الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن بعد الخمسمائة:
صَددْتِ فأطولتِ الصُّدُوج وقلَّما
…
وِصَالٌ على طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ
على أنَّ سيبويه قال: إنه ضرورة. أقول: أورده سيبويه في موضعين من كتابه الأوَّل في باب ما يحتمل الشعر، وقال: إنما الكلام: وقلَّما يدوم وصال، والثاني في باب الحروف التي لا يليها بعدها إلا الفعل، ولا تغير الفعل عن حاله، قال فيه: وقد يجوز في الشعر تقديم الاسم، قال:
صَدَدْتِ وأطْوَلْتِ الصُّدُودَ
…
البيت
قال النحاس: أخبرنا علي بن سليمان، عن محمد بن يزيد المبرد أنّه خالف سيبويه في هذا، وجعل "ما" زائدة، وقدره: وقل وصال يدوم على طول الصدود، قال: والصواب عندي ما ذهب إليه سيبويه، لأنه إنما أراد تقليل الدوام، وقلما نقيضه كثر ما، وجعل سيبويه ما كافة. انتهى. وقال الأعلم: أراد: وقلما يدوم وصال، فقدَّم وأخر مضطرًا لإقامة الوزن، والوصال على هذا التقدير فاعل مقدّم، والفاعل لا يتقدَّم في الكلام، وفيه تقدير آخر وهو أن يرتفع بفعل مضمر يدلّ عليه الظاهر، فكأنه قال: وقلما يدوم، وهذا أسهل في الضرورة، والأول أصح معنى، وإن كان أبعد في اللَّفظ.
وقال ابن السرج في فصل الضرائر من كتاب "الأصول": ليس يجوز أن ترفع وصالًا بيدوم، ولكن يجوز عندي على إضمار يكون كأنه قال: قلَّما يكون
وصال يدوم على طول الصدود. انتهى. ولا يخفى أنَّ هذا ليس من مواضع حذف كان، وقول المصنف في تقرير كلام المبرّد: ووصال فاعل لا مبتدأ غير جيد، فإنَّ المبرد مراده أنَّ وصالًا فاعل قل، لا فاعل يدوم المذكور ولا غيره من الأوجه المذكورة، واختاره أبو علي، وأيّده، وناقشناه في تأييده في شرح الشاهد الأربعين بعد الثمانمائة من شواهد الرضي.
والبيت من أبيات للمرَّار الفقعسي أوردها أبو محمد الأعرابي في "ضالة الأديب" وفي "فرحة الأدريب" وهي:
صَرَمْتَ ولمْ تصرِمْ وأنتَ صَرُومُ
…
وكيف تصابي مَنْ يُقَالُ حليمُ
صَدَدْتَ فأطوّلْتَ الصُّدُودَ ولا أرَى
…
وِصالًا على طُولِ الصُّدُودُ يَدُومُ
وليس الغواني للجفاء ولا الذي
…
لَهُ عن تقاضي دينهن هُمُومُ
ولكنَّمَا يستنجِزُ الوعدَ تابِعٌ
…
هواهُنَّ حلَاّفٌ لَهُنَّ أثِيمُ
وعلى هذه الرواية لا ضرورة في البيت، قال أبو محمد: يقول: صرمت ولم تصرم صرم بتات، ولكن صرم دلال؛ يخاطب نفسه ويلومُها على طول الصُّدود، أي: ولا يدوم وصال الغواني إلا لمن يلازمهن ويخضع لهن، وفسر ذلك بالبيتين بعدهما. انتهى. ولمّا كان الصرم لا يتصوَّر إلَاّ من المعشوقة، أجاب بأنَّ العائق صَرَم صُرمَ دلال وتجلد.
والمرار، بفتح الميم وتشديد الراء: هو ابن سعيد الفقعسي، نسب إلى فقعس وهو أحد أجداده، وتارة ينسب إلى جدّه الأبعد، فيقال: المرّار الأسدي، وهو أسد بن خزيمة بن مدركة، والمرار بن سعيد بن حبيب من شعراء الدولة الأموية، وقد أدرك العباسية، وكان مفرد القصر حقيرًا، وكان يهاجي المساور بن هند، قاله ابن قتيبة في كتاب "الشعراء".