الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما أحسن قوله في محمّد الأمين:
وَإِذَا المَطِيّ بِنَا بَلَغْنَ مُحَمَّدًا
…
فَظُهُورُهُنَّ عَلى الرِّحَالِ حَرَامُ
قَرِّبْنَنَا مِنْ خَيْرِ مَنْ وَطِئ الحَصَا
…
فَلَهَا عَليْنا حُرْمةٌ وَذِمامُ
وقد تتبعنا نظائر الوعدين، وأودعناها في شرح الشاهد الستين بعد المائة من شواهد الرضي.
وأنشد بعده:
رُبَّمَا ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ صَقِيلٍ .. البيت.
وتقدم شرحه في الإنشاد الثالث عشر بعد المائتين.
وأنشد بعده:
وَنَنْصُرُ مُوْلَانَا وَنَعْلَمُ أَنَّهُ .. البيت.
وتقدَّم م الكلام عليه في الإنشاد الرابع والتسعين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع عشر بعد الخمسمائة:
نَامَ الْخَلِيُّ فَمَا أُحِسُّ رُقَادِي
…
وَالْهَمُّ مُحْتَضِرٌ لَدَيَّ وَسَادَي
مِنْ غَيْر مَا سقْمٍ وَلكِنْ شَفَّني
…
هُمٌّ أَرَاهُ قَدْ أصَابَ فُؤَادِي
على أنَّ ما زائدة بين المضاف والمضاف إليه، وهما مطلع قصيدة للأسود بن يعفر النهشلي الجاهلي أوردها المفضل في "المفضليات"، قال ابن الأنباري في شرحه: الخلي: الخالي من الهموم، ويقال في مثلٍ:"ويل للشجى من الحلي"، الشجي: الحزين، شجاني الشيء يشجوني: حزنني، وقوله: ما أحسّ، أي: ما أجد منه أثرًا، يقال: أحسست الخبر وحسسته وحسيت به، وشفني: جهدني.
فأنا مشفوف، والفاعل شافٌّ، وسقم يروى بفتحتين وبالضمّ. انتهى. ومحتضر اسم فاعل، يقال: حضره، واحتضره وتحضّره بمعنى، ووسادي: بدل اشتمال من الياء، والوساد مثلث الواو: المخدّة في لديّ، والسقم: المرض، وشفَّني: أنحلني، وقد شرحنا أبياتًا كثيرة منها بعدهما في الإنشاد السّادس والثلاثين بعد الثلاثمائة.
قال ابن الأنباري: حدَّثني عبد الله بن عمرو، قال: حدَّثني الحكم بن موسى ابن الحسين السَّلولي، قال: حدَّثني أبي، قال: بينا نحن بالرافقة على باب الرشيد وقوف، وما نَفقِدُ أحدًا من وجُوه العرب ولا أشرافها من أهل الجزيرة والشام وأهل العراق، إذ خرج وصيف كأنه درّة، فقال: يا معشر الصحابة، أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: من منكم ينشد قصيدة الأسود بن يعفر:
نامَ الخَلِيّ فَمَا أُحِسُّ رُقَادِي
فليدخل فليمشدها أمير المؤمنين، وله عشرة آلاف، قال: فنظر بعضنا إلى بعض، فلم يكن فينا أحد يرويها، قال: فكأنما سقطت البدرة عن قربوسي، قال الحكم بن موسى: وأمرني أبي، فرويت شعر الأسود من أجل هذا الحديث. انتهى.
تنبيه: لم يتعرض ابن الأنباري لتخفيف الياء من الشجي ولا لتشديدها ومراده التشديد، لأنّه قال: شجاني الشيء يشجوني، فهو فعل متعد يأتي اسم مفعوله على مفعول وفعيل، فيقال مشجو وشجي، قال صاحب الصحاح: فإن جعلت الشَّجيّ فعيلًا من شجاه الحزن، فهو مشجو وشجيّ بالتشديد لا غير، وقال قبل هذا: ورجل شج، أي: حزين، وامرأة شجيّةٌ على فَعِلَة، ويقال:"ويل للشجى من الخليّ" قال المبرّد: ياء الحليّ مشددة، وياء الشجي مخفّفة، وقد شدّدت
في الشعر، وأنشد:
نَامَ الخَلِيُّونَ عَنْ لَيْلِ الشَّجِييِّنا
انتهى. وتبعه صاحب "القاموس" فقال: وقد تشدّد ياؤه في الشعر، وقال ابن برّي في أماليه على "الصّحاح" قوله: قال المبرد: ياء الخلي مشدّدة .. الخ.
قال أبو جعفر أحمد بن عبيد المعروف بأبي عَصِيدة: الصَّواب تشديد الياء فيهما، وأما الشجيّ بالتخفيف، فهو الذي أصابه الشجى، وهو الغّصَصُ، وأمّا الحزين فهو الشجيّ بتشديد الياء، وقد رواه بعضهم:"ويل اللشجي" بتخفيف الياء وهو غلط ممن رواه، وصوابه تشديد الياء، وعليه قول أبي الأسود الدؤلي:
ويل الشجي من الحلي فإنه
…
نصب الفؤاد لشجوه مغموم
ومنه قول أبي داود:
من لعين بدمعها موليه
…
ولنفس بما عراها شجيه
قال ابن بري: فإذا ثبت هذا من جهة السماع، وجب أن ينظر توجهه من جهة القياس، ووجهه أن يكون اسم المفعول من شجوته أشجوه، فهو مشجو وشجي، كما تقول: جرحته، فهو مجروح وجريح، وأما شج بالتخفيف، فهو اسم الفاعل من شَجِيَ يشجى، فهو شج. انتهى.
والسّابق إلى منع تشديد الياء ثعلب، قال في "فصيحه": وتقول: ويل للشّجِي من الخليّ، ياء الشجي مخففة، وياء الخلي مشدَّدة. انتهى. وقد رده عليه شراحه منهم أبو سهل الهروي، قال في شرحه المسمّى "التلويح في شرح الفصيح".