الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومرضية.
8 - يستحب للداعي أن يشرك والديه في الدعاء؛ لعظم فضلهما عليه
.
9 - إن الوالدين من أعظم النعم من اللَّه عزّ شأنه على العبد
.
10 - أهمية الأدعية القرآنية
؛ لاستجماعها جوامع الكلم من حسن الأدب، وكمال المقصد.
37 - {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}
(1).
هذه الدعوة الثانية ذكرها المؤلف لموسى عليه السلام هي من ضمن عدة دعوات في أمور مهمّات، سطَّرها كتاب ربنا بأساليب عديدة، في مواضع كثيرة، تنبئ عن أهمّيتها وشدّة العناية بها، وتبيّن ما ينبغي للعبد أن يكون عليه في مواطن الفتن والشدائد، وكيفيّة التعامل بها على منهج اللَّه القويم، والصراط المستقيم، الذي من تمسّك به، فلن يضلّ في الدنيا، ولن يشقى في الآخرة.
وسبب هذه الدعوة أن موسى عليه السلام قتل رجلاً قبطياً خطأً دون قصد أو تعمّد، حين أقدم رجل إسرائيلي من شيعته على الاستنصار به على القبطي، فضربه بقبضة يده فمات في الحال، وعدَّ ذلك ذنباً لأنه قتل نفساً لم يأمره اللَّه بقتلها.
قوله: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} اعترافٌ وندمٌ منه، فحمله ندمه على الخضوع لربه، والاستغفار من ذنبه، قال قتادة
(1) سورة القصص، الآية:16.
رحمه اللَّه عن الأية: ((عَرَفَ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام مِنْ أَيْنَ الْمَخْرَجِ)) (1)، ((ثم لم يزل يعدد ذلك على نفسه، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها، وإنما عدده على نفسه ذنباً من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر؛ فإن الأنبياء يُشفقون مما لا يشفق منه غيرهم)) (2).
فإذا كان نبي اللَّه عليه السلام يعدد ذنبه على نفسه، مع علمه بمغفرة اللَّه له، فكيف بنا نحن لا نعدد ذنوبنا وسيئاتنا التي نجترحها في الليل والنهار، ولا نعلم هل يغفر لنا أم لا! فإن العبد ينبغي له أن يقف متأملاً في حاله، وفي مصيره، وإنه مسؤول عن كل صغير وكبير، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
ذكر العلامة ابن سعدي رحمه الله من فوائد هذه القصة: ((أن قتل الكافر الذي له عهد بعقد، أو عرف، لا يجوز، وأن الذي يقتل النفوس بغير حقٍّ يُعدُّ من الجبارين المفسدين في الأرض، ولو كان غرضه من ذلك الإرهاب، ولو زعم أنه مصلح، حتى يرد في الشرع بما يبيح قتل النفس)) (3)، ومن الفوائد: أن العبد ينبغي له أن يستعظم الذنب، ويخاف عاقبته، ويتوسّل إلى اللَّه بذكر مظلمته، وعزمه على التوبة والأوبة.
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير، 9/ 2955، وحسّن إسناده في التفسير الصحيح، 4/ 46.
(2)
تفسير القرطبي، 7/ 233.
(3)
تيسير الكريم المنان، ص 131.