المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تقام فيه الصلوات الخمس جماعة - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تقام فيه الصلوات الخمس جماعة

وهذا لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ المعتكفات إذا حِضْن أن يُقِمْن في رِحاب المسجد

(1)

.

قال القاضي: إن كانت مَحُوْطة عن الطريق، وعليها أبواب، فهي تابعة للمسجد.

وإن كانت مُشرَعة على

(2)

الطريق وغير مَحُوطة

(3)

، مثل رحاب جامع المنصور، ورحاب جامع دمشق، فحكمها حكم الطريق، لا يجوز الخروج إليها لغير حاجة.

فإن قلنا: الرَّحْبة من المسجد، فكذلك المنارة التي فيها. وإن قلنا: ليست هي منه، ففي الخروج إلى المنارة التي فيها الوجهان

(4)

.

‌الفصل الثالث

(5)

أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

، سواء كانت

(6)

الجماعة تتم بدون المعتكف أو لا تتم إلا به، حتى لو اعتكف رجلان في مسجد، فأقاما به الجماعة جاز.

(1)

سيأتي لفظ الحديث وتخريجه (ص 705).

(2)

ق: «مشروعة» . وكانت «على» في النسختين «عن» فأصلحتها.

(3)

س: «مجازة» بالجيم، و ق «محازة» بالحاء، والظاهر ما أثبت، والنص في «المستوعب»:(1/ 435).

(4)

ق: «وجهان» .

(5)

ينظر «المغني» : (4/ 461 - 462)، و «الفروع»:(5/ 136 - 138).

(6)

س: «كان» .

ص: 592

فإن رجا أن يُجَمِّع فيه، وغلب على ظنه ذلك، مثل أن ينوي

(1)

أن يؤذِّن فيه، فيجيء من يصلي معه= صار مسجد جماعة.

فإن غلب على ظنه أن لا يصلي معه أحدٌ لم يصحّ الاعتكاف، لأن الاعتكاف لا يكون إلا بالعزم على المُقام في المسجد، والعزم يتبع الاعتقاد، فإذا اعتقدَ حصولَ الصلاة فيه، عزمَ على العكوف فيه، وإلا فلا.

فإن اختلَّت الجماعةُ فيه بعض الأوقات

(2)

وذلك لما رُوِي عن أبي وائل شقيقِ بن سلمة، قال: قال حذيفة لعبد الله بن مسعود: إن قومًا عكوفًا بين دارك ودار الأشعري، فلا تُغَيِّر وقد علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا اعتكافَ إلا في المساجدِ الثلاثةِ (أو قال: في مسجد جماعة)» . فقال عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأتَ، وحفظوا ونسيتَ. رواه سعيد بإسناد جيد

(3)

.

وعن جُويبر، عن الضحَّاك، عن حُذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلُّ مسجدٍ له مؤذِّن وإمام، [ق 110] فالاعتكاف فيه يصْلُح» رواه سعيد

(1)

ق: «نوى» .

(2)

بياض في الأصلين.

(3)

اختلف في هذا الحديث فرواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره المصنف، وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (8016)، والفاكهي في «أخبار مكة» (1334) من طرق عن ابن عيينة به موقوفًا على حذيفة. ووقع في لفظه بعض الاضطراب، وضعَّفه ابن حزم في «المحلى»:(5/ 195) للشك الواقع في لفظه، وصححه الألباني في «الصحيحة»:(6/ 667).

ص: 593

والنجاد والدارقطني

(1)

وقال: الضحَّاك لم يسمع من حذيفة.

وقد رواه حربٌ

(2)

عن الضحَّاك، عن النزّال بن سَبْرة، قال: أقبل ابن مسعود وحذيفة من النجف، وأشرفوا على مسجد الكوفة، فإذا خيام مبنية، فقالوا: ما هذا؟ قالوا: أناس اعتكفوا. فقال

(3)

ابن مسعود: لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام. فقال حذيفة: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلُّ مسجدٍ له إمام ومؤذِّن فإنه يُعتكَف فيه» .

فإن قيل: جُويبر ضعيف متروك، ويدلُّ على ضعف الحديث: أن مذهب حذيفة أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، بدليل ما رُوي عن إبراهيم، قال: «دخل حذيفة مسجدَ الكوفة، فإذا هو بأبْنِيَةٍ مضروبة، فسأل عنها، فقيل: قوم يعتكفون، فانطلق إلى ابن مسعود، فقال: ألا تعجب من قوم يزعمون أنهم معتكفون بين دارك ودار الأشعري؟ فقال عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأتَ، وحفظوا ونسيتَ. فقال حذيفة: لقد علمت [أنه لا اعتكاف]

(4)

إلا في ثلاثة

(1)

أخرجه سعيد ــ كما في «المحلى» : (5/ 196) و «المغني» لابن قدامة (3/ 190) ــ والدارقطني (2357). وقال ابن الجوزي في «التحقيق» : (2/ 109): «هذا الحديث في نهاية الضعف، الضحَّاك لم يسمع من حذيفة، وجُويبر ليس بشيء» .

(2)

أخرجه أبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (722) من طريق جُويبر عن الضحاك به، وتقدم أن جويبر واهٍ. وأخشى أن قوله:«حرب» مصحف عن «جويبر» بدليل ما بعده فالله أعلم.

(3)

س: «فقالوا: ناس اعتكفوا قال» ، و ق:«عكفوا» . والذي في «الغيلانيات» أن القائل: لا اعتكاف) هو حذيفة والذي أجابه بقول النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن مسعود.

(4)

سقط من النسختين، والاستدراك من المصادر.

ص: 594

مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(1)

.

قلنا: قد روى هذا الحديث عن جُويبر رجالٌ من كبار أهل العلم، مثل هُشيم وإسحاق الأزرق، وقد تابعه على نحوٍ من معناه أبو وائل، عن حذيفة، وهو معضود بآثار الصحابة، والرواية الأخرى عن حذيفة مرسلة.

وأيضًا، فإنه إجماع الصحابة؛ روى النجَّاد

(2)

عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة» .

وعن ابن عباس قال: «لا اعتكاف إلا في مسجدٍ تُقام فيه الصلاة»

(3)

.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة»

(4)

.

(1)

أخرجه عبد الرزاق: (4/ 347)، وابن أبي شيبة (9762) بإسناد صحيح، وإن كان النخعي لم يسمع من ابن مسعود إلا أن العلماء نصوا على أن مراسيله عنه صحيحة. ينظر «شرح العلل» (1/ 542) لابن رجب.

(2)

بإسناده عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي ــ كما في «التعليقة» للقاضي أبي يعلى (1/ 7). وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (8009) وابن أبي شيبة (9763) والطحاوي (1042، 1043) من طريقين ضعيفين، فيهما الحارث الأعور، وجابر الجعفي.

(3)

أخرجه النجاد ــ كما في «التعليقة» : (1/ 7) ــ والبيهقي: (4/ 316) من رواية قتادة عن ابن عباس. وقتادة لم يسمع من ابن عبّاس، وإنما سمعه من أبي الشعثاء جابر بن زيد عنه، كما عند أحمد في «مسائله ــ رواية عبد الله» (2/ 673).

(4)

أخرجه النجاد ــ كما في «التعليقة» : (1/ 7) ــ بإسناده عن عروة عن عائشة. وسيأتي تخريجه مفصّلًا.

ص: 595

وروى حربٌ

(1)

عن جابر بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كلُّ مسجدٍ تُقام فيه الصلاة، فيه اعتكاف» .

وقد روى أبو داود وغيرُه حديثَ عائشة قالت: «مِن السنة لا اعتكاف إلا في مسجدٍ جامع»

(2)

.

وعن الزهري قال: «مضت السنةُ: أن لا يكون اعتكافٌ إلا في مسجد جماعة، مسجد يُجَمَّع فيه الجمعة» رواه النجاد

(3)

.

(1)

ورواه أحمد في «مسائل عبد الله» كما سبق آنفًا.

(2)

رواه أبو داود (2473)، والدارقطني (2363)، والبيهقي:(4/ 315، 320 - 321) وغيرهم من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وهو جزء من حديث أوّله:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده» . قال البيهقي في «المعرفة» : «قد أخرج البخاري [2026]، ومسلم [1172/ 5] صدرَ هذا الحديث في الصحيح إلى قوله: (والسنة في المعتكف

)، ولم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه، منهم من زعم أنه من قول عائشة، ومنهم من زعم أنه من قول الزهري، ويشبه أن يكون مِن قول مَن دون عائشة

». ومال الدارقطني في «العلل» (3927) إلى أنه من قول عائشة رضي الله عنها.

ولفظ أكثر الروايات يحتمل أن يكون هذا الكلام مُدرجًا من قول الزهري، إلا رواية أبي داود من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، فإن فيها التصريحَ أن عائشة هي التي قالت ذلك. ولكن استضعف أبو داود هذا التصريح بقوله:«غير عبد الرحمن لا يقول فيه: (قالت: السنة). جَعَلَه قول عائشة» . وعبد الرحمن هذا متكلم فيه.

(3)

كما في «التعليقة» : (1/ 8). ورواه أيضًا عبد الرزاق (8017) وابن أبي شيبة (9766). وهذا الأثر وقع في س بعد قوله: «وقال الدارقطني» وسقط منه قوله: «جماعة مسجد» .

ص: 596

وفي لفظ للدارقطني

(1)

: «من السنة: لا اعتكاف إلا في مسجدِ جماعةٍ» .

وقال

(2)

: غير عبد الرحمن بن إسحاق: لا يقول فيه: «قالت: السنة» ، جعله قولَ عائشة.

وهذا قولُ عامَّة التابعين، ولم يُنْقَل عن صحابيٍّ خلافُه، إلا قول من خصّ الاعتكافَ بالمساجد الثلاثة أو

(3)

بمسجد نبيّ. فقد أجمعوا كلُّهم على أنه لا يكون في مسجدٍ لا جماعةَ فيه.

وأيضًا، فإن

(4)

المسجدَ موضعُ السجود ومحلُّه، وهذا الاسم إنما يتمّ له ويكمل إذا كان معمورًا بالسجود وبالصلاة فيه، أما إذا كان خرابًا معطَّلًا عن إقام الصلاة فيه، فلم يتمّ حقيقة المسجد له، وإنما يسمّى مسجدًا بمعنى أنه مهيّأٌ للسجود معدٌّ له، كما قد تسمَّى الدار الخالية مسكنًا ومنزلًا، ويُصان مما تُصان منه المساجد؛ لأنه مسجد وإن لم يتم المقصود فيه.

وبهذا يُعْلَم أن قولَه: {عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} إنما يُفْهَم منه المواضع التي فيها الصلاة والسجود.

(1)

«سنن الدارقطني» (2363).

(2)

القائل هو أبو داود في «سننه» عقب إخراجه للحديث (2473) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: «السنّة على المعتكف

ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع».

(3)

المطبوع: «و» .

(4)

سقطت من المطبوع.

ص: 597

وأيضًا، فإن الصلوات الخمس في الجماعة واجبةٌ كما تقدم بيانُه

(1)

، فلو جاز الاعتكاف في مسجد مهجور معطَّل، للزم إما ترك صلاة

(2)

الجماعة، وذلك غير جائز، وإما تَكْرار الخروج في اليوم والليلة لِمَا عنه مندوحة، وذلك غير جائز؛ لأن الاعتكاف هو لزوم المسجد، وأن لا يخرج منه إلا لِمَا لابدّ منه

(3)

وأيضًا فلو لم تكن الجماعةُ واجبةً، فإنها من أعظم العبادات، وهي أوكد من مجرَّد الاعتكاف الخالي عنها بلا ريب، والمداومة على تركها مكروهة كراهةً شديدة، فلو كان العكوفُ الخالي عنها مشروعًا لكان قد شُرِع التقرُّب إلى الله تعالى بما يُنْهَى فيه عن الجماعة، بل يَحْرُم فعلها معه، إذ الخروج من المعتكف لا يجوز، وهذا غير جائز

(4)

فأما اعتكافٌ لا يتضمّن وجوب جماعة، مثل أن يكون زمنه يسيرًا، لا يحضر فيه صلاة مكتوبة؛ فقال ابن عقيل وغيره: يصح في كلّ مسجد، إذ لا محذور فيه، فإنما اشترطنا مسجدًا تقام فيه الجماعة لأجل وجوبها، وهذا إذا صححنا اعتكافَ بعضِ يوم على المشهور في المذهب، وكذلك من لا يمكنه شهود الجماعة؛ لكونه في موضع لا تُقام فيه الجماعة.

وأما من يمكنه حضور الجماعة ولا يجب عليه كالمريض وغيره من المعذورين والعبد، ففيه وجهان:

(1)

ليس في القطعة الموجودة من كتاب الصلاة.

(2)

«صلاة» من س.

(3)

س: «بُدّ له منه» . وبعده بياض في النسختين.

(4)

بياض في النسختين

ص: 598