المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يبطل الاعتكاف بالوطء، سواء كان(2)عامدا أو ناسيا، عالما أو جاهلا - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌يبطل الاعتكاف بالوطء، سواء كان(2)عامدا أو ناسيا، عالما أو جاهلا

فأما المباشرة دون الفرج، كالقُبلة [ق 127] واللمس، فإنها لا تبطله فيما ذكره القاضي

(1)

ومَنْ بعده من أصحابنا، كما لا يُبْطِل الإحرامَ والصيامَ، إلا أن يقترن بها الإنزال، فإن أنزل فسد الاعتكافُ كما يفسد الصيامُ بالإنزال، وكذلك الحج في رواية، وفي الرواية الأخرى الحج آكد في اللزوم، فإنه لا يخرج منه بالإفساد بخلاف الاعتكاف، فإنه لو خرج من المسجد أو جامع، خرج من الاعتكاف، ولو أراد الخروج من تطوُّعه كان له ذلك.

و‌

‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان

(2)

عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

عند أصحابنا، وهو ظاهر كلامه كما قلنا في الإحرام والصيام.

ويتخرّج

(3)

وإن باشر ناسيًا فأنزل، فقياس المذهب: أن ما كان منه ملحقًا بالوطء يستوي

(4)

عمدُه وسهوُه، وهو جميع المباشرة في رواية، أو الوطء دون الفرج في رواية.

وما كان منه مفارقًا للجماع في وجوب الكفارة به في الصيام

(5)

وإن خرج من المسجد ناسيًا، ففيه وجهان

(6)

:

(1)

في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 40 - 42).

(2)

سقطت من المطبوع.

(3)

بعده بياض في الأصلين.

(4)

زاد في المطبوع: «فيه» ولا حاجة إليه.

(5)

بعده بياض في س، والسياق غير تامّ. وينظر «المغني»:(4/ 473 - 475).

(6)

ينظر «المغني» : (4/ 472).

ص: 676

أحدهما: لا يبطل اعتكافه. قاله القاضي في «المجرَّد» ؛ لأن الاعتكافَ منع من شيئين: المباشرةِ والخروجِ، كما منع الصومُ المباشرةَ والأكلَ، فلما كان أكْلُ الصائم ناسيًا لا يُبْطِل صومَه، بخلاف الجماع، فكذلك خروجه من المسجد، والجاهل بأنه محرم

(1)

والثاني: يبطل اعتكافه. قاله القاضي في «خلافه» والشريف أبو

(2)

جعفر وأبو الخطاب

(3)

وابن عقيل، حتى جعلوه أوكد من الجماع؛ لأن اللبث في المسجد من باب المأمور به، فيستوي في تركه العمدُ والخطأ، كترك أركان الصلاة وأركان الحج وواجباته، بخلاف الجماع، فإنه من باب

(4)

المنهيِّ عنه. وسواء في ذلك إن

(5)

نسي المسجد أو نسي أنه معتكف.

فإن أُكْره على الخروج لم يبطل اعتكافُه، سواء أُكره بحقٍّ، مثل إحضاره مجلس الحكم، أو بباطل بأن يُحمل أو يُكره على الخروج لمصادرة أو تسخير.

فأما إن أمكنه الامتناع بأداء ما وجب عليه أو بغير ذلك، بأن يكون عليه حقٌّ وهو قادر على وفائه، فيمتنع حتى يُخرِجَه الخصمُ إلى مجلس الحكم، بَطَل اعتكافُه.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

ق: «وأبو» خطأ.

(3)

ينظر «الهداية» (ص 168).

(4)

سقطت من المطبوع.

(5)

ليست في س.

ص: 677

فصل

(1)

وإذا أبطل اعتكافًا لزمه قضاؤه، فهل عليه كفارة؟ على روايتين:

إحداهما: لا كفارة عليه.

قال في رواية أبي داود

(2)

: إذا جامع المعتكف، فلا كفارة عليه.

لأنه لا نصّ في وجوب الكفّارة ولا إجماع ولا قياس صحيح. لأنها إن قيست على الصيام، فالصوم لا تجب الكفارة بالوطء فيه إلا في

(3)

نهار رمضان خاصة، ولهذا تجب على مَنْ وجب عليه الإمساك وإن لم يكن صائمًا، فكانت الكفارةُ لحُرْمة الزمان لا لحُرْمة جنس الصوم.

وإن قيست على الحجّ، فالحجُّ يلزمُ جِنْسُه بالشروع، ثم الكفارة الواجبة فيه ليست من جنس كفارة الحج.

وأيضًا فالحجُّ والصيام عبادتان عظيمتان، يجب جنسهما بالشروع

(4)

، ويدخل المال في جُبْرانهما، بخلاف الاعتكاف.

ثم ليس إلحاقه بالحجِّ والصيام بأولى من إلحاقه بالطواف والصلاة والطهارة، فإنه لو نذر أن يبقى يومًا متطهِّرًا ثم أفسد طهارته، لم تجب عليه كفارة

(5)

(1)

ينظر «المغني» : (4/ 476)، و «الفروع»:(5/ 183 - 186).

(2)

«المسائل» (ص 138).

(3)

«في» سقطت من ق.

(4)

ق والمطبوع: «بالشرع» ، وقد سبقت على الصواب قبل صفحة.

(5)

بياض في النسختين.

ص: 678

والرواية الثانية: عليه الكفارة، وهي اختيار القاضي وأصحابه.

وحكى ابنُ أبي موسى

(1)

والقاضي وغيرُهما هذه الرواية: أنه يلزمه كفارة الظهار، سواء وطئ ليلًا أو نهارًا، عامدًا أو ساهيًا.

قال ابن أبي موسى: وهو مذهب الزُّهري.

وذكر إسحاق عن الزُّهريِّ في الرجل يقع على امرأته وهو معتكف؟ قال: «لم يبلغنا في ذلك شيء، ولكنا نرى أن يعتق رقبة، مثل الذي يقع على أهله في رمضان»

(2)

.

وعن الحسن: «إذا واقعها وهو معتكف، يحرِّر محرّرًا»

(3)

.

وذلك لأنها عبادة مقصودة يحرُم فيها الوطء ويفسِدُها، فوجب فيها كفارة كالصيام والحج، ولا ينتقض بالطواف والصلاة، لأن الوطء

(4)

إنما يفسدُ الطهارةَ، وفساد الطهارة يفسدُ الصلاةَ والطوافَ.

والطهارةُ ليست عبادةً مقصودة لنفسها، أو يقال: عبادة لا تُشترط لها الطهارة، ويحرم الوطء، فأشبه الصيام والحج.

وهذا لأن العاكف قد منعَ نفسَه من الخروج، كما منع الصائمُ نفسَه عن الأكل والشرب والنكاح، ومنع المُحرمُ نفسَه عن اللباس والطيب والنكاح

(1)

في «الإرشاد» (ص 155).

(2)

أخرجه عبد الرزاق (8079)، وابن أبي شيبة (9778، 12591).

(3)

أخرجه عبد الرزاق (8080)، وابن أبي شيبة (9776، 12594).

(4)

ق: «الواطئ» .

ص: 679

وغيرها

(1)

. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في العاكف: «هو يَعْكُف الذنوبَ»

(2)

كما قال في الصوم: «الصوم جُنّة»

(3)

.

ولهذا كُره للصائم والعاكف والمُحْرِم فضولُ القول والعمل منصوصًا

(4)

في الكتاب والسنة، ولهذا قُرِن العكوف بالصيام إما وجوبًا أو استحبابًا مؤكَّدًا، وجُمِع بينهما في آية واحدة، وقُرِن بالحجِّ في قوله تعالى:{طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125].

ولفظ هذه الرواية فيما ذكره القاضي

(5)

: أنه

(6)

قال في رواية حنبل: وذُكِر له قول ابن شهاب: «من أصاب في اعتكافه، فهو كهيئة المُظاهر» فقال أبو عبد الله: إذا كان نهارًا أوجبتُ عليه [ق 128] الكفارةَ.

وقال في موضع آخر من مسائل حنبل: إذا واقع المعتكفُ أهلَه، بطل اعتكافُه، وكان عليه أيام

(7)

مكان ما أفسده، ويَسْتَقْبِل ذلك، ولا كفَّارة عليه إذا كان الذي واقع ليلًا، وليس هو واجبًا

(8)

فتجب عليه الكفارة.

(1)

سقطت من س.

(2)

سبق تخريجه. وهو ضعيف.

(3)

أخرجه البخاري (7492) وقد سبق.

(4)

كذا في النسختين، ولعل في الكلام سقطًا.

(5)

في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 38). وذكرها ابن قدامة في «المغني» : (4/ 474).

(6)

من ق.

(7)

في «التعليقة» : «أيامًا» .

(8)

في «التعليقة» : «واجب» ، خطأ، وسيأتي على الصواب.

ص: 680

ولأصحابنا في تفسير هذا الكلام ثلاثة طرق:

أحدها: أن قوله: «لا كفارة عليه إذا كان ليلًا، ليس هو واجبًا

(1)

فتجب عليه الكفارة» = دليل على أن الكفارة تجب في الواجب وإن كان ليلًا.

وقوله في اللفظ الآخر: «وإذا كان نهارًا وجبت عليه الكفارة» : قصد به إذا كان الاعتكاف واجبًا عليه أو لم يوجبه على نفسه ليلًا، فأما إذا وجب اعتكافُ شهرٍ متتابعٍ أو أيام متتابعة، فإن الليلَ والنهارَ سواء في ذلك. هذا تفسير القاضي.

الثانية: أنه في اللفظ أوجبَ كفارةَ الظهار بالوطء نهارًا فقط؛ لأنه يكون صائمًا، فإن الصوم وجب في إحدى الروايتين، وهي رواية حنبل. ومُؤكَّدُ

(2)

الاستحبابِ في الأخرى، فيكون قد أفسد الصومَ والاعتكافَ كالواطئ في رمضان هَتَك

(3)

حُرمةَ الإمساك وحُرمةَ الزمان، ويكون الصوم المقرون به الاعتكاف كالصوم في نهار رمضان، بخلاف الواطئ ليلًا فإنه لم يُفْسِد إلا مجرَّدَ الاعتكاف.

وفي اللفظ الثاني: أوجبَ الكفّارة بالوطء ليلًا ونهارًا إذا كان واجبًا.

فتكون المسألة على ثلاث روايات، وهذه طريقة ابن عقيل في «خلافه» ، ولم يذكر في «الفصول» إلا روايتين:

إحداهما: وجوب الكفارة.

(1)

ق: «واجبًا عليه» .

(2)

في المطبوع: «ومؤكدًا» خطأ.

(3)

س: «يهتك» .

ص: 681

والثانية: لا تجب إلا إذا كان واجبًا بالنذر، وكان الوطء نهارًا.

قال: ولعل الوطء في ليل المعتكف يوجبُ كفارةَ يمين، فعلى هذا تكون الروايتان متفقةً على أن النهار فيه كفارة الظهار، والليل فيه كفارة يمين.

الثالثة: أن أحمد إنما سُئل عن المعتكف في رمضان، وعلى ذلك

(1)

خَرَج كلامه، فإن وطئ نهارًا وجبت عليه كفارة الظهار لأجل رمضان، وإذا وطئ ليلًا وليس هو واجبًا عليه فلا كفارة عليه، وإن كان واجبًا وجبت عليه كفارة تَرْك النذر.

ويدلُّ على أن هذا معنى كلامه قوله: «ولا كفارة عليه إذا كان الذي وقع

(2)

ليلًا وليس هو واجبًا»

(3)

. فهذا دليل على ثبوته إذا كان نهارًا وإذا كان ليلًا وهو واجب، ودليلٌ على أنه إذا كان واجبًا وجبت الكفارة لوجوبه، وهذه كفارة اليمين. وكذلك قال أبو بكر.

والرجلُ إذا جامع في اعتكافه بطَلَ اعتكافُه، ويَسْتَقبل، فإن كان نذرًا كان عليه كفّارة يمين والقضاء لما أفسد. وعلى هذه الطريقة فتكون المسألة رواية واحدة: أنه يجب عليه كفارة اليمين لترك النذر.

وذكر القاضي أبو الحسين وغيره في الكفارة الواجبة بالوطء في الاعتكاف، هل هي كفارة يمين أو ظهار؟ على روايتين

(4)

:

(1)

في المطبوع: «هذا» خلاف النسخ.

(2)

س: «واقع» .

(3)

س زيادة وتكرار: «فتجب الكفارة فنفي الكفارة إذا كان ليلا وليس هو واجبا» .

(4)

س: «وجهين» ، ولذا قال بعده:«أحدهما» و «الثاني» بالتذكير.

ص: 682

إحداهما: أنها كفارة يمين. اختاره أبو بكر والقاضي في «الجامع الصغير»

(1)

.

والثانية: أنها كفارة ظهار. اختاره القاضيان ابنُ أبي موسى

(2)

وأبو يعلى في «خلافه»

(3)

.

وهذا يقتضي أنه لا كفارة على الرواية الأخرى، لا كفارة جماع ولا كفارة يمين. وهذا غلطٌ على المذهب، فإن الاعتكاف إذا كان منذورًا معيَّنًا وأفسده، لزمته كفارة ترك المنذور بغير خلاف في المذهب، كما يلزمه كفارةٌ لو خرج من المسجد.

وقول أحمد: «إذا جامع المعتكف، فلا كفارة عليه» أي: لا كفارة عليه للجماع في الاعتكاف. وهذا إنما تجب عليه

(4)

الكفارة لتفويت النذر، كالخروج من المسجد وأولى.

نعم، مَن قال مِن أصحابنا عليه كفارة ظهار، فإنه يُسْتَغْنَى بوجوبها عن كفارة اليمين، ومن لم يوجب عليه كفارة ظهار ــ وهو الذي يقتضيه كلام أحمد وقدماء أصحابه ــ فإنه لابدَّ من كفارة اليمين إذا كان النذر معيَّنًا. وأما إذا كان مطلقًا، فهل تجب كفارة اليمين؟

وإذا باشر دون الفرج فأنزل، فقال ابن عقيل: يتخرَّج في إيجاب الكفارة

(1)

(ص 94).

(2)

«الإرشاد» (ص 154).

(3)

«التعليقة» : (1/ 40).

(4)

س: «وهنا عليه» .

ص: 683

وجهان، على الروايتين في الصوم، لأن الاعتكاف عبادة تحرِّم الوطء ودواعيه، فهو كالصيام والإحرام.

فصل

(1)

ويبطل الاعتكاف أيضًا بالرِّدَّة؛ لأن الرّدة تُبْطِل جميعَ العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والإحرام، فكذلك الاعتكاف؛ لأن الكافر ليس من أهل العبادات.

فإن عاد

(2)

ويبطل أيضًا بالسُّكْر؛ لأن السَّكْران ممنوعٌ من دخول المسجد؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}

(3)

[النساء: 43].

فأما إن زال عقله بغير النوم من جنون أو إغماء

(4)

فصل

وإذا تَرَك الاعتكافَ بالخروج من [ق 129] المعتكَفِ؛ فإما أن يكون نذرًا أو تطوُّعًا:

(1)

ينظر «المغني» : (4/ 476)، و «الفروع»:(5/ 187)، و «الإنصاف»:(7/ 627 - 628).

(2)

بياض في النسختين.

(3)

(يا أيها الذين آمنوا) ليست في س.

(4)

ما بعد الآية وهنا بياض في النسختين.

ص: 684