الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: لقد طمح، أي: ارتفع. قال أبو عبيدة: الطماح رجل من بني أسد اسمه حبيب، وقيل: منقذ، وسمّي الطماح بقول امرئ القيس، وقال الأصمعي: قوله: لقد طمح الطماح، يعني قيصر، وترجمة امرئ القيس تقدمت في الإنشاد الرابع من أول الكتاب.
وأنشد بعده:
أعِدْ نظرًا يا عبد قيسٍ لعلمَا
…
البيت.
لما تقدَّم قبله، وهو من إنشاد سيبويه في كتابه. وأقول: هذا البيت لا يوجد في غالب نسخ كتاب سيبويه، قال أبو جعفر النحاس في شرح شواهده: هذا البيت في كتاب سيبويه: لم يروه غير أبي الحسن الأخفش. انتهى. وقد تقدم شرحه قريبًا.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والسبعون بعد الأربعمائة:
(475)
فليتَ كفافًا كان خيرك كلهُ
…
وشرُّكَ عني ما ارتوى الماءَ مرتوِي
على أن هذا البيت مشكل، وقد لخص المصنف كلامه عليه من "أمالي ابن الشجري" فإنه أورد الكلام عليه في مجلسين منها: المجلس الأول وهو الثامن والعشرون، والثاني هو المجلس السادس والثلاثون، وكان المناسب أن يورد هذا البيت في بحث "ليت" لكنه لما فاته هناك أورده هنا بمناسبة، وهو جواز مجيء خبر ليت فعلًا ماضيًا كخبر لعل، وقد تكلم في إعراب هذا البيت غالب أئمة النحويين كأبي علي وعبد القادر والعبدي، وابن الشجري، وابن الحاجب في "أماليه" وأبي حيان في "تذكرته" والرضي وغيرهم، وقد جمعنا كلامهم، ولخصناه في شرح الشاهد الرابع والثمانين بعد الثمانمائة، ومن أراد التبحّر في إعرابه فلينظر هناك.
والبيت من قصيدة ليزيد بن الحكم بن أبي العاصي الثقفي، قال صاحب "الأغاني" عاتب فيها ابن عمه عبد الرحمن بن عثمان بن أبي العاصي، وله قصائد أخر عاتب
فيها أخاه عبد ربه بن الحكم، وأورد هذه القصيدة القالي في "أماليه" والأصبهاني في "أغانيه" وابن الشجري في "أماليه" مختصرة، وعند كلٍ ما ليس عند الآخر، وأرودها أبو علي بتمامها في "المسائل البصرية" وهي هذه:
تكاشرني كرها كأنك ناصحٌ
…
وعينك تبدي أن صدرط لي دوِي
لسانك لي أريٌ وغيبك علقمٌ
…
وشرُّك مبسوطٌ وخيرك مُلتوِي
تفاوض من أطوي طوى الكشح دونه
…
ومن دون ما صفافيته أنت مُنطوِي
تصافح من لاقيت لي ذا عداوة
…
صفاحًا وعنيّ بين عينيك منزوي
أراك إذا استغنيت عنا هجرتنا
…
وانت إلينا عند فقرك مُنطوِي
إليك انعوى نُصحي ومالي كلاهُما
…
ولست إلى نصحي ومالي بمنعوي
أراكَ إذا لم أهوَ أمرًا هويتهُ
…
ولستُ لما أهوى من الأمرِ بالهوِي
أراكَ اجتويت الخيرَ منيَ واجتوى
…
أذاك فكل مجتوٍ قربَ مجتوي
فليت كفافًا كان خيرُك كلهُ
…
وشرُّك عني ما ارتوي الماء مُرتوي
لعلك أن تنأى بأرضك نيةٌ
…
وإلا فإني خليلًا صالحًا بك مقتوي
فلم يُغوني ربي فكيف اصطحابُنا
…
ورأسُك في الأغوى من الغيِّ مُنغوي
عدوُّك يخشى صولي إن لقيته
…
وأنت عدُّوي ليس ذلك بمستوِي
وكم موكن لولاي طحت كما هوى
…
بأجرامه من قلَّةِ النيقِ مُنهوي
نداك عن المولى ونصرك عاتمٌ
…
وأنت له بالظلم والغمر مختوي
توّدُ له لو ناله نابُ حيَّةٍ
…
ربيبُ صفاةٍ بين لهبين منحَوِي
إذا ما بنى المجد ابن عمك لم تعِن
…
وقلت ألا بل ليت بناينهُ خوِي
كأنك إن قيل ابن عمك غانمٌ
…
شج أو عيمدٌ أو أخو مغلة لوي
تملأت من غيظٍ فلم يزلْ
…
بك الغيظ حتى كدتَ في الغيظ تنشوي
فما برحت نفسٌ حسودٌ حشيتَها
…
تذيبك حتى قيل هل أنت مُكتوي
وقال النَّطاسيون إنك مشعرٌ
…
سُلالًا ألا بل أنت من حسدٍ جَوي
فديت أمرءًا لم يدو للنأي عهدهُ
…
وعهدكَ من قبل التنائي هو الدَّوِي
جمعت وفحشًا غيبةً ونميمةً
…
خلالًا ثلاثًا لست عنها بمرعوي
أفحشًا وخبًا واختناءً عن الندى
…
كأنَّك أفْعى كُديةٍ فرَّ محجوي
فيدحُو بك الدَّاحي إلى كل سوأةٍ
…
فياشرَّ من يدحوا بأطيش مدحوي
أتجمع تسألَ الأخلاء ما لهُمْ
…
ومالكَ من دونِ الأخلاءِ تحتوْي
بدا منكَ غشٌ طالما قد كتمتهُ
…
كما كتمت داء ابنها أمُّ مُدَّوِي
هذا آخرها وتركنا منها بيتين حرفهما الكاتب.
قوله: أن صدرك لك دوي، هو وصف من دوي صدره دوَى كفرح فرحًا: إذا انطوى على حقد، والأري كفلس: العسلُ، وتفاوض: مضارع فاوضه: إذا أظهر له أمره، وطوى كشحه على فلان: إذا أعرض عنه، وبين عينك مرفوع مبتدأ، ومنزوي خبره، وانزوت الجلدة: تجمّعت وانقبضت، وانطوى إليه: لجأ، وانضم إليه، وانعوى: انعطف مطاوع عواه: عطفه، واجتواه بالجيم: كرهه، وأن تنأى: أن تبعد، ومنتوي: عازم، وقوله: بك مقتوي بفتح الميم: الخادم، نسبة إلى مقتة بالفتح والقصر وهو مصدر قتا يقتو قتوًا ومقتىً، أي خدَم،
وقوله: وكم موطن لولاي طحت، بضم الطاء وكسرها، لأنَّ مضارعه يطوح ويطيح: إذا هلك، والأجرام جمع جرم بالكسر وهو الجسد، كأنه جعل كل عضو جرمًا، وقيل: الجمع جرم بالضم وهو الذنب، ومنهوي: الهاوي. وقد شرحنا هذا البيت في الشاهد الثالث والتسعين بعد الثلاثمائة من شواهد الرضي، والندى: الجود، والمولى: ابن العم، وعاتم: بطيء، يقال: عمّ بالعين المعملة والمثناة من باب
ضرب: إذا أبطأ وقصّر، والغمر بالكسر: الحقد، ومختوي بالحاء المعجمة: الجائز المُقسط، ونابه: أصابه، وناب الحيّة: سنها، والحية: تطلق على الذكر والأنثى، والمراد هنا: الذكر، والصفاة: للصخرة الملساء، واللِهب بكسر اللام وسكون الهاء: الشقّ في الجبل، والمنحوي بالنون والحاء المهملة: المجتمع، وخوي المنزل: سقط، والشجي: الحزين، والعميد: الذي قد هدَّه المرض حتى احتاج إلى أن يُعمد، أي يُسند، والمغلة: بفتح الميم وسكون الغين المعجمة: على تكون في الجوف، واللَّوي: الذي في جوفه وجه، وفعله لوي من باب فرح، والنطاسي بكسر النون: العالم بالطب، ومُشعر اسم مفعول، مُلبَس، والسُلال بالضم: مرض السلّ، والجوي وصف من الجوى بفتحتين، وهو داءٌ للقلب. وقوله: جمعت وفحشًا غيبة
…
البيت، قد بسطنا شرحه في الشاهد الثمانين بعد المائة من شواهد الرضي. وقوله: أفحشًا وخبثًا إلى آخره، الخِبّ بكسر الخاء المعجمة مصدر خبّ من باب علم: إذا خدع ومكر، والاختناء بالخاء المعجمة وكسر المثناة الفوقية بعدها نون: التقبض، والتجمع، والندى: الجود، والكُدية بالضم: الأرض الصُلبة، والافعى هنا: الأفعوان، ومحجوي: المنطوي بتقديم الحاء المهملة على الجيم، والدحو: الرمي، دحا الفرس يدحو: إذا رمى بيديه رميًا، والسوءة بالفتح: القبيح والعيب، والطيش: الخفة، ومدحوي: مرمي، بناه من ادحواه لغة في دحاه، أي: رماه، وقوله: كما كتمت داء ابنها أمّ مدوي، يضرب بها المثل لمن يورّي بالشيء عن غيره، ويكني به عنه، وأصله أنَّ امرأة منالعرب خطبت على ابنها جارية، فجاءت أمّها إلى أمّ الغلام لتنظر إليه، فدخل الغلام، فقال لأمّه: ادّوي بتشديد الدال على وزن افتعل، فقالت له: اللحام معلق بعمود البيت، والسرج في جانبه، فأظهرت انَّ ابنها أراد أداة الفرس للركوب، فكتمت بذلك زلة ابنها عن الخطأ به، وإنما أراد ابنها أكل الدّواية، بضم الدال وهي القشرة التي تعلو اللبن والمرق، تقول منه: دوَّى البنُ بتشديد الواو، وقد ادَّويتُ على وزن افتعلت فأنا مُدَّوٍ بتشديد الدال