الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - أهمية التوسل بالعمل الصالح
، وكلّما كثّره العبد كان أرجى في الإجابة، كما في قوله تعالى:{إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} ، {وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين} .
12 - إن التوبة من الذنوب من أعظم أسباب قبول الدعاء:
13 - ((إن إشهاد الإنسان على نفسه بالإيمان، أو بالإسلام
، وما أشبه ذلك، لا يُعدّ من الرياء، ولا سيما في الاتباع)) (1)، بل يدلّ على الإقرار لله تعالى، والخضوع والتذلل له، وهذا من أعظم أنواع التوسل بالعمل الصالح؛ لأن الإسلام هو الاستسلام في ظاهر العبد، وباطنه لله رب العالمين.
14 - ينبغي للعبد أن يجدد توبته، وإنابته إلى اللَّه خاصة
إذا كمل أربعين عاماً (2).
15 - ينبغي للداعي أن يكون له حظ كبير في أدعيته لوالديه، ولذريته
؛ فإن هذا النفع يعود عليه، وعليهم جميعاً في الصلاح في الدنيا، والأنس والاجتماع بعضهم مع بعض في جنات النعيم.
44 - {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ
وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ
رَؤُوفٌ
(1) تفسير آل عمران للعلامة ابن عثيمين رحمه الله، 1/ 308.
(2)
تفسير ابن كثير، 4/ 202.
رَّحِيمٌ} (1).
هذه الدعوات هي في غاية الأهمية، ذكرها ربنا تبارك وتعالى لأهل الإيمان المخلصين من بعد الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين من التابعين وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، دعوات تدلّ على المحبة والتآخي في قلوب المؤمنين؛ فإن حقوق المؤمن على المؤمن كثيرة، ومنها الدعاء له في غيبته: في حياته، وبعد موته.
بعد أن أثنى اللَّه عز وجل على المهاجرين {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّه وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّه وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (2).
ثم ثنَّى بالأنصار: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} .
ثم الصنف الثالث من المؤمنين الذين جاؤوا من بعدهم إلى يوم القيامة: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ، فاستوعبت هذه الآيات جميع المسلمين، وليس أحدٌ إلاّ له فيها حق.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} : ذكروهم في
(1) سورة الحشر، الآية:10.
(2)
سورة الحشر، الآية:10.
الثناء عليهم في محبتهم بالسبق بالإيمان، اعترافاً بفضلهم؛ لأن الأخوّة في الدين عندهم أعزّ وأشرف من أخوَّة النسب، فجمعوا في الدعاء بطلب المغفرة لهم وللسابقين، وهذا من كمال الدعوات وأحسنها وأنفعها.
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: ((وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين من السابقين من الصحابة، ومن قبلهم، ومن بعدهم، وهذا من فضائل الإيمان، أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان، المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين، التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضاً؛ ولهذا ذكر اللَّه تعالى في هذا الدعاء نفي الغل في القلب الشامل لقليله وكثيره، الذي إذا انتفى، ثبت ضده، وهو المحبّة بين المؤمنين)) (1).
فجمعوا في هذه الدعوة المباركة بين سلامة القلب، وسلامة الألسن، فليس في قلوبهم أي ضغينة، ولا وقيعة، ولا استنقاص لأحد بالذكر في اللسان، دلالة على جماع المحبّة الصادقة للَّه ربِّ العالمين.
قال أبو مظفر السمعاني رحمه الله: ((وفي الآية دليل على أن الترحم للسلف، والدعاء لهم بالخير، وترك ذكرهم بالسوء من
(1) تفسير ابن سعدي، ص 1012.
علامة المؤمنين)) (1).
ثم أكّدوا في تضرّعهم بإجابة دعائهم: {رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} : توسّلوا إليه تعالى باسمين كريمين دالَّين على كمال رحمة اللَّه تعالى، أي: يا ربنا ما دعوناك بهذا السؤال والدعاء إلا لأنك رؤوف رحيم. والرؤوف: اسم للَّه تعالى يدلّ على شدّة الرحمة وأعلاها، فهو أخصُّ من الرحمة.
ومن كانت هذه خصالهم في الحبّ والمودّة في القلب واللسان بالدعاء والثناء لإخوانهم المؤمنين، جازاهم اللَّه تعالى خير الجزاء، قال تعالى:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (2)، وقد تقدّمت بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن دعا لإخوانه المؤمنين ((من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب اللَّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة)) (3).
ولا يخفى يا عبد اللَّه أن في الإكثار من هذه الدعوة العظيمة خيرات كثيرة في الدنيا والآخرة؛ لما في ذلك من الاستجابة لأمر اللَّه تعالى، وكثرة الحسنات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى للداعي بها كما
(1) تفسير أبي المظفر السمعاني، 5/ 402.
(2)
سورة الحشر، الآية:10.
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 19/ 909، ومسند الشاميين، 3/ 234، وأبو يعلى، 2/ 346. وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، برقم 6026، وتقدم.