الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تدلّ على التعظيم.
12 - أنّ الأدعية الشرعية جمعت وحوت كلّ ما يتمنّاه العبد في دينه ودنياه
.
25 - {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} (1).
هذه الدعوة المذكورة في كتاب ربنا جل جلاله لنبي اللَّه موسى عليه السلام سألها اللَّه تعالى، لأمر عظيم وكبير، حين أمره اللَّه تعالى، بدعوة فرعون أعْتَى أهل الأرض كفراً، وطغياناً، وأكثر جنوداً وعتاداً، ادّعى الألوهية كذباً وزوراً؛ ولذلك جاءت قصص موسى عليه السلام في كتاب اللَّه كثيرة ومتنوعة.
ولما كان هذا الأمر الخطب في غاية الأهمية والخطورة سأل اللَّه تعالى التوفيق إلى بعض المطالب والمقاصد التي تكون له عوناً لدعوته؛ فإن الدعاء هو سلاح المؤمن الذي يستنصر به، فبه تستجلب الخيرات، وتدفع به الشرور، والعبد يسأل ربه محسناً الظن به، فإن الداعي يُعطَى طلبه على قدر ظنه بربه الكريم، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى:((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي)) (2).
(1) سورة طه، الآيات: 25 - 28.
(2)
صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:) وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ (، برقم 7405، ومسلم بلفظه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر، والدعاء والتقرب إلى اللَّه تعالى، برقم 2686، ولفظ البخاري: ((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي))، ومسلم باللفظ نفسه، برقم 2675.
فبدأ بقوله: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} : أي وسِّعْه بالنور، والإيمان، والحكمة، حتى أتحمّل الأذى بكل أنواعه القولي والفعلي؛ فإن انشراح الصدر يحوّل مشقّة التكليف إلى راحة، ونعيم، ويسر (1).
وقوله: {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} : أي سهِّل عليَّ كل أمر أسلكه، وكل طريق أقصده في سبيلك، وهوّن عليَّ ما أمامي من الشدائد.
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: ((ومن تيسير الأمر أن ييسّر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها، ويخاطب كل أحد بما يناسب له، ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله)) (2).
فلمّا كانت أهم وسائل الدعوة إلى اللَّه قدرة الداعي على البيان، والإفهام بالقول قال:{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} : ففي هذا طلب التوفيق إلى حسن الكلام في الدعوة إلى اللَّه في خطاب الناس، والتأثير على عقولهم، وعواطفهم بالحكمة بالقول، وإلى الرفق بالفعل.
وسؤاله عليه السلام لربه أن يزول عنه (اللثغ) ((وذلك حين عرض عليه التمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه حين كان صغيراً
(1) تفسير ابن سعدي، 5/ 153.
(2)
المصدر السابق نفسه.