الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: تحييهم بيض الولائد، هو فعل مضارع من حية تحية، وبيض: جمع بيضاء وهي الحسناء، والولائد: جمع وليدة وهي الخادمة، يريد أنهم أهل نعمة تخدمهم الإماء الفواره، والإضريج: الخز الأحمر، وقوله: فوق المشاجب، يريد أن ثيابهم مصونة، وهو جمع مشجب، بكسر الميم وفتح الجيم، وفي "القاموس" شجاب ككتاب: خشبات منصوبة توضع عليها الثياب كالمشجب.
وقوله: يصونون أجسادًا طويلًا، وروي:"قديمًا" يقول: إن أردان هذه الثياب خالصة من لون واحد، خضر المناكب، وهو لبس يلبسه أهل الشام، وقال الأصمعي: هو ثوب كانوا يتخذونه مخملًا أخضر المنكبين، وسائره أبيض؛ لأنهم كانوا أصحاب شعور، ويقال لكل أبيض شديد البياض: خالص.
وقوله: ولا يحسبون الخير، يقول: لهم عقول وآداب تدل على أن الدنيا لا تدوم على حال واحدة، لابد من فرح وحزن، وشدة وسرور، ولازب: ثابت.
وقوله: حبوت بها من حباه: أعطاه بلا جزاء، ولا من، يقول: حبوت بهذه القصيدة غسان، إذ كنت لاحقًا بقوم، يعني غسان الذين مدحهم، قصد إليهم، فكانوا أحق من مدح، وقوله: إذ أعيت على مذاهبي، كأنه كان هاربًا حين قالها، قاله شارحه.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والعشرون بعد الخمسمائة:
(526)
وَذلِكَ مِنْ نَبَأٍ جَاءَني
…
وَخُبِّرْتُهُ عَنْ أَبي الْأَسْوَدِ
على أن من فيه للتعليل، وقبله وهو أول القصيدة:
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بِالأَثْمُدِ
…
وَنَامَ الخَلِيُّ وَلَمْ تَرْقُدِ
وبَاتَ وَبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ
…
كَلَيْلَةِ ذِي العَائِرِ الأَرْمَدِ
وبعده:
وَلَوْ عَنْ نَثَا غَيْرِهِ جَاءَني
…
وَجُرْحُ اللِّسَانِ كَجُرْحِ الْيَدِ
لَقُلْتُ مِنَ الْقَوْلِ مَا لا يَزَا
…
لُ يُؤْثَرُ عَنِّي يَدَ المُسْنِدِ
قال أبو عبيد البكري في شرح "نوادر القالي"، النثا: يكون في الخير والشر، والثناء بالمد لا يكون إلا في الخير خاصة، يقول: إن المرء يبلغ بسلاحه من هجاء وذم، وغير ذلك ما يبلغ السيف إذا ضرب به.
واختلف في قائله، فرواه الطوسي لامرئ القيس، وقال ابن حبيب: قال ابن الكلبي: هو لعمرو بن معدي كرب قاله في قتله بني مازن بأخيه عبد الله وإخراجهم عن بلادهم، ثم رجعوا بعد ذلك، وندم عمرو على قتالهم. انتهى، والمشهور أن هذه القصيدة لامرئ القيس بن عانس الصحابي، قاله جماعة، قال الصاغاني في "العباب": والأثمد بفتح الهمزة والميم، وبفتح الهمزة وضم الميم: موضع، قال امرؤ القيس، وقال ابن دريد: هذا محمول عليه، وإنما هو لامرئ القيس بن عانس، وقد أدرك الإسلام:
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بِالأَثْمُدِ
…
البيت.
وكذا ضبطه صاحب "القاموس"، وقال البكري في "معجم ما استعجم": الأثمد بفتح الهمزة وضم الميم، كأنه جمع ثمد: موضع، وأنشد البيت، وقال ياقوت في "معجم البلدان": الإثمد بكسر الهمزة وسكون المثلثة وكسر الميم، وهو الذي يكتحل به، وموضع، وأنشد البيت، وقال شارح أبيات "الإيضاح البياني":
الشعر لامرئ القيس يرثي بها أبا الأسود، وقال ابن دريد: امرؤ القيس هذا هو ابن عانس قد أدرك الإسلام، والخلي: الخالي من الحزن، وفي "أساس البلاغة": في عينه عوار وعائر، وهو غمصة تمض منها، وقوله: وبات وباتت يريد: وبات كذي العائر الأرمد، وباتت له ليلة كليلته، فاختصر للدلالة عليه؛ ولأنه لا يلتبس إذ المراد تشبيه نفسه في قلقه وجزعه بالأرمد ذي العائر، وتشبيه ليلته في الطول، ووحشته بليلته أيضًا، وقوله: ذلك إشارة إلى تطاول الليل، وما ذكره من المشاق، وهذا في المعنى تفجع وتوجع وإن كان خبرًا. انتهى كلامه.
والخطاب في قوله: تطاول ليلك لنفسه، وهو من الالتفات عند السكاكي، لأن مقتضى الظاهر "ليلى" بالتكلم دون الجمهور، قال التفتازاني: وقد صرح السكاكي بأن في كل بيت من الأبيات الثلاثة التفاتًا.
وامرؤ القيس بن عانس المشهور أنه بالنون ورأيته مصححًا في نسخة "المؤتلف والمختلف" للآمدي بالنون، قال: ومنهم امرؤ القيس بن عانس بن المنذر بن السمط ابن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي، جاهلي، وأدرك الإسلام، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرتد في أيام أبي بكر رضي الله عنه، وأقام على الإسلام، وكان له عناء في الردة، وهو القائل:
أَلا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا
…
وَخُصَّ بهَا جَميِعَ المُسْلِمِينَا
فَلَسْتُ مُجَاوِرًا أَبَدًا قَبِيلًا
…
بما قَالَ الرَّسُولُ مُكَذِّبِينَا
دَعَوْتُ عَشِيرَتي للسِّلْمِ حَتى
…
رَأَيْتُهُمُ أَغَارُوا مُفْسِدِينَا
فَلَسْتُ مُبَدلًا بِالله رَبًا
…
وَلًا مُتَبَدِّلًا بِالسِّلْمِ ديِنَا
وله أخبار قد ذكرتها في شعراء كندة في كتاب "الشعراء المشهورين". انتهى.