الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكيم، فحكمتك تمنع أن تكون النصرة للكافرين على المؤمنين.
11 - أهمية التوكل، دلّ على ذلك تصديرهم به
؛ لأنه من توكل على اللَّه فقد كفاه ما يهمّه، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُوَ حَسْبُهُ} (1).
12 - ينبغي للداعي معرفة معاني أسماء اللَّه الحسنى
، وصفاته العلا حتى يتوسل بما يناسب مطلوبه.
47 - {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
(2).
هذا الدعاء النافع جاء ذكره في كتاب اللَّه العزيز الحكيم من دعاء المؤمنين في يوم القيامة حين ينطفئ نور المنافقين، والعياذ باللَّه، فقد صحّ عن مجاهد رحمه الله في قوله تعالى:{رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} (3)، قال:((قول المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين)) (4).
كما في الآية نفسها من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ
يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} (5).
(1) سورة الطلاق، الآية:3.
(2)
سورة التحريم، الآية:8.
(3)
سورة التحريم، الآية:9.
(4)
تفسير مجاهد، 4/ 403، وتفسير الطبري، 23/ 496، وصحح إسناده في التفسير الصحيح، 4/ 511.
(5)
سورة التحريم، الآية:9.
وهذا النور أحد العلامات التي يَعرِف بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، قال صلى الله عليه وسلم:((أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِالسُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأُنْظِرُ بَيْنَ يَدَيَّ، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ))، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ؟ مَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى أُمَّتِكَ؟ قَالَ:((غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، ولَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ غَيْرِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، وَأَعْرِفُهُمْ بِنُورِهِمُ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ)) (1).
السعي: المشي السريع، نورهم: أي نور إيمانهم، وطاعتهم على الصراط.
{بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} : أي يضيء قدّامهم.
{وَبِأَيْمَانِهِمْ} : أي وعن أيمانهم، وشمالهم على وجه الإضمار، يعني جهة أيمانهم وشمالهم (2).
يقولون: أي يقول المؤمنون إذا طفئ نور المنافقين إشفاقاً
وخوفاً.
{رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} : المراد بالإتمام المداومة والاستمرارية إلى
(1) أخرجه أحمد، 36/ 64، برقم 21737 - 21739، والبيهقي في شعب الإيمان، 4/ 262، والبزار، 2/ 116، والطبراني في الأوسط، 3/ 304، والحاكم، 2/ 520، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 43، برقم 180.
(2)
تنوير الأذهان من تفسير روح البيان للبروسوي، 4/ 375.
أن يصلوا إلى دار السلام، جاء عن الضحاك:((ليس أحد إلا يُعطَى نوراً يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين فلما رأى المؤمنون ذلك أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفأ نور المنافقين)) (1).
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله: ((حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي تعطى المنافقين، ويسألون اللَّه تعالى أن يُتمِّمَ لهم نورهم، فيستجيب اللَّه دعوتهم، ويوصلهم بما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح)) (2).
{إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} : علَّلوا بسؤالهم أنك يا ربنا ما سألناك بهذه المطالب إلا لأنك على كل شيء قدير، فلا يعجزك
شيء، فأتمم لنا هذا الخير، وأدمه إلى أن نصل إلى موعودنا دار السلام.
(1) تفسير ابن كثير، 4/ 405، ورواية الطبري في تفسيره 23/ 496 عن الحسن:((ليس أحد إلا يُعطى نورًا يوم القيامة، يعطى المؤمن والمنافق، فيطفأ نور المنافق، فيخشى المؤمن أن يطفأ نوره))، ورواية الحاكم في المستدرك وصححها، 2/ 538:((ليس أحد من الموحدين إلا يُعطى نوراً يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره، والمؤمن مشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق)). وعزاه السيوطي في الدر المنثور، 14/ 593 للحاكم، والبيهقي في البعث،
(2)
تفسير ابن سعدي، ص 1036.
وهذا النور يا عبد اللَّه على قدر نور أعمالك في الدنيا، فالجزاء من جنس العمل، فقد جاء عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن قوله تعالى:{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} : ((قَالَ: يُؤْتَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، مِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَأَدْنَاهُمْ نُورًا مَنْ نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِهِ يُطْفَأَ مَرَّةً، وَيُوقَدُ أُخْرَى)) (1)، وهذا الخبر حكمه حكم المرفوع، أي من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من أمور الغيب التي لا تعلم إلا بخبر من الشارع.
والعبد يسأل اللَّه عز وجل أن يتم نوره، ويسبغه عليه في الدنيا حتى يتم له كمال النور على الصراط يوم القيامة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل ربه تبارك وتعالى أن يرزقه نوراً في كل أجزاء جسده الشريف؛ ليكمل له العلم، والمعارف، والهدى، ولنا في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (2): ((اللهُمَ اجعَل فِي قَلبِي نُوراً وفِي سَمعي نُوراً وعَن يَمينِي
نُوراً وعن يَسارِي نُوراً وفَوقِي نُوراً وتَحتِي نُوراً وأَمامِي نُوراً وخَلفِي
(1) مصنف ابن أبي شيبة، 13/ 229، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 2/ 478، وتفسير ابن أبي حاتم، 10/ 3336، وتفسير الطبري، 23/ 179، وصححه الألباني في شرح العقيدة الطحاوية، ص 469، وبنحوه في معجم الطبراني الكبير، 9/ 357، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3591.
(2)
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بها في سجوده، كما في سنن النسائي، كتاب التطبيق، باب الدعاء في السجود، برقم 1121، السنن الكبرى للنسائي، 1/ 237، ومصنف بن أبي شيبة، 10/ 221، والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 318، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 363.