الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في غرف الجنةِ العليا التي جعلتْ
…
لهمْ هناكَ بسعيٍ كانَ مشكورِ
والفند، بفتحتين: الكذب، والمصبور: الذي صبر نفسه لأفعال الحج، أي: حبسها، وفي كلامه مبالغة فاحشة، ومداهنة ظاهرة، وإنما نقلنا هذه الأبيات، لأن قوله: "بالباعث الوارث الأموات
…
البيت" من شواهد باب الضمير من شروح "الألفية" ولم يقف العيني على هذه الأبيات، فذكرناها لمن يحتاج الأطلاع عليها.
وترجمة الفرزدق تقدمت في الإنشاد الثاني من أول الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد الخمسمائة:
(534)
ونعمَ منْ هوَ في سر وإعلانِ
على أن "من" فيه عند أبي علي نكرة تامة، وقد بسط الكلام عليه في كتاب "الشعر" قال فيه: قال الشاعر:
وكيف أرهبُ أمرًا أو أراع له
…
وقدْ زكأتُ إلى بشر بن مروان
فنهمْ مزكأ من ضاقت مذاهبهُ
…
ونعمَ منْ هوَ في سرً وإعلانِ
القول في الظرف أنه يتعلق بنعم، وذلك أنه لا يخلو من أن يكون خبر هو التي في الصلة، أو يكون متعلقًا بمحذوف على أن يكون في موضع خبر هو التي في الصلة، لأن التقدير قبل كون الكلام صلة: يكون هو في سر وإعلان، وهذا لا معنى له، فإذن المعنى: كرم هذا الإنسان في سره وعلانيته، أي: ليس ما يفعله من الخير لتصنع، فيفعل الخير في السر كما يفعله في العلانية، وإذا كان كذلك، احتاج هو إلى جزء آخر حتى تستقل الصلة، وذلك الجزء ينبغي أن يكون الذي هو مثله لا يكون
الذي هو هو، لتكون الصلة شائعة، فلا تكون من مخصومة، لأنها فاعل نعم، فإن قدرت الذي هو هو وأنت تريد الذي هو مثله، فتحذف المضاف، فيصبر الذي هو هو معناه مثله، جاز أيضًا، وقد يجوز في القياس أن تجعل "من" نطرة، فإذا جعلت نكرة، احتاجت إلى صفة، فتكون الجملة التي قدرتها لة لها مقدرة صفة، ويكون المقصود بالمدخ مضمرًا، لأن ذكره قد جرى، كما جرى ذكر أيوب قبل قوله تعالى:(نعمَ العبدُ)(ص/ 30) فاستغني بذلك عن ذكر ما يخصه بالمدح وإظهاره، ويجوز في القياس أن تجعل من نكرة، ولا تجعل له صفة كما فعل ذلك بما في قوله تعالى:(فنعما هي)(البقرة/ 271) فإذا جعلتها كذلك، كان كأنه قال: فنعم رجلًا، فيكون موضع "من" نصبًا، ويكون هو كتابة عن المقصود بالمدح، ووجه القياس في الحكم على "من" أنها نطرة غير موصوفة: أنهم جعلوا ما بمنزلة شيء وهو أشد إشاعة وإبهامًا من "من"، فإذا جاز أن لا توصف مع أنها أشد إبهامًا من "من" كان أن لا توصف "من" أجوز، لأنها أخص منها، فيصبر كأنه قال: نعم رجلًا هو، لأنها تخص الناس، ومن أشبههم كما كانت ما تعم الأشياء، إلا لم نعلمها في الاستعمال تركوا "من" بغير صفة، كما تركوا "ما" غير موصوفة في الخبر نحو التعجب، والآية التي تلوناها هذا آخر كلام أبي علي.
فمنْ في البيت عنده محتملة لأن تكون موصولة، ونكرة موصوفة، ونكرة تامة، وقدر رد ابن مالك في التمييز لا يقع في الكلام بالاستقراء إلا نكرة صالحة واللام، و "من" بخلاف ذلك فلا يجوز كونها تمييزًا.
الثاني: أن الحكم عليها بالتمييز عند القائل به مرتب على كون "من" نكرة غير موصوفة، وذلك منتف بإجماع في غير محل النزاع، فلا يصار إليه بلا دلي عليه.
فيصح القول: بأن من في موضع رفع بنعم، إذ لا قائل بقول ثالث. انتهى.
وقوله قد زكأتُ، أي: لجأتُ، والمزكأ: الملجأ، قال ابن مالك: وما يدل