الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال القالي في كتاب "المقصور والممدود": الحجا، بفتح أوله والقصر: الملجأ الذي يُلتجأ إليه، ويقال: هو الجانب أنشد أحمد بن يحيى:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد .. البيت،
وكذا قال ابن ولَاّد في كتاب "المقصور والممدود" والسلاليم: جمع سلم، وقياسه السلالم، قال ابن بري وغيره: والياء في السلاليم إشباع، زادها ضرورة، والرابية: ما ارتفع من الأرض، وأراد به القلعة العالية المرتفعة، والهوان، بالفتح: الذلّ، والجراثيم: جمع جرثومة، وهي الأصل، يقال: إنه لفي جرثومة من قومه، وإذا: ظرف ليأبى، وفاعل يأبى ضمير المرء.
وتميم: هو تميم بن أُبيّ - بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد الياء - ابن مقبل بن عوف بن حنيف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن ربيعة بن عامر بن عصعصة، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وعاش مائة وعشرين، وكان يهاجي النجاشي، فهجاه النجاسي، فاستعدي عليه عمر بن الخطاب، فحبس النجاشي وضربه، وبعضهم بغير اسم أبيه، فيقول: تميم بن أبي مقبل، والصواب ما ذكرنا.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثلاثون بعد الأربعمائة:
ولو أنهّا عُصفورةٌ لحسبتَها
…
مسوَّمَةً تدعُو عُبَيْدًا وأَزْنَمَا
لما تقدَّم قبله، والبيت من قصيدة للعوامَ بن شوذب الشيباني، كذا في كتاب "مقاتل الفرسان" أبي عبيدة معمر بن المثني، وكذا في "العقد الفريد" لابن عبد ربه، أوردها له في العُظالى وفي كتاب "التصحيف" أيضًا للإمام العسكري، قال في يوم العُظالى، وفي "معجم ما استجم" لأبي عبيد البكري قاله في مليحة اسم مكان، وكذا في "العباب" الصاغاني في مادة "عصفور". وقال
السيوطي: البيت من مقطوعة لجرير قالها في يوم العُظالى، وقبله بيتان، ووقع في "شواهد العيني الكبرى" نسبة: ولو أنها عصفورة .. البيت، إلى العوّام بن شوذب الشيباني، ولا أدري من أين له ذلك، فإنه مع البيتين من قبله في ديوان جرير، انتهى كلامه، وأقول: بل القصيدة في ديوان جرير، لكن ليست لجرير، وإنما هي للعوّام المذكور، أوردها شارح ديوانه محمد بن حبيب بعد ذكر يوم العُظالى، قال العسكري: العين من عُظالى مضمومة غير معجمة، والظاء منقوطة، سُمي بذلك لتعاظلهم على الرياسة، والتعاظل: الاشتباك والاجتماع، يوم بين بني تميم وربيعة، وفرّ بسطام بن قيس الشيباني في هذا اليوم، فقال فيه العوام بن شوذب، وأنشد الأبيات الثلاثة التي أنشدها السيوطي، وهي مطلع القصيدة.
قال ابن حبيب في "شرح ديوان حرير": كان من قصّة العُظالى أنَّ بسطام بن قيس بن مسعود وهانئ بن قبيصة بن هانئ أحد بني أبي ربيعة بن ذهل وبسطام بيت ربيعة، وهانئ بيتها الثاني، ومفروق بن عمرو بن قيس الأصم خرجوا متساندين على ثلاثة ألوية، فساروا في خيل عظيمة من بني شيبان حتى نزلوا هضبة الحصيّ من أرض بني يربوع فأشرفوا من مرقب الخصيِّ، فإذا هم بالناس بالحديقات، فبعثوا طليعتهم فأخذوا المطوّح بن أطيط [بن قرط بن عاصم] وهو غلام في إبل له، فأتوا به بسطامًا فعرفه، فقال له: إيه يا مطوّح أين قومك من السواد الذي أرى؟ قال: أما السواد الذي رأيت، فهم بنو زبيد بن سليط بن يربوع، وأما قومي بنو ثعلبة، فإنهم نزلوا اليوم روضة الثمد من بطن مليحة، فقال: أخبرني من شهد من فرسان قومك الحيّ، فقال: أما عُبيد فها هنا منهم بنو أزنم وبنو عاصم، قال: نعم، قال: أثمَّ من آل عتيبة أحد؟ قال: نعم عمارة بن عتيبة، قال: أفمن آل أبي مُليل؟ قال: نعم بنو الغطفانية، قال: أفي هذا السواد الذي أرى أسيد بن حِنّاءة السليطيّ؟ قال: نعم، قال: يا بني شيبان تقبّضوا على هذا الحيّ الحريد، فأصبحوا غدوة في بطن الإياد غانمين سالمين، فقال له هانئ: لقد امتلأ سَحَرُك يا أبا الصهباء
إنًّ عتيبة قد مات! قال: أما إذ قلت هذا فسأحدّثك ما أنت لاق، أما أنت فلن تَغُرِّ أسيد بن حناءة من رأس الشقراء الليلة، فإذا أحس غُدوة بكم جال قفي متن الشقراء، ثمَّ أشرف مليحة، فإذا أشرف نادى يال ثعلبة، فيلقاك طعن ينسيك الغنيمة فباتوا وقد حسبوا المطوح حتى ركبوا بليل فتقبضوا على بني زبيد، وذلك بسواد، غير أنَّ أسيدًا وثب على الشقراء، فتبعه أربعة فوارس منهم، فأقبل عليهم فقال: من أنتم؟ اللهِ لا نتكاذب، فقال أحدهم: بسطام ومفروق وهانئ والدَّعَّاء، فقال: أبا سوء صباحاه! ثم ركض حتى أشرق فنادى: يال ثعلبة، فركب بنو ثعلبة حتى وافى سبعة فوارس من بني ثعلبة فيهم قعنب ومعدان ابنا عصمة، وعفاق بن عبد الله، وعمارة بن [عتيبة وهو هجين] عتيبة، ووديعة بن مرثد، ودرّاك بن النجّار، وعمارة بن [عتيبة وهو هجين] عتيبة، ووديعة بن مرثد، ودرّاد بن النجّار، وأُحيمر بن عبد الله، وأقبلت بنو شيبان يسوقون بني زبيد معهم، فلما برز الفوارس السبعة قال قعنب: يا بني ثعلبة إنَّ خببَ الخيل جبن، قال عمارة: أما أنا فإليَّ وازع الخيل، وقال وديعة: كل امرئ سَيُرى وقعُه، حتى التقوا بالأفاقة، فقال الأحيمر: يا بني ثعلبة لئن صدِّت خيلكم [قيس] قدر سوطي لا تُدعى لكم داعية بعد اليوم، ولقي بسطام الأحيمر، فقال [له]: ويلك يا أحيمر إني لأنفسك على الموت، قال: وهل أبقيت مني [إلَاّ] شلوًا؟ والله لا تغرب الشمس وكلانا حي، ثم رماه بالشقراء، فاختلفا طعنتين، فانكسر رمح الأحيمر [فأمال بسطام يده بذات النسوع]. وحمل وديعة بن مرثد على هانئ بن قبيصة فأسره، وقتل فُقْحُلُ ابن مسعدة أحد بني أبي ربيعة عمارةَ بن عتيبة، فحمل عليه قعنب بن عصمة فقتله، ففرَّ بسطام والدّعّاء ومفروق والضُّرَيْس وعمرو بن الحزوّر أخو بني الحارث بن همام، وحمى الناسَ بسطامٌ، وكان رجلًا ثقيلًا، وكانت عليه الدرع، وكان على مهر، فمر برمل فنزع درعه فألقاها، ثمَّ هال عليها، وأتبعهم الخيل، حتى إذا كانوا ببطن موضوح لحق عفاق بن عبد الله فأخلف له عمير بن الحزوّر الرمح، فقتله فحمل عليه قعنب فأسره، وكان من فرسان بني الحارث، فدفعه إلى أبيه أبي مُليل، فقتله بعفاق صبرًا، وعانق الأحيمر الضُّرَيْس فأسره، وحمل قعنب وأسيد، فابتدرا
مفروق ابن عمرو، فطعناه طعنة أثقلته، فمات، وأسر عتوة بن أرقم بن نويرة رجلًا من بني الحارث بن همام يقال له العوام بن شوذب، فقال في ذلك وهو في أيدي بني يربوع:
إنْ يكُ في يومِ الغبيط ملامةُ
…
فيومْ العظالىَ كانَ أخزىَ وألأوما
وفر أبو الصهباءِ إذْ حمس الوغى
…
وألقى بأبد ان السلاح وسلما
وأيقنَ أن الخيل إن تلتبس به
…
تمْ عرسهُ أوْ تملأ البيتَ مأتما
ولو أنها عصفورةُ لحسبتها
…
البيت
أنالكَ قيدًا بالغبيط لقاهمُ
…
ويومَ العظالى إذ نجوت مكلما
فررتم ولمْ تلووا على مرهقيكمُ
…
لو الحارثُ المقدامُ فيها لأقدما
ولو أن بسطامًا أطيعَ بأمرهِ
…
لأدى إلى الأحياء بالحنوِ مغنما
ولكنَّ مفروقَ القفا وابن أمهِ
…
ألاما وليما في البيات وشئتما
أناخا يريدانِ الصباحَ فصبحًا
…
فكانت على الركبان ساعةَ أشأما
فلما بلغ بسطاما ذلك أغار على لقائح لأمه، فأخذها فقالت في ذلك:
أرى كل ذي شعرِ أصاب بشعرهِ
…
سوى أن عوامًا بما قال عيلا
أي: صير أهله عالةً فقراء. قوله: إن يك في يوم الغبيط، بقتح الغين المعجمة، وكسر المعجمة، قال صاحب "العقد الفريد": غزا بسطام قبل يوم العظالى على بني ثعلبة بن يربوع فانهزمت الثعالب، واستاقوا إبلهم، فركب عليهم بنو مالك فيهم عتيبة بن الحارث، فأدركوهم بغبيط المدرة، فقاتلوهم حتى هزموهم، ولحق عتيبة بسطامًا، فقال: استأسر يا أبا الصهباء، فأسره، ولم يزل عنده حتى فادى
نفسه بأربعمائة بعير وثلاثين فرسًا وجز ناصيته، وعاهدة أن لا يغزو بني شهاب أبدًا.
انتهى.
وقوله: وفر أبو الصهباء: هو كنية بسطام؛ وحمس كفرح: اشتد، والوغي: الحرب. وقوله: تئم عرسه، أي: تبقى امرأه بلا زوج، والعرس بالكسر: الزوجة، وآمت تثيم أيما إذا صارت أيما كسيد، وهي التي لا زوج لها، و "أو" بمعنى "إلى"، والمأتم: جماعة النساء يجتمعن لفرح أو حزن، والمراد هنا الثاني. وقدر روى هذا المصراع كذا:"يقد عانيًا أو يملؤوا البيت مأتمًا" يعني: يقودونه أسيرًا.
ولو أنها عصفورة .. إلخ، ضمير أنها راجع إلى شيء معلوم من المقام، أي: ولو أن التي تخيلت لك عصفورة، قال الصاغاني في "العباب": قال أبو حاتم في "كتاب الطير": العصفور والنقاز، بضم النون وفتحها واحد، فالذكر أسود الرأس والعنق، وسائر إلى الورقة، وفي جناحيه حمرة، والأنثى عصفورة بالهاء، ولونها إلى الصفرة والبياض، ولم يحسن أبو الدقيش صفته، ويقال لها: نقازة، وأنشد للعاوام بن شوذب الشبياني: ولو أنها عصفورة .. البيت. انتهى. وقوله: لحسبتها، بالخطاب بعد الغيبة من باب الالتفات، وعبيد بالتصغير وأزنم: بطنان من بني يربوع لا ينصرفان، ومسومة، أي: خيلًا مسومة، وهي الخيل المعلمة بعلامة، وقال الأزهري: الخيل المسومة المرسلة وعليها ركبانها، قال أبو بكر التاريخي في "طبقات النحاة": قال أبو عمرو بن العلاء: سرق جرير من العوام الشيباني قوله: ولو أنها عصفورة .. البيت، فقال:
ما زلتَ تحسبُ كلَّ شيءٍ بعدهمْ
…
خيلًا تكر عليهمُ ورجالًا
وحدثني الحارث بن أبي أسامة عن المدلئي قال: أنشد الأخطل قول جرير:
ما زلتَ تحسبُ كل شيءٍ بهدهم .. البيت.