديد الراء، والوعر: الخشن من الطريق. انتهي.
وحدرتها: أنزلتها، والواو في منعوا ضمير الأعداء، والأيسر: السهل، والذي فيه يسر. يسر. وقوله: وليتهم كتفي، مثنى كتفت، أي: جعلت كتفي قريبة منهم، فكانوا أمامي، وكنت خلفهم لأحميهم، وضمير وليتهم، وهي كلاهما للفوارس، وتدع: تترك، قال جامع ديوانه: الهنابك الخبار من الأرض، وهي الرخوة والواحدة هنبكة. انتهى.
اخبر أن الفوارس سلكزا الطريق الوعر، وتركوا الطريق السهل لئلا يلحقهم العدو، وملحة: اسم فاعل من الإلحاح، أراد أنها ملحة في السير غير متهاونة به، افتخر بحماية أعقاب المنهزمين إلى أن أوصلهم مأمنهم من الطريق الوعرة.
وعامر بن الطفيل: فارس شاعر جاهلي من بني عامر وهو ابن عم لبيد الصحابي، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:"اللهم اكفني عامرًا، واهد بني عامر" فانصرف وهو يقول: لأملأنها خيلًا جردًا، ورجالًا مردًا، ولأربطن بكل نخلة فرسًا. فطعن في طريقة فمات، وهو يقول: : غدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية".