الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لعَلَّ)
أنشد فيه وهو الإنشاد الثامن والستون بعد الأربعمائة:
(468)
لَعَلَّ أبي المغوارِ منك قريبُ
على أنَّ لعلَّ فيه حرف جر، قال ابن جني في "سر الصناعة": حكى أبو زيد أن لغة عُقيل: لعلَّ زيدٍ منطلق، بكسر اللام الآخرة من لعلّ، وجر زيد، قال كعب بن سعد الغنوي:
فقُلتْ ادعُ أخرى وارفع الصوت ثانيًا
…
لعَلَّ أبي المغوارِ منكَ قريبُ
وقال أبو الحسن: ذكر أبو عبيدة أنه سمع لام لعل مفتوحة في لغة من يجرّ في قول الشاعر:
لعلَّ اللهِ يمكنني عليهَما
…
جهارًا منْ زهيرٍ أوْ أسيدِ
انتهى. وعقيل بالتصغير: أبو قبيلة، وهو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وما نقله المصنف عن الفارسي قاله في "الحجة" قال عند قوله تعالى:(ولكِنَّ الشياطينَ كفروا)[البقرة/ 102]: فأما ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
فقلتُ ادعُ أخرى وارفعِ الصوتَ دعوةً
…
لعلَّ أبي المِغوارِ
…
البيت
ولعل أبي المغوار، فينبغي أن يكون على إضمار القصة والحديث، كأنه خفف لعل وأعملها كما تخفف إن وتعمل، فمن فتح اللام، وجر الاسم، فقال: لعل أبي المغوار، فاللام لام الجر إلا أنه فتحها مع المظهر كما تفتح مع المضمر، وزعم أبو الحسن أنه سمع فتح اللام مع المظهر من يونس وأبي عبيدة، وخلف الأحمر، وزعم أنه سمع هو أيضًا ذلك من العرب، ويكون الجر في أبي المغوار على هذه اللغة،
ومن قال: لعل أبي المغوار حذف لام لعل، وأضمر القصة أو الحديث وكسر اللام مع المظهر على اللغة التي هي أشيع، والتقدير: لعل لأبي المغوار منك جواب قريب، أي: لعل نصره لا يبعد عليك، ولا يتأخر عنك، وإن قلت: إنه حذف اللام لاجتماع اللامين كما حذفت من (أنَّا معكمْ) ونحو ذلك، كان قولًا. انتهى كلامه.
وقد جاء من رواية أخرى: لعل أبا المغوار على الأصل، وقد أوردنا ما يتعلق بهذه المسألة نقلًا وبحثًا، وأطنبنا فيها في الشاهد السابع والسبعين بعد الثمانمائة، والبيت من قصيدة طويلة لكعب بن سعد الغنوي رثى بها أخاه أبا المغوار أوردنا غالبها هناك، وهي بتمامها مذكورة في "أمالي القالي" وفي "منتهى الطلب"، وبعضهم يرويها لسهم الغنوي وهو من قومه، وليس بأخيه، وقبل البيت:
وداعٍ دعا يا مَنْ يجيبُ النِّدا
…
فلمْ يستجبْهُ عِنْدَ ذاكَ مُجيبُ
فقُلتْ ادعُ أخْرى
…
البيت.
يُجِبْكَ كما قدْ كان بفعلُ إنهُ
…
مُجيبٌ لأبوابِ العَلاء طَلُوبُ
قوله: وداع، الواو واو ربّ، والنَّدى بالكسر: الصوت، وأصله المد، فقصر للضرورة، ويجوز أن يكون بالفتح، والقصر بمعنى الجود. وقوله: فلم يستجبه أورده صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى: (فاستجابَ لهمْ ربُّهمْ)[آل عمران/ 195]، على أنَّ الاستجابة تارة تتعدى بنفسها كما في البيت، وتارة باللام كما في الآية، وهو أكثر شيوعًا، هذا في التعدية إلى الداعي، وأما إذا عُذي إلى الدَعاء، فبدون اللام أكثر شيوعًا نحو: استجاب الله دعاه، ولهذا قال في سورة القصص: هذا البيت فيه حذف مضاف، أي: لم يستجب دعاءه، وقوله: لعل أبي المغوار هذا الترجي ناشيء من شدة ذهوله من عظم مصابه بأخيه.
وكعب بن سعد الغنوي شاعر إسلامي ذكرنا ترجمته في الشاهد الثاني والسبعين بعد الستمائة من شواهد الرضي.