المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يفطر من أي موضع دخل - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يفطر من أي موضع دخل

قال أحمد في رواية أبي الصقر: إذا بلع الصائمُ خاتمًا أو ذهبًا أو فضة أو جوزةً بقشرها أو خَرَزة أو حبةَ لؤلؤٍ أو طينًا، متعمِّدًا، فعليه القضاء ولا كفّارة، ولا قضاء عليه ما لم يتعمّد.

لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر باتِّقاء الكُحل الذي يدخل من العين إلى الحلق

(1)

، وليس في الكُحل تغذية، فعُلِم أنه لا يُشترَط في الداخل أن يكون مما يغذِّي في العادة.

‌الفصل الثاني

(2)

أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

، لا يختص ذلك بمدخل دون مدخل، كما لم يختص بداخل دون داخل في ذلك.

ولا بُدّ عند أصحابنا أن يصل إلى البطن أو ما بينه وبين البطن مجرًى نافذ. هذا كلام أحمد وعامة أصحابه، وهو الذي حرّره القاضي في كتبه المُعْتَمدة: أن المفَطِّر وصولُ الواصل إلى الجوف من أيّ موضع كان.

فإذا استعطَ بدُهن أو ماء أو غيرهما، بأن أدخله في أنفه، فوصل إلى دماغه أفطر، سواءٌ تيقّن وصولَه إلى حلقه وجوفه أو لم يتحققّه، بناءً على أن بين الدماغ والجوف مجرى، فما يصل إلى الدماغ لابدّ أن ينزل

(3)

إلى الحلق ويصل إلى الجوف، والحكمةُ إذا خفيت أُقيمَتِ المظنّة مُقامها،

(1)

. سيأتي تخريجه.

(2)

ينظر «المغني» : (4/ 352 - 354)، و «الفروع»:(5/ 15 - 19)، و «الإنصاف»:(7/ 411 - 414).

(3)

. ق: «يصل» .

ص: 310

كالنوم مع الحدَث.

وذكر القاضي في بعض المواضع وغيره: أن نفس الوصول إلى الدماغ مفطّر، لأنه جوفٌ [ق 63] يقع الاغتذاء بالواصل إليه، فأشبَه الجوفَ.

والصواب الأول، لأنه

(1)

لو لم يكن بين الدماغ والجوف منفذٌ لم يفطر بالواصل إليه وإن نبتَ اللحمَ واغتذى

(2)

، كما يُقَطَّر في الإحليل، وكالكُحل الذي تتغذَّى به العين، وليس له نفوذٌ إلى الحلق، كالمراهم التي توضع في أعماق الجراح ونحوها، فإن اللحم ينبت

(3)

بها فلا تفطِّر، ولأن الغذاء الذي به قيام

(4)

البِنية لابدّ أن يحصل في المعدة.

قال في رواية أبي الصقر: إذا استعط، أو وضع على أسنانه دواء، فدخل حلقَه، فعليه القضاء.

وكذلك أطلق كثيرٌ من أصحابنا الاستعاط، وقال: إذا استعط بدُهن أو غيره، ووصل إلى دماغه أفطر وعليه القضاء

(5)

؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صَبِرة: «وبالِغْ في الاستنشاقِ إلّا أن تكون صائمًا»

(6)

.

فلو لم يكن ما يدخل في الأنف مفطِّرًا كما يفطِّر ما يدخل في الفم، لم

(1)

. من س.

(2)

. ق: «أنبت اللحم وغذى» .

(3)

. المطبوع: «فإن أنبت اللحم» .

(4)

. من س.

(5)

. «وعليه القضاء» مكانها بياض في س.

(6)

. تقدم تخريجه في كتاب الطهارة.

ص: 311

يَنْهَه عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائمًا.

ولأن العين يُفْطِر بالداخل منها، فلَأَن

(1)

يُفْطِر بالداخل من الأنف أولى. ولأنّ ما يدخل مِن الأنف يحصل به للبدن اغتذاءٌ ونموّ وإن قلَّ، كما يحصل بالقليل من الطعام والشراب.

فأما شمّ الأرواح الطيبة من البخور وغيره، فلا بأس به للصائم

(2)

.

قال أبو علي ابن البنّاء: ويُكره أن يشمّ ما لا يأمَن أن يجتَذِبه نفَسُه، كالمِسك والكافور السحيق ونحوه.

ومن ذلك الأذن، فإذا قَطَر في أذنه دُهنًا أو غيره، فوصل دماغَه أفطر.

قال في رواية حنبل: الصائم إن لم يخف أن يدخل مسامعَه وحلقَه الماءُ، فلا بأس أن ينغمس فيه.

ذكره أصحابُنا، وهو قياس قول أحمد: فإنه يفطر بما يدخل من العين، فمن الأُذن أولى.

وعن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب قال: «لا بأس أن يكتحل الصائمُ، ولكن لا يستعِط، ولا يُصَيِّر

(3)

في أذنه شيئًا». رواه حرب

(4)

.

(1)

. س: «فأن» .

(2)

. ينظر «الفتاوى» : (25/ 242).

(3)

. س: «يصب» .

(4)

. لم أجده موقوفًا على علي، وقد أخرجه علي بن عمر الكيّال الحربي (ت 386) في «فوائده» (123) عن أنس مرفوعًا بإسناد ضعيف جدًّا.

ص: 312

لأنه واصل إلى الدماغ فيفطّر

(1)

، كما لو وصل من الأنف والعين وأولى.

فعلى هذا لا يُكرَه أن يغتسل ويغوص [في]

(2)

الماء ويغيب فيه. قاله القاضي وغيره

(3)

. وكلامُ أحمد مقيّد بما إذا لم يخف أن يدخلَ الماءُ مَسامعَه، وهو الصواب.

ومن ذلك العين، فإذا اكتحل بما يصل إلى حلقه، إما لرطوبته كالإشياف

(4)

، أو لحِدَّته كالذَّرُور

(5)

والطيب، أفطر.

وإن شكّ في وصوله، فالأصل صحة الصوم، لكن لا يكتحل بما يَخشى دخولَه.

وقال القاضي وابن عقيل: يُكره الكُحل مطلقًا.

قال في رواية حنبل في الكحل للصائم: إن كان فيه طيب يدخل حلقَه، فلا. ولا يكتحل نهارًا؛ لأنه ربما وصل إلى حلقه، والطيب كذلك. والذَّرور يدخل إلى حلقه، فإن خشي على عينه تعالَجَ، ويقضي إذا لم يجد بُدًّا. وهذا عندنا على الجَهْد، ولا يُعين على نفسه.

(1)

. س: «ففطر» .

(2)

. زيادة لاستقامة السياق.

(3)

. ينظر «المستوعب» : (1/ 418)، و «المغني»:(4/ 357 - 358).

(4)

. بكسر الهمزة، نوع من الحقن يستخدم دواء للعين وغيرها. ينظر «القاموس المحيط» (ص 341).

(5)

بفتح الذال، وهو دواء مسحوق يُذرّ في العين. ينظر «اللسان»:(4/ 304).

ص: 313

وقال في رواية الأثرم: الصائم لا يكتحل بالصَّبِرَ وما أشبهه، هذا يوجد طعمه، فأما الإثمد فما خفّ منه وجعله

(1)

عند الإفطار فهو أسهل.

وقال في رواية أبي الصقر: إذا عَلِم أنه قد دخل فعليه القضاء، وإلا فلا شيء عليه.

فقد بيَّن أن القضاء لا يجب إلا مع تيقُّن الدخول، وأمر باجتناب ما يُخشى دخوله، وذلك لما روى عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بالإثمد المروَّح عند النوم، وقال:«لِيَتّقِهِ الصائمُ» رواه أبو داود

(2)

وقال: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر.

وعبد الرحمن، قيل: هو ضعيف، وقال الرازي: هو صدوق

(3)

.

وقد رُوي ما يصحّح هذا الحديث؛ فروى إسحاق بن راهويه، عن أبي نُعيم، عن عبد الرحمن بن النعمان أبي

(4)

النعمان الأنصاري، عن أبيه، عن

(1)

. س: «أخف منه وعجله» تحريف.

(2)

. (2377). وأخرجه أحمد (15906، 16072)، وغيرهما. وقال الإمام أحمد: هذا حديث منكر. «مسائل أبي داود» (ص 399). وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» : (3/ 246): «ومعبد وابنه النعمان كالمجهولين، فإنه لا يُعرَف لهما إلا هذا الحديث» . وضعفه المصنف في «الفتاوى» : (25/ 234).

(3)

. الرازي هو أبو حاتم. وقال ابن معين: ضعيف، وقال ابن المديني: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ: صدوق بما غلط. ترجمته في «تهذيب الكمال» : (17/ 458 - 459)، و «تهذيب التهذيب»:(6/ 287).

(4)

وقع في النسختين والمطبوع: «عن أبي النعمان» ، خطأ؛ لأن عبد الرحمن بن النعمان كنيته أبو النعمان، ينظر مصادر الحديث، وترجمته في «تهذيب التهذيب»:(6/ 287).

ص: 314

جده ــ قال: وكان جدّي قد أُتِيَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فمسحَ رأسَه ــ قال: «لا تكتحل نهارًا وأنتَ صائم واكتَحِل ليلًا»

(1)

قال أبو النعمان: جدّي يقول: لا تكتحل نهارًا.

قال إسحاق: الأمرُ فيه على ما قال جدُّ أبي

(2)

النعمان ــ وكانت له صحبة ــ: «لا تكتحل نهارًا وأنت صائم» ، وهذا أصح شيء في هذا

(3)

الباب، وذلك أن معناه حسن.

ورواه البخاري

(4)

عن عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري، عن أبيه، عن جده، قال: وكان جدي قد أُتي به النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمسح رأسَه، وقال: «لا تكتحل بالنهار وأنت صائم، واكتحل ليلًا بالإثمد، فإنه

(5)

يجلو البصرَ ويُنْبِت الشعرَ». فروايته عنه موقوفًا ومرفوعًا تدلّ على أن له أصلًا.

وأيضًا، فإن الكُحل الحادّ يصل إلى الجوف، ويظهر الكُحل بعينه إذا تنخّعَه الإنسانُ على اللسان، فعُلِم أن في العين منفذًا يصل منه، وإذا كان فيها منفذ

(6)

وصل بالداخل منه كسائر المنافذ.

(1)

. أخرجه من طريق أبي نعيم الدارميُّ (1733)، والبيهقي:(4/ 262)، ومدار الحديث على عبد الرحمن بن النعمان عن أبيه عن جده، وسبق الكلام عليه في الحديث السابق.

(2)

. س: «جدي ابن» تحريف.

(3)

. من ق.

(4)

. في «التاريخ» : (7/ 398). وفي س: «النجاد» تحريف.

(5)

. سقطت من س.

(6)

. س: «منفذًا» .

ص: 315

وأيضًا، فإن الدمعَ يخرج من العين، والدمعُ محلّه الدماغ، فعُلِم أن في العين منافذ ينزل منها الدمع.

فإن قيل: دخول الكحل وخروج الدمع من المسامّ التي في العين، والمسامُّ ليست كالمنافذ التي يحصل الفِطر بالداخل منها، بدليل أنه لو اغتسل بالماء أو

(1)

دَهَن رأسَه أو طيّب بدنَه، فإنه يجد في حلقه برودةَ الماء وطعم الدّهن ولا يُفْطِر، والعَرَق يخرج من هذه المسامّ كما يخرج الدمعُ من العين.

قيل: الداخل من العين جسم الكُحل، وهو الذي يوجد عند التَّنخُّع، فأما الذي يجده من الدُّهن والماء، فإنما هو بردُه وطعمُه، وذلك العرَض الذي فيه لا جسمُه. [ق 64] والعرقُ يخرج مِن ظاهر الجَسَد لا من باطنه، فصار كما لو كان بدنه مجروحًا، فداواه بدواءٍ، فإن المفطِّر لابدّ أن يدخل إلى داخل البدن، والكحل بهذه المثابة بخلاف الدُّهن والماء ونحوهما.

فإن قيل: فقد روى أبو عاتكة، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال:«نعم» . رواه الترمذي

(2)

وقال: «إسناده ليس بالقوي، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة ضعيف» .

ص: 316

وعن بقية بن الوليد قال: ثنا الزبيدي

(1)

، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:«اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم» رواه ابن ماجه

(2)

.

وقد تقدم عن علي أنه قال: «لا بأس أن يكتحل الصائم» .

وعن عُبيد الله

(3)

بن أبي بكر قال: «كان أنس بن مالك يكتحل وهو صائم» رواه أبو داود وغيره

(4)

.

قيل: أما المرفوع فضعيف، وحديث عائشة وأنس قضيَّةٌ في عين.

والظاهر أن الكحل كان مما لا يدخل إلى الحلق؛ لأنه فسر في الحديث الذي تقدم أنه أمره بالإثمد المروّح، والمروَّح: الذي فيه طيب تبدو رائحته، ففرَّق بين المروّح وغيره.

(1)

. ق: «الزبيري» ، تصحيف.

(2)

. (1678). وأخرجه البيهقي: (4/ 262) وقال: «سعيد الزبيدي من مجاهيل شيوخ بقيّة، ينفرد بما لا يتابع عليه» . وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» : (3/ 249): «وقد ظن بعض العلماء أن الزبيدي في هذا الحديث هو: محمد بن الوليد، الثقة الثبت، وذلك وهم، وإنما هو سعيد بن أبي سعيد- كما صرح به في رواية البيهقي وغيره-، وليس هو بمجهول- كما قاله ابن عدي والبيهقي- بل هو سعيد بن عبد الجبار الزبيدي الحمصي، وهو مشهور لكنه مجمع على ضعفه» ، وضعفه البوصيري في «مصباح الزجاجة»:(2/ 13).

(3)

. ق والمطبوع: «عبد الله» خطأ. وهو عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك، روى عن جدّه.

(4)

. رواه أبو داود (2378)، وابن أبي شيبة (9364). قال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (3/ 248):«وهذا إسناد مقارب» وقال ابن حجر في «التلخيص» (2/ 203): «لا بأس بإسناده» .

ص: 317

قال ابن أبي موسى

(1)

: وإن اكتحل باليسير من الإثمد غير المطيّب كالميل ونحوه، لم يفطر.

وقد رُوي عن أبي

(2)

رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ونزلتُ معه، فدعا بكُحل إثمدٍ غير ممسّك، واكتحلتُ معه في رمضان»

(3)

.

ومِن ذلك الدّبر، فلو احتقن أو أدْخَل دُهنًا أو غيره إلى مقعدته، أفطر.

فأما إن قَطَرَ في إحليله، فقال أصحابُنا: لا يفطر.

قال أحمد في رواية أحمد بن الحسين

(4)

في الرجل يصبّ في إحليله الدّهن بالدواء: أرجو أن لا يكون عليه شيء ما لم يصل إلى البطن.

والإشياف

(5)

في المِقعدة يصل إلى البطن، وهذا خلاف ذاك. فعلى هذا

(1)

. في «الإرشاد» (ص 152) ووقع فيه: «غير الطيب» . وفي ق: «المطيب بالمسك» .

(2)

. المطبوع: «ابن» خطأ.

(3)

. في هامش ق: «هذا حديث منكر لأنه لم يكن بخيبر في رمضان» اهـ. والحديث أخرجه ابن خزيمة (2008)، وابن عدي:(6/ 113)، والبيهقي:(4/ 262) من طريق معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه عن جده عن أبي رافع به. قال ابن خزيمة:«أنا أبرأ من عهدة هذا الإسناد لمعمر» . وقال ابن طاهر في «ذخيرة الحفاظ» : (5/ 2476): «معمر هذا منكر الحديث» . وفيه أيضًا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. ينظر «التهذيب» : (9/ 321). فالحديث ضعيف منكر.

(4)

. ق: «الحسن» تصحيف. تنظر ترجمته في «طبقات الحنابلة» : (1/ 80).

(5)

. تقدم أنها نوعٌ من الحُقَن.

ص: 318

يُكرَه له أن يكتحل، قاله

(1)

القاضي؛ لأنه يخاف منه الفطر.

والصحيح أنه إذا غلب على

(2)

ظنَّه أنه لا يصل إلى حلقه لم يُكره. فقد فرّق بين القُبُل والدُّبُر بأن ما يدخل الدّبُرِ يصل إلى البطن، بخلاف ما يدخل من

(3)

الإحليل

(4)

.

قال أصحابنا: الفطر إنما هو بما يصل إلى البطن أو إلى ما بينه وبين البطن

(5)

طريق؛ لأن الصوم هو الإمساك عن الأكل والشرب ونحوهما مما يصل إلى المعدة، والواصل من الأنف و

(6)

العين والأذن يصل إلى الدماغ، وبين الدماغ

(7)

والبطن مجرى يصل منه إلى البطن، وليس بين المثانة مجرى إلى الجوف، وما يحصل

(8)

منها من البول، فإنما يحصل بالرشح كالعَرَق يخرج من البدن، فإذا لم يصل منها إلى الجوف لم يفطّر، كمن أخذ في فمه ماءً لم يفطِّره، فإن علم

(9)

أنه رشَحَ منه شيء إلى البطن، فهل يكون

(1)

. س: «قال» .

(2)

. من س.

(3)

. من س.

(4)

. في هامش النسختين ما نصه: «قال في رواية حنبل: تكره الحقنة للصائم وغير الصائم، فإن فعل فعليه القضاء والكفّارة فأما إن تسهل للحقنة بالوطء [كذا!] أو هو عام في جميع الإفطار. هامشه» . وينظر «الفروع» : (5/ 14).

(5)

في النسختين والمطبوع: «الطريق» ، تحريف.

(6)

. «الأنف و» من س.

(7)

. «وبين الدماغ» سقطت من س.

(8)

. المطبوع: «يصل» .

(9)

. س: «فاعلم» . وأشار إلى بياض وقع قبل هذه الكلمة.

ص: 319