الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والأربعون بعد الأربعمائة:
(448)
كأنْ لمْ ترى قبليِ أسيرًا يمانيا
على أن أبا علي خرجه على ذلك، كما نقله ابن جني في "سر الصناعة"ـ، وقال القالي في "ذيل الأمالي": قال الأخفش: رواية أهل الكوفة: "كأنْ لم ترى" بالألف، وهذا عندنا خطأ، والصواب: ترى بحذف النون للجزم، انتهى.
وكذا جزم ابن السيد، فقال: قوله كأن لم تري رجوع من الإخبار إلى الخطاب، ويروى على الإخبار وفي إثبات الألف (وجهان)، أحدهما: أن يكون ضرورة، والثاني: أن يكون على لغة من قال: راء مقلوب رأى، فجزم، فصار ترأ، ثم خفف الهمزة فقلبها ألفًا لانفتاح ما قبلها، وهذه لغة مشهورة، وكأن مخففة، واسمها مضمر تقديره على الوجه الأول: كأنك لم ترى، وعلى الثاني: كأنها لم ترا.
انتهى.
والبيت من قصيدة لعبد يغوث الحارثي، مطلعها:
ألا لاتلوماني كفى اللومَ ما بيا
…
فما لكما في اللومِ خيرٌ ولا ليا
ألمْ تعلما أنَّ الملامةَ نفعها
…
قليل وما لومي أخي منْ شماليا
أيا راكبًا إما عرضتَ فبلغنْ
…
ندامايَ منْ نجرانَ أنْ لا تلاقيا
إلى أن قال:
أقولُ وقدْ شدوا لساني بنسعةٍ
…
أمعشر تيمٍ اطلقوا عن لسانيا
أمعشرَ تيمٍ قد ملكتمْ فأسجحوا
…
فإنَّ أخاكمْ لم يكنْ منْ بوائيا
وتضحكُ مني شيخةٌ عبشميةَّ
…
كأنْ لمْ ترى قبلي أسيرًا يمانيا
وقد علمتْ عرسي مليكة أنني
…
أنا الليثُ معدوًا عليه وعاديا
وهي عشرون بيتًا مسطورة في "المفضليات" وفي "ذيل أمالي القالي" قالها عبد يغوث بعد أن أسر في يوم الكلاب الثاني - بضم الكاف- وهو ماء لتميم بين الكوفة والبصرة. وكان من حديثه ان كسرى لما أوقع بيني تميم، فقتلت المقاتلة، وبقي الذراري، بلغ ذلك مذحج، فمشى بعضهم إلى بعض، وقالوا: اغتنموا بني تميم، فتجمعوا اثني عشر ألفًا وكان رئيس مذحج عبد يغوث، فقاتلوا بن تميم عند الكلاب، فنصر الله تميمًا عليهم، فأوسعوهم قتلًا وأسرًا، وكان الذي أسر عبد يغوث في من بني عبد شمس أهوج، فقالت أمة: من هذا؟ فقال عبد يغوث: أنا سيد القوم، فضحكت، وقالت: قبحك الله من سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج! وإليه أشار بقوله:
وتضحكُ مني شيخةٌ عبشميةُ
…
البيت.
ثم قال: أيتها الحرة هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: أعطي ابنك مائة من الإبل، وينطلق بي إلى الأهتم، فإني أخاف أن تنتزعني سعد والرباب منه، فضمن لها مائة من الإبل، وأرسل إلى بني الحارث، فسرحوا بها إليه، فقبضها العبشمي، وانطلق به، إلى الأهتم، فقال عبد يغوث:
أأهتمُ يا خيرَ البريةِ والدًا
…
ورهطًا إذا ما الناس عدوا المساعيا
تداركْ أسيرًا عانيًا في حبالكمْ
…
ولا تثقفني التيمُ ألقَ الدواهيا
فمشت سعد والرباب إلى الأهتم فيه، فقالت الرباب: يا بني سعد قتل فارسنا وهو النعمان بن جساسٍ، ولم يقتل لكم فارس، فدفعه إليهم، فأخذه عصمة التيمي على نفسي، فسقوه الخمر، ثم قطعوا عرق الكحل وتركوه ينزف دمه، وخلوا معه رجلين، فقالا لعبد يغوث جمعت أهل اليمن، ثم جئت لتصطلمنا كيف رأيت صنيع الله بك؟ ! فقال هذه القصيدة عند الموت: ألا لا تلوماني .. البيت.