المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

لأن الصوم عبادة، والكفر ينافي العبادة، ولأنها عبادة فبطلت بالرِّدّة كالصلاة، وطَرْدُه الإحرام والطهارة، ويتخرَّج ....

(1)

.

فعلى هذا إذا عاد إلى الإسلام فإنه يجب عليه القضاء في المشهور، وإن عاد إلى الإسلام في أثناء النهار فهو أولى بوجوب القضاء.

فأما إن قلنا: إن الإسلام في بعض النهار لا يوجب الإمساك والقضاء، وقلنا: إنه لا يقضي ما تركه قبل الردَّة

(2)

.

وقال ابن أبي موسى

(3)

: من ارتدَّ عن الإسلام أفطر، وحَبِط عملُه، فإن عاد إلى الإسلام في بقية رمضان صام ما تبقى. وهل يلزمه قضاء ما أفطر منه بعد الردة أم لا؟ على روايتين

(4)

.

‌الفصل الرابع

(5)

أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

. نصّ عليها في رواية الأثرم، وفرَّق بينه وبين المُغمَى عليه، وعليها أصحابنا، حتى مَن أوجبه على الصبيّ. ورُوي عن حنبل أنه يقضيه إذا أفاق كالحائض.

والقضاء هنا أوجَه من قضاء الصلاة؛ لأنّ ما أَسْقَط أداءَ الصلاة في الغالب فإنه يُسْقط قضاءَها، بخلاف الصوم فإنه يُقضى مع الحيض والسفر

(1)

بياض في الأصلين.

(2)

بياض في الأصلين.

(3)

في كتاب «الإرشاد إلى سبيل الرشاد» (ص 153).

(4)

واختار المصنف عدم وجوب القضاء على المرتدّ، ينظر مجموع الفتاوى:(22/ 10، 23).

(5)

ينظر «المغني» : (4/ 415)، و «الإنصاف»:(7/ 355، 360).

ص: 20

والمرض وغير ذلك، وإن لم يجب الأداء مع هذه الأسباب، ولأن إيجاب القضاء عليه لا مشقَّة فيه هنا بخلاف إيجاب قضاء الصلاة، ولأن الصوم قد لا يتكرَّر مثلُه في حال الإفاقة فيفضي إلى تركه بالكلّية بخلاف الصلاة، وذلك لأنه زوالُ عقلٍ فلم يمنع وجوب القضاء كالإغماء والسُّكْر.

فعلى هذه الرواية يجب عليه القضاء، سواء كان الجنون طارئًا عليه بعد البلوغ أو مُسْتَدامًا من حين البلوغ، وسواء استغرق الشهرَ أو بعضَه.

فأما إن توالت عليه رمضاناتٌ في حال الجنون، فعلى ما ذكره القاضي إنما يقضي الرمضانَ الذي أفاق بعده، فأما ما قبل ذلك الرمضان فلا يقضيه؛ لأن أحسن أحواله أن يكون كالحائض، والحائض لابدّ أن يتخلّل بين الرمضانين زمنٌ لقضائها

(1)

.

وكلامُ غيره: تُصام، وهو ظاهر كلامه في هذه الرواية؛ لأنه عُذْرٌ توالَى في عِدّة رمضانات، فلم يُسْقط القضاءَ كالمرض والسفر.

ووجه الأول: أن قوله: «رُفِع القلمُ عن المجنون حتى يَفِيق»

(2)

يقتضي

(1)

هنا بياض في النسختين، وسياق الكلام متصل.

(2)

روي من حديث عليّ وقد تقدم تخريجه في كتاب الصلاة. وأخرجه أحمد (24694)، وأبو داود (3998)، والنسائي (3432)، وابن ماجه (2041)، وابن حبان (142)، والحاكم:(2/ 59) وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها. قال البخاري: «أرجو أن يكون محفوظًا» ، وقال الحاكم:«صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» . وسكت عليه الذهبي. وقال ابن الملقن في «البدر المنير» : (3/ 225): له طرق أقواها طريق عائشة. وينظر «الإمام» : (3/ 524)، و «نصب الراية»:(4/ 162)، و «التلخيص»:(1/ 194).

ص: 21

الرفع عنه مطلقًا، وإيجاب القضاء يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يوجب القضاءَ على المجنون مِن نصّ ولا قياس؛ إذ لا نصّ في المسألة.

والفرق بينه وبين الحائض والمُغْمَى عليه ظاهر؛ فإن الحائض من أهل التكليف حين انعقاد سبب الوجوب، وهو استهلال الشهر، فثبت الوجوب في ذمتها كما يجب غيره من الفرائض، والمجنون ليس من أهل التكليف، فلا يصح الإيجاب عليه.

ولا فرق في ذلك بين الجنون المُطْبِق والذي يَعْرِض أحيانًا، فإنه لا يجب عليه الصوم إلا في حال الإفاقة.

وهل يصح منه الصوم بنيَّة وليّه له كالصبي وكما في الإحرام؟ على وجه.

*

(1)

فإن نوى الصومَ وجُنَّ في بعض اليوم، لم يبطل صومُه إذا أفاق في جزء منه، وجمهور أصحابنا ــ كابن

(2)

عقيل وأبي الخطاب

(3)

فيما ذكره القاضي ــ أنه

(4)

كالإغماء. وقال جَدِّي

(5)

: يبطل صومُه.

* فأما [ق 5] الصّرَع، وهو الخَنْق الذي يَعْرض وقتًا ثم يزول، فينبغي أن يُلْحَق بالإغماء والغَشْي؛ لأنه يُزيل الإحساسَ من السمع والبصر والشمّ

(1)

قبله في المطبوع «مسألة» ولا وجود لها في الأصلين.

(2)

ق: «ابن» .

(3)

ينظر «الهداية» (ص 156) له.

(4)

ليست في ق.

(5)

هو الإمام عبد السلام مجد الدين أبو البركات ابن تيمية، ذكره في كتاب «المحرر»:(1/ 228) وقال: إنه يجزؤه في النفل خاصة.

ص: 22

والذوق، فيُغطي، فيزول العقل تبعًا لذلك، بخلاف الجنون فإنه يُزيلُ العقلَ خاصة، فيُلْحِقه بالبهائم.

فصل

فأما مَن زال عقلُه بغير جنون من إغماء أو غيره، فإنه يجب عليه الصوم بغير خلاف في المذهب، ويصحُّ صومُه إذا نواه في وقت تصحُّ فيه النية، وأفاقَ بعضَ النهار، سواء أفاق في أحدَ الطرفين أو في الوسط.

فأما إن أُغمي عليه جميعَ النهار لم يصح صومُه. ولو نام جميعَ النهار صحّ صومُه. هذا هو المنصوص المشهور في المذهب

(1)

، وإن كان سكرانَ أو مبنَّجًا أو زال عقلُه

(2)

بشرب دواء

(3)

، وذلك لأن الإغماء مرضٌ من الأمراض، فلم يمنع صحةَ الصوم كسائر الأمراض.

وإنما اشترطنا أن يفيق في جزء من النهار لأن الصوم لابدّ فيه من الإمساك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربِّه في صفة الصائم: «يدَعُ طعامَه وشهوتَه مِنْ أجلي»

(4)

. والإمساكُ لا يكون إلا مع حضور العقل.

ولم نشترط وجود الإمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه لأنه دخل في عموم قوله:«يدعُ طعامَه وشهوتَه مِنْ أجلي» .

فعلى هذا إن نوى الصومَ من الليل، ثم أُغْمِي عليه في أثناء النهار

(1)

ينظر «المغني» : (4/ 343 - 344)، و «الفروع»:(4/ 434 - 435).

(2)

ق: «العقل» .

(3)

بياض في النسختين.

(4)

أخرجه مسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 23