الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمس، لحديث عائشة المتقدِّم، ولأن اليوم
(1)
المُحَقَّق إنما هو من طلوع الشمس، وقبل ذلك مشترك بين اليوم والليلة، فقد يتبع هذا تارة ويتبع هذا تارة.
وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه
. فإن طلع الهلالُ نهارًا، لم يخرج من الاعتكاف في المشهور عنه، بناء على الاحتياط في الهلال المرئي نهارًا، وعلى أنه للمستقْبَلَة بكلّ حال، وإن قلنا: هو للماضية، خرج. هذا هو المنصوص عنه المشهور عند أصحابه.
قال ابن أبي موسى
(2)
: وقيل عنه فيمن أراد اعتكاف شهر: إنه يدخل معتكفَه قبل طلوع الفجر من أوله، ويخرج منه بعد غروب الشمس من آخره.
ووجه هذا من
(3)
حديث عائشة: أنه بنى على أن الاعتكافَ لا يكون إلا بصوم، وإنما يصحّ في الليل تَبَعًا للنهار، و
(4)
أول ليلة من الشهر ليس بصائم
(5)
، فلا يبتدئ الاعتكافَ في وقتٍ لا يصلح للصوم.
وإن قيل: إن الصوم فيه
(6)
مستحبّ، فقد يقال: يُحْمَل القصدُ والنذر
(1)
ليست في س.
(2)
في «الإرشاد» (ص 154).
(3)
ليست في س.
(4)
في النسختين: «أو» ولعل الصواب ما أثبت.
(5)
ق: «بصيام» .
(6)
ليست في س.
على الوجه الأحسن الأكمل
(1)
، وهو ما فيه صوم، وإن كان شهرًا مطلقًا
…
(2)
وإن نذَرَ اعتكافَ عشرة أيام متتابعة إما مطلقة أو
(3)
معينة؛ فذكر أبو بكر وابن عقيل فيها روايتين:
إحداهما
(4)
: وهي الصريحة: أنه لا يدخل فيه
(5)
الليلةُ الأولى، كما نقله أبو طالب، وهي اختيار أبي بكر وابن عقيل والقاضي أخيرًا. وفرَّق أحمدُ وأبو بكر بين الأيام والشهر، سواء كانت الأيام معيَّنة أو مطلقة.
والرواية الثانية: يدخل أول ليلة على وجه التَّبَع؛ لأن الأيام تُذَكَّر ويدخل فيها الليالي، [ق 120] وليست صريحة.
وذكر القاضي عن أصحابنا طريقين:
أحدهما: لا تدخل الليلة الأولى لا في المطلقة ولا في المعيَّنة. على رواية أبي طالب والأثرم، وهذا اختياره في «خلافه»
(6)
.
والثانية: تدخل
(7)
، وهي قوله في «المجرَّد» .
(1)
ق: «الأجمل» .
(2)
بياض في النسختين.
(3)
س: «وإما» . وينظر «المغني» : (4/ 489 - 490).
(4)
س: «أحدهما» .
(5)
ليست في س.
(6)
(1/ 24 - 25).
(7)
سقطت من س.
وقال القاضي في «المجرد» وابنُ عقيل: إن عيَّن أيامًا من الشهر، مثل أن يقول: أعتكفُ العشرَ الأواخر من رمضان، أو عيَّن
(1)
نذرًا نذرَه أو تطوَّع به، فهذا يلزمه أن يدخل ليلة الحادي والعشرين، لأن الليلةَ تابعةٌ ليومها، فلزمه أن يأتي بالتابع كالليالي التي تتخلل الأيام، وإن لم يعينها من شهر بعينه، وهو أن يقول: اعتكاف عشرة أيام، فههنا هو عبارة عن أول اليوم.
قال: وعلى هذا يُحْمَل كلامه في رواية أبي طالب والأثرم.
وإن قال: عليَّ أن أعتكف هذه العشر أو العشر الأواخر من رمضان، فعلى ما ذكره القاضي هو مثل أن يقال: هذه الأيام. حتى قال في «خلافه» : لو نذر اعتكاف عشر بعينه، كالعشر الأواخر من رمضان، لم تدخل ليلةُ العشر فيه. وغيره: تدخل الليلة هنا، وإن لم يدخل في لفظ الأيام.
وإذا نذرَ اعتكافَ العشر، لم يكن له أن يخرج إلى هلال شوال. ذكره القاضي. وإن كان العشر عبارة عن الليالي؛ لأن بياض نهار كلِّ يوم يدخل في ليلته، ويجزئه، سواء كان الشهر تامًّا أو ناقصًا؛ لأنه إذا أُطْلِق العشر، إنما
(2)
يُفْهَم منه ما بين العشر الأوسط وهلال شوال.
ولو نذَرَ اعتكافَ عشرٍ مطلق أو عشرة أيام، لم يجزئه إلا عشرة تامة، فإذا اعتكف العشر الآخر من رمضان وكان ناقصًا، لزمه أن يعتكف يوم العيد.
وإذا نَذَر عشرًا مطلقًا، أو عشر ليال، فهل يلزمه بياض اليوم الذي يلي آخر ليلة؟
…
(3)
(1)
س: «غيره» .
(2)
ق: «فإنما» .
(3)
بياض في النسختين.
فصل
(1)
وإذا نَذَر اعتكافَ شهر مطلق، أجزأه ما بين الهلالين وإن
(2)
كان ناقصًا.
وإن كان شرع في أثناء شهر
(3)
، لزمه استيفاء ثلاثين يومًا، فإن شرع في أثناء يوم
…
(4)
وإن قال: ثلاثين يومًا، لم يجزئه إلا ثلاثين، فإذا
(5)
كان ناقصًا فعليه يوم آخر.
وإذا نذَرَ اعتكافَ شهرٍ، لزمه أن يعتكف شهرًا متتابعًا، سواء قلنا فيمن نذر صوم شهر يلزمه التتابع أم لا. قاله القاضي وأصحابه؛ لأن الاعتكاف يصحّ بالليل والنهار، فاقتضى التتابع، كمدة الإيلاء والعُنَّة.
وإذا حلف لا يكلِّمه شهرًا وعليه الصوم
…
(6)
ومن أصحابنا من خَرَّج في هذه المسألة وجهين قياسًا على مَن نَذَر أن يصوم شهرًا: هل يلزمه التتابع أو يجوز له التفريق؟ على روايتين؛ لأنها عبادة يجوز فعلها
(7)
متتابعةً ومفرَّقةً، فأشبهت الصومَ، والأول أجود؛ لأنه لو نذر
(1)
ينظر «المغني» : (4/ 491)، و «الفروع»:(5/ 157 - 158).
(2)
ق: «إن» .
(3)
(4)
بياض في النسختين. وينظر «المغني» : (4/ 493).
(5)
س: «وإن» .
(6)
س: «ويمكنه الصوم» . وبعده بياض في النسختين. وينظر «المغني» : (4/ 491).
(7)
سقطت من س.
اعتكاف عشر
(1)
، لزمه متتابعًا، وإن جاز تفريقه فكذلك الشهر.
وإذا نذر اعتكاف ثلاثين يومًا، فقال القاضي: يلزمه التتابع كما يلزمه في الشهر، كما لو حلف لا يكلِّمه عشرةَ أيام.
فعلى هذا إن نذر اعتكاف ليلتين، فقال: يحتمل أن يلزمه ليلتان ويوم.
وقال أبو الخطاب
(2)
: يجوز أن يفرقهما
(3)
، وإن أوجبنا التتابُعَ في لفظ الشهر؛ لأن أحمد فرَّق بين اللفظين في نذر الصيام
(4)
؛ فقال في رواية ابن الحكم في رجل قال: لله عليَّ أن أصوم عشرة أيام: يصومها متتابعًا. وإذا قال: شهرًا، فهو متتابع، وإذا قال: ثلاثين يومًا، فله أن يفرِّق.
فعلى هذا: إن
(5)
نذر اعتكاف عشرة أيام، تلزمه متتابعةً كما يلزمه الصوم.
وقال ابن عقيل عن أحمد: الفرق بين الأيام والشهر، فأوجب التتابع في الشهر دون الأيام.
وزعم القاضي أنه لا فرق بين ثلاثين يومًا وعشرة أيام. قال: ولعله سهو من الراوي. وليس كما قال؛ لأن عدول الحالف عن لفظ (شهر) إلى لفظ (ثلاثين يومًا) مع أنه أصل، وهو خلاف المعتاد، دليلٌ على أنه أراد معنًى
يختصّ به، بخلاف لفظ عشرة أيام، فإنه ليس لها إلا لفظ واحد.
والمطلق في القرآن من الصوم محمول على التتابع، فكذلك في كلام الآدميين.
وإذا وجب التتابعُ، لزمه اعتكاف الليالي التي تتخلل الأيام، فأما ليلة أول يوم فلا تلزمه، مثل أن يقول: لله عليَّ اعتكاف يومين. فتجب الليلة التي بينهما دون التي قبلهما، هذا هو المشهور. وعلى الرواية المذكورة قيل: تجب الليلة التي قبل.
قال ابن عقيل: ويتخرّج وجوب يومين بلا ليلة أصلًا، كما لو أفرد؛ لأن ليلة اليوم الأول لما لم يلزم أن تدخل في اعتكافه، كذلك ليلة اليوم الثاني.
وأما إذا لم يجب التتابع، فإنما تجب عشرة أيام بلا ليال. ذكره ابن عقيل وغيره. كما لو قال: عليَّ أن أعتكف يومًا، فإن اليوم اسم لبياض النهار خاصة، وهذا كله عند الإطلاق.
فإن نوى شيئًا أو شَرَطه بلفظه، عَمِل بمقتضاه قولًا واحدًا
…
(1)
فصل
(2)
وإذا نذَرَ اعتكاف يوم يَقْدَم فلان، انعقد نذرُه، لأنه نَذْر قُربة يمكنه الوفاء ببعضها، كما لو نذر صوم يوم
(3)
[ق 121] يقدم فلان، فإن قدم ليلًا لم يلزم
(4)
(1)
بياض في النسختين.
(2)
ينظر «المغني» : (4/ 495)، و «الفروع»:(5/ 144).
(3)
«يقدم فلان
…
صوم يوم» تكررت في س.
(4)
النذرُ لفوات الشرط، وإن قَدِم نهارًا اعتكف ما بقي من النهار، ولم يلزمه قضاء ما مضى قبل قدومه، كما لو قال: لله عليَّ أن أعتكف أمس.
وإن قَدِم والناذرُ عاجزٌ عن الاعتكاف لمرضٍ أو حبس أو نحو ذلك. فعليه مع الكفارة قضاء ما بقي من النهار دون ما مضى؛ لأنه لم يجب عليه إلا اعتكاف ما بقي. هذا قول القاضي وأصحابه وأبي محمد
(1)
وغيرهم من المتأخرين.
[و] مَن شَرَط
(2)
الصومَ، فإنه يلزمه القضاء، ولا يصح اعتكاف بعض يومٍ عن نذره؛ لعدم شرطه، وهو النذر. وعلى الوجه الآخر، يجزئه اعتكاف ما بقي منه إذا كان صائمًا.
وأصل هذا: أن عندهم مقتضى النذر في الصوم والاعتكاف الفعلُ فيما بقي من الزمان بعد القدوم، وأما ما وُجد قبل القدوم فليس بواجب عليه، لكن لمَّا لم يمكن
(3)
في الصوم أن يُصام بعض يومه، لزمه صوم يوم كامل، حتى إذا كان قد أصبح صائمًا متطوِّعًا؛ أجزأه تمام ما بقي من
(4)
نذره.
وقال أبو بكر: إذا قدم في بعض النهار، كان عليه كفارة يمين والقضاء، ولا معنى لإتمامه من يوم آخر. وحكاه عن أحمد، كما قد نصَّ أحمدُ في غير موضع في الصوم على مثل ذلك.
(1)
في «المغني» : (4/ 496).
(2)
س: «شرطه» . وسقطت «من» من ق.
(3)
س: «يكن» .
(4)
س: «عن» .