الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق بين الكرب والحزن: أن الكرب حزن مع شدة (1).
الشأن: الأمر والحال (2).
الشرح:
هذه الكلمات الواردة في الحديث كلمات إيمان، وتوحيد، وإخلاص للَّه عز وجل، وبعد عن الشرك كله، كبيره وصغيره، وفي هذا أوضح دلالةً على أن أعظم علاج الكرب، هو تجديد الإيمان، وترديد كلمات التوحيد ((لا إله إلا أنت))؛ فإنه ما زالت شدَّة، ولا ارتفع همٌّ ولا كربٌ بمثل توحيد اللَّه، وإخلاص الدين له، وتحقيق توحيد العبودية له عز وجل التي خُلق الخلق من أجلها، فإن القلب عندما يُعمر بالتوحيد والإخلاص، ويُشغل بهذا الأمر العظيم، الذي هو أعظم الأمور، وأجلها على الإطلاق، تذهب عنه الكُربات، وتزول عنه الشدائد، والغموم خاصة إذا فُهِمَتِ المعاني، وعُمل بالمقاصد،
فإن يونس عليه السلام ما أزال اللَّه عنه الكربات إلا عند قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (3). قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بشيء: إذا نزل برجل منكم كرْبٌ، أو بلاء من بلايا الدنيا، دعا به يُفرج عنه؟ فقيل له: بلى ، فقال: دعاء ذي النون)) (4).
(1) العلم الهيب في شرح الكلم الطيب، ص 335.
(2)
المصدر نفسه.
(3)
سورة الأنبياء، الآية:87.
(4)
أخرجه النسائي في الكبرى، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، 6/ 168، برقم 10416، الحاكم، 1/ 505، رقم 1864، والدعوات الكبير للبيهقي، ص 125، وابن عساكر، 45/ 38، وصحح إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 243. وانظر: العلم الهيب، ص 339.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((دعوات المكروب)): أي الدعوات النافعة المزيلة للمكروب المغموم.
((اللَّهم رحمتك أرجو)): في تأخير الفعل ((أرجو)) دلالة على الاختصاص (1)، أي نخصّك وحدك برجاء الرحمة منك، فلا نرجوها من أحد سواك، وتخصيص السؤال بصفة الرحمة؛ لأنها وسعت كل شيء قال تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (2)، فرحمته تعالى وسعت كل جزء وذرة في هذا الكون العظيم، ومنها عبيده.
قوله: ((فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين)): فيه شدة الافتقار، والاحتياج إلى مولاه وخالقه عز وجل، وأنه لا غنى له عن ربه طرفة عين في كل شأن من شؤونه،
وقوله: ((طرفة عين)) خارج مخرج المبالغة. أي ولا لحظة واحدة.
قوله: ((وأصلح لي شأني كله)): فيه سؤال اللَّه تعالى أن يصلح كل أحواله وشؤونه وأموره في كل جزئيةٍ من جزئياته، وكل جانب من جوانبه في حياته، وبعد مماته كما دلَّ قوله:((كله)).
ثم ختم بأحسن وأعظم الكلم ((لا إله إلا أنت)) إقرار، وإذعان، وإشهاد بالوحدانية الحقَّة [من الألوهية، والربوبية، والأسماء
(1) العلم الهيب، ص 339.
(2)
سورة الأعراف، الآية:156.