الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكلما أكثر فيه العبد من السؤال والدعاء، كان أكثر عبودية للَّه تعالى الذي يستوجب الخضوع له تعالى، والحبّ والتعلّق به، والتملُّق له، وفيه وعيد من أذى الجار، كائناً ما كان؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصّص جاراً دون جار.
98 - ((اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَسْتَجِيْرُ بِكَ مِنَ النَّارِ))
(1)(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).
الشرح:
قوله: ((من سأل اللَّه الجنة)): أي دخولها بصدق، وإيمان، وحسن
نية، وإلحاح.
قوله: ((قالت الجنة: اللَّهم أدخله الجنة)): فيه تعظيم للسائل، حيث إن اللَّه تعالى يخلق لهذه الدار الحياة والقدرة على النطق بذكره، وهي جماد، وهذا من كمال قدرة رب العالمين، وأنه لا يعجزه شيء جل وعلا، كما أنطق الحصى بالتسبيح والطعام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (2)، كما في قول ابن مسعود رضي الله عنه: ((
…
ولقد كنا نسمع
(1) أخرجه الترمذي، كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة أنهار الجنة، برقم 2572، وابن ماجه، برقم 3340، والنسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من حر النار، برقم 5521، والنسائي في الكبرى، 6/ 33، والإمام أحمد، 20/ 408، برقم 13173، والحاكم،
1/ 535، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 319، وصحيح النسائي، 3/ 1121، ولفظه:((من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهمّ أدخله الجنة ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهمّ أجره من النار)).
(2)
فيض القدير، 6/ 144.
تسبيح الطعام وهو يؤكل)) أي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (1).
قوله: ((ومن استجار
…
)) الحديث: كسابقه.
وهنا في إنطاق النار على الكلام حقيقته (2)، حيث تطلب من خالقها أن تُجِرْهُ من النار إذا أتى بالعدد المذكور، وهو الثلاثة؛ فإن التقيّد بهذا العدد مشروط في جعل اللَّه لهذه الجمادات القدرة على النطق بإنطاق اللَّه تعالى لها؛ فإن ذلك يُعطي المؤمن العزم، والجدَّ في السؤال والطلب بإلحاح، والتقيد بالعدد ثلاثة هو أقل درجات الإلحاح في الدعاء، واللَّه أعلم.
ودلّ هذا الحديث الجليل على عظم فضل اللَّه عز وجل لعباده الداعين، وأنه تعالى يسخّر لهم الجنة والنار على عظمهما في التوسّل إلى اللَّه، والدعاء لهم، كما سخّر لهم الملائكة الكرام
(1) البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3579.
(2)
هذا هو الأصل، أن يحمل الكلام على الحقيقة، قال ابن عبد البر:((وحمل كلام الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أولى بذوي الدين والحق)) التمهيد، 5/ 16، 7/ 145، والقاعدة في ذلك:((يجب حمل نصوص الوحي على الحقيقة)) انظر: قواعد الترجيح، 2/ 387.
(3)
سورة غافر، الآيتان: 7 - 8.