الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصد الجليل، وأهمّيته في سؤال اللَّه تعالى، وأن الاستعاذة جاءت في الكتاب والسنة بأوجز لفظ وأجمعه وأكمله، وأدله على المراد.
…
المفردات:
أعوذ: أي ألتجئ وأتحصّن ((لأن لفظ (عاذ) وما تصرّف منه يدل على الحرز والتحصّن والنجاة، وحقيقة معناه: الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه)) (1).
همزات: جمع هَمْزَ: والهمز في اللغة: النخس والدفع (2)، والمقصود هنا: وساوس الشياطين، وجميع إصاباتهم وأذاهم لبني آدم.
الشرح:
خلق اللَّه سبحانه وتعالى بحكمته الشرّ في هذه الدار، وخلق أعظم الشرّ، ومنبعه، وأصله، وأعظم أسبابه، وهو الشيطان الرجيم، تتسامى في ذلك الحكم العظيمة، من الابتلاءات المتنوعة الكثيرة، فيزداد الذين اهتدوا هدى، ويضل اللَّه الظالمين بضلالهم. فلما كانوا يروننا ولا نراهم كما قال تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (3) أمرنا بالاستعاذة بربنا جل جلاله الذي يراهم ولا يرونه أن يقينا هذا الشرّ الخطير.
{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ} : أي اسأل اللَّه تعالى أن يعصمك، ويحميك بجنابه العظيم؛ لما له من الأسماء الحسنى، والصفات
(1) بدائع الفوائد، 2/ 200.
(2)
تفسير القرطبي، 6/ 8452.
(3)
سورة الأعراف، الآية 27.
العُلا الجليلة.
{مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} : ((همزاتهم: دفعهم الوساس، والإغواء في القلب)) (1)، وجمعهم دلالة على كثرتها وتنوّعها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من أنواع شرور الشيطان كلِّها:((أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ: مِنْ نَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ، وَهَمْزِهِ)) ثم فسر هذه المعاني بعض رواة الحديث فقال: ((نَفْثُهُ: الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ: الْكِبْرُ، وَهَمْزُهُ: الْمُوتَةُ)) (2)، والموتة هي تشبه الجنون، لكن الذي ((يظهر: أن همزات الشياطين إذا أُفردت دخل فيها جميع إصابتهم لابن آدم، وإذا قُرنت بالنفخ والنفث كان نوعاً خاصاً)) (3).
وقوله: {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} : كرّر التوسل بربوبيته زيادة في التضرّع، والتوسل به تعالى من شرورهم؛ لشدّة خطرهم وأذاهم لبني آدم، أي أحتمي بك يا ربي أن يحضرني الشيطان في
(1) إغاثة اللهفان، 1/ 154.
(2)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم 764، سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم 242، ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب الاستعاذة في الصلاة، برقم 807، سنن الدارقطني، كتاب الصلاة، باب الاستفتاح بعد التكبير، 1/ 289، مسند أحمد، 6/ 378، برقم 3828، ورقم 3830، و11473، و16739، و16740، و16760، و16784، 22179، 25226، وابن حبان، 5/ 78، وصحيح ابن خزيمة، 1/ 238، ومصنف عبد الرزاق، 2/ 82، ومصنف ابن أبي شيبة، 1/ 231، والحاكم، 1/ 207، وسنن البيهقي الكبرى، 2/ 34، والمعجم الكبير للطبراني، 2/ 134، برقم 1568، والدارمي، 1/ 94، ومسند أبي يعلى، 2/ 358، وحسّنه الألباني في إرواء الغليل، 2/ 51 - 54.
(3)
إغاثة اللهفان، 1/ 154 - 155.