الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
149 - ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ
عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، [فِي الْعَالَمِينَ] إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (1).
المفردات:
الصلاة: أصل الصلاة الدعاء، والتبرك والتمجيد
، يقال صليت عليه، أي: دعوت له وزكيت، ومنه قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ
صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (2)، (3).
أخبر ربنا تبارك وتعالى أنه هو، وملائكته يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال جلّ شأنه:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ} (4).
فدلّت هذه الآية الكريمة على علوّ منزلة، ورفعة درجته صلى الله عليه وسلم ،
(1) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثنا موسى بن إسماعيل، برقم 3370، وما بين المعقوفين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم 405.
(2)
سورة التوبة، الآية:103.
(3)
المفردات، ص 490.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:56.
وذلك بأن الرب عز وجل يُصلّي عليه، وملائكته الذين لا يُحصي عددَهم إلا الربُّ جل جلاله.
وقد اختلف أهل العلم على معنى الصلاة من اللَّه تعالى، بعد إجماعهم بأن أصل الصلاة في اللغة كما سبق هي الدعاء، وشواهد ذلك كثيرة، فأصح ما قيل في معنى صلاة اللَّه تعالى، ما ذكره البخاري رحمه اللَّه تعالى في صحيحه عن كبير التابعين، أبي العالية رحمه اللَّه تعالى أنه قال:((صلاة اللَّه على رسوله ثناؤه عليه عند الملأ الأعلى)) (1).
وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله: ((أن صلاة اللَّه تبارك وتعالى على عبده نوعان: عامة، وخاصة، أما العامة: فهي صلاته على عباده المؤمنين، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور} (2).
ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة على آحاد المؤمنين، كقوله:((اللَّهم صل على آل أبي أوفى)) (3).
النوع الثاني: صلاته الخاصة على أنبيائه ورسله، خصوصاً على خاتمهم، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم (4).
(1) رواه البخاري تعليقاً، كتاب التفسير، باب قوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي
…
)، قبل الحديث رقم 4797، وحسنه الألباني رحمه الله في فضل الصلاة على النبي، ص95.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:43.
(3)
البخاري، كتاب الزكاة، باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، برقك 1497، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بالصدقة، برقم 1078.
(4)
جلاء الأفهام لابن القيم ، ص 121.
وقد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بعد أمر اللَّه تعالى لنا أن نصلي عليه، وأن نجتهد في الإكثار منها، قال صلى الله عليه وسلم:((صلوا عليَّ، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللَّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)) (1).
فهذا الأمر من الشارع الحكيم بالصلاة عليه فيه أولاً: ((اقتداء باللَّه تعالى وملائكته)).
وثانياً: ((جزاءً له بعض حقوقه علينا)).
وثالثاً: ((تكميلاً لإيماننا)) (2).
وقد بشر صلى الله عليه وسلم: أنَّ من صلَّى عليه، نال الأجر المضاعف من خيري الدنيا والآخرة، فقال: ((من صلى عليَّ صلاة واحدة، صلى اللَّه عليه
بها عشراً)) (3).
وفي رواية: ((من صلى عليَّ من أمتي صلاةً مخلصاً من قلبه، صلى اللَّه عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات)) (4).
(1) أخرجه النسائي، كتاب السهو، نوع آخر، برقم 1292، وفي الكبرى له أيضاً، كتاب الطهارة، وجوب الغسل إذا التقى الختانان، برقم 1216، والطبراني في الكبير، 5/ 218، برقم 5143، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1292، وصحيح الجامع الصغير، برقم 3783.
(2)
انظر تفسير ابن السعدي، ص788.
(3)
مسلم، كتاب الإيمان، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله له الوسيلة، برقم 384.
(4)
النسائي، كتاب السهو، باب الفضل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1299، وله في الكبرى، كتاب الأذان، الدعاء عند الأذان، برقم 9809، والبزار، برقم 3160، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1659، وصحيح النسائي، برقم 1297.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن أولى الناس به يوم القيامة، وأقربهم منه أكثرهم عليه صلاة عن إيمان، وعن محبة له واتباع لشريعته)) (1):((إنَّ أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة)) (2).
وقوله تعالى {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3): ((أي ادعوا اللَّه أن يسلمه تسليماً تاماً، أي اسألوا اللَّه له السلامة من كل آفة في حياته، ومن كل بلاء في حشره عليه الصلاة والسلام؛ ((وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ)) (4)، فقول المسلم: اللَّهم صل على محمد، يعني سلّمه من الآفات الجسدية حياً وميتاً، وكذلك يتضمّن الدعاء
بالسلامة لدينه وشريعته أن يسلمها اللَّه تعالى من الأعداء، فلا يسطو عليها بتحريف أو تغيير، إلا سلَّط اللَّه عليه من يُبَيِّن ذلك، وهذا هو الواقع وللَّه الحمد والمنة)) (5).
((فصلاة العبد على الرسول هي ثناء على الرسول، وإرادة من اللَّه أن يُعليَ ذكره، ويزيده تعظيماً وتشريفاً، والجزاء من جنس العمل، فمن أثنى على رسوله جزاه اللَّه من جنس عمله بأن يثني عليه، ويزيد
(1) شرح رياض الصالحين للعلامة ابن باز رحمه الله، 4/ 507.
(2)
الترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 484، وابن أبي شيبة، 11/ 505، برقم 32474، وابن حبان، 3/ 192، والبيهقي في الكبرى،
3/ 249، وحسّنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1668.
(3)
سورة الأحزاب، الآية:56.
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب فضل السجود، برقم 806، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم 182.
(5)
شرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين: 4/ 503 - 505.