المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(1): (ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه، إلا أن يشترط) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌مسألة(1): (ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه، إلا أن يشترط)

‌مسألة

(1)

: (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

.

وجُملةُ ذلك أن الاعتكاف هو لزوم المسجد للعبادة، فمتى خرج منه لغير فائدة بطل اعتكافه، سواء طال لُبْثه أو لم يطل؛ لأنه لم يبق عاكفًا في المسجد.

وقد روت عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت ترجّل النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وهي في حُجرتها، يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا» [ق 124] متفق عليه.

وفي لفظ للبخاري: «وكان لا يدخل البيتَ إلا لحاجة إذا كان معتكفًا»

(2)

.

وقد تقدم قولُها: «لا يخرج لحاجة إلا لما لابدَّ له منه» رواه أبو داود

(3)

.

فأما خروجه لما لا بدّ له

(4)

منه مما يُعْتاد الاحتياج إليه ولا يطول زمانه، وهو حاجة الإنسان، وصلاة الجمعة، فيجوز، ولا يقطع عليه اعتكافه ولا يبطله، ويكون في خروجه في حكم المعتكف بحيث لا يقطع عليه التتابع المشروع وجوبًا أو استحبابًا.

(1)

ينظر «المستوعب» : (1/ 433 - 434)، و «المغني»:(4/ 465 - 469)، و «الفروع»:(5/ 138 - 142)، و «الإنصاف»:(7/ 598 - 603).

(2)

تقدم عزو الحديث بألفاظه قريبًا.

(3)

(2473) وقد سبق الكلام عليه.

(4)

ليست في س.

ص: 661

ولا تجوز له المباشرة، ولا ينبغي أن يشتغل إلا بالقُرَب وما يَعْنِيه، لقوله سبحانه وتعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فنهى عن المباشرة لمن اعتكف في المسجد وإن كان في غيره؛ لأن المباشرة في نفس المسجد لا تحلّ للعاكف ولا غيره.

فعُلِم من هذا أن العاكف في المسجد قد يكون في حكم العاكف مع خروجه منه، حتى تحرم عليه المباشرة

(1)

.

وقد ذكرَتْ عائشةُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل البيتَ إلا لحاجة الإنسان؛ تعني: الغائط والبول، كَنّى عنهما بالحاجة؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة. وقد

(2)

تقدَّم الدليلُ على أن له أن يخرج للجمعة.

ومثل هذا: المصلِّي صلاة

(3)

الخوف إذا استدبر القبلةَ ومشى مشيًا كثيرًا، فإنه لا يخرج عن حكم الصلاة ــ وإن كانت هذه الأفعال تنافي الصلاة ــ لمَّا

(4)

أُبيحت للضرورة.

وكذلك الطائفُ إذا صلى في أثناء صلاة مكتوبة أُقِيْمَت أو جنازة حضرَتْ، فإنه طواف واحد، وإن تخلله هذا العمل المشروع.

وكذلك إذا قطع الموالاة في قراءة الفاتحة لاستماع قراءة الإمام ونحو ذلك.

(1)

بعده بياض في س.

(2)

«قد» من س.

(3)

س: «في صلاة» .

(4)

أضاف المطبوع: «لكنها» بين معكوفين.

ص: 662

وفي معنى ذلك: كلُّ ما يحتاج إلى الخروج له، وهو ما يخاف من تركه ضررًا في دينه أو دنياه، فيدخل في ذلك الخروج لفعل واجب وترك محرم وإزالة ضرر، مثل: الحيض، والنفاس، وغسل الجنابة، وأداء شهادة تعيَّنت عليه، وإطفاء حريق، ومرض شديد، وخوف على نفسه من فتنة وقعت، وجهاد تعيَّن، وشهود جمعة، وسلطان أحْضَره، وحضور مجلس حكم، وقضاء عدم الوفاء، وغير ذلك، فإنه يجوز له الخروج لأجله، ولا يبطل اعتكافُه، لكن منه ما يكون في حكم المعتكِف إذا خرج بحيث يُحْسَب له من مدة الاعتكاف ولا يقضيه ــ وهو ما لا يطول زمانه ــ، ومنه ما ليس كذلك وهو ما يطول زمانه، كما سنذكره

(1)

إن شاء الله تعالى.

ويدلّ على جواز الخروج لما يعرض من الحاجات، وإن لم يكن معتادًا مع احتسابه من المدة: ما

(2)

روى عليُّ بن الحسين: أن صفية زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثَتْ عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت بابَ المسجد عند باب أم سلمة، مرَّ رجلان من الأنصار، فسلَّما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:«على رِسْلِكُما، إنها صفية بنت حُيَيّ» . فقالا: سبحان الله! وكَبُر عليهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدَّمِ، وإني خشيت أن يُلْقي في أنفسكما شيئًا» رواه الجماعة إلا الترمذي

(3)

.

(1)

س: «سيذكر» .

(2)

س: «لما» .

(3)

أخرجه أحمد (26863)، والبخاري (2038، 3281)، ومسلم (2175)، وأبو داود (2470، 4994)، والنسائي في «الكبرى» (3343)، وابن ماجه (1779).

ص: 663

وفي رواية متفق عليها

(1)

: وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد.

وفي لفظ للبخاري

(2)

: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عنده أزواجه، فرُحْنَ، فقال لصفية بنت حُيَي:«لا تعجلي حتى أنصرفَ مَعَكِ» ، وكان بيتها في دار أسامة

(3)

، فخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم معها، فلقيه رجلان

(وذكر الحديث).

وهذا صريحٌ بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج معها من المسجد، وأن قولها: «حتى إذا

(4)

بلغتُ بابَ المسجد عند باب أم سلمة» تعني: بابًا غير الباب الذي خرج منه، فإن حُجَر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت شرقيَّ المسجد وقِبْليّه

(5)

، وكان للمسجد عدة أبواب، أظنها ستة، فيمر على الباب بعد الباب، والرجلان رأيا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المرأة خارج المسجد، فإنه لو كان هو

(6)

في المسجد لم يحتَجْ إلى هذا الكلام.

وقوله: «لا تعجلي حتى أنصرف معك» ، وقيامه معها ليقلِبَها دليلٌ على أن مكانها كان بينه وبين المسجد مسافة يُخَاف فيها من سير المرأة وحدها

(1)

البخاري (3281)، ومسلم (2175).

(2)

(2038).

(3)

زاد في المطبوع بدون أقواس «بن زيد» .

(4)

«إذا» ليست في ق.

(5)

في النسختين والمطبوع: «وقبلته» وكذلك جاء في «الفتاوى» : (27/ 141، 418) والظاهر ما أثبت، وانظر «جامع المسائل»:(3/ 47 و 4/ 164)، و «الرد على البكري»:(1/ 163)، و «الفتاوى»:(27/ 323).

(6)

من ق.

ص: 664

ليلًا، وذلك والله أعلم قبل أن يتخذ حجرتها قريبًا من المسجد، ولهذا قال:«كان مسكنها في دار أسامة» .

وهذا كلُّه مبيِّن لخروجه من المسجد؛ فإن خروجَه إلى مجرَّد باب المسجد لا فائدة فيه، ولا خصوصَ لصفية فيه لو كان منزلها قريبًا دون سائر أزواجه، فهذا خروجٌ للخوف على أهله، فيُلْحَق به كلُّ حاجة.

ولا يجوز أن يقال: اعتكافه كان تطوُّعًا، وللمتطوِّع أن يدع الاعتكاف؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحفظ اعتكافه مما ينقصه، ولهذا كان لا يَدْخله إلا لحاجة، ويصغي رأسه إلى عائشة لترجِّلَه، ولا يدخل.

ولأنه لو ترك الاعتكاف ساعةً

(1)

لم يكن قد اعتكف العشر الأواخر، وهو صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر. ثم إنه كان يقضي هذا الاعتكاف إذا فاته، فكيف [ق 125] يُفْسِده أو يترك منه شيئًا؟!

على أن أحدًا من الناس لم يقل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد كان

(2)

ترك اعتكافَه بخروجه مع صفية؛ فإن العمدة في صفة الاعتكاف فرضه ونفله على اعتكافه صلى الله عليه وسلم، كيف وقد كان إذا عمل عملًا أثبته صلى الله عليه وسلم؟!

فصل

(3)

وأما عيادة المريض وشهود الجنازة، ففيه روايتان منصوصتان:

(1)

كتب بعدها في س: «واحدة» وكتب فوقها حـ.

(2)

س: «كان قد» .

(3)

ينظر «المغني» : (4/ 469)، و «الفروع»:(5/ 176)، و «الإنصاف»:(7/ 609 - 613).

ص: 665

إحداهما: يجوز.

قال في رواية ابن الحكم: المعتكف يعود المريض ويشهد الجنازة. ويُروى عن عاصم بن ضَمْرة، عن عليّ رضي الله عنه:«المعتكف يعود المريض ويشهد الجنازة والجمعة»

(1)

. وعاصم بن ضَمْرة عندي حجة.

وقال حرب: سُئل أحمد عن المعتكف يشهدُ الجنازةَ ويعود المريضَ ويأتي الجمعةَ؟ قال: نعم. قيل

(2)

: ويتطوَّع في مسجد الجامع؟ قال: نعم، أرجو أن لا يضرّه. قيل: فيشترط المعتكفُ الغداءَ أو العشاءَ في منزله؟ فكره ذلك. قيل: فيشترط الخياطة

(3)

في المسجد؟ قال: لا أدري. قيل: فهل يكون اعتكاف إلا بصيام؟ قال: قد اختلفوا

(4)

فيه.

وكذلك نقل الأثرم: يخرج لصلاة الجنازة.

وقال في رواية حنبل: ويعود المريض، ولا يجلس، ويقضي الحاجةَ، ويعود إلى معتكفه، ولا يشتري، ولا يبيع، إلا أن يشتري ما لا بدَّ له منه، طعام أو نحو ذلك، فأما التجارة والأخذ والإعطاء

(5)

فلا يجوز شيء من ذلك.

والرواية الثانية: لا يجوز ذلك إلا بشرط.

قال في رواية المرُّوذي في المعتكف: يَشترط أن يعود المريض ويتبع

(1)

سبق تخريجه.

(2)

من س.

(3)

س: «الخياط أن يخيط» .

(4)

س: «فقال: اختلفوا» .

(5)

ق: «والعطاء» .

ص: 666

الجنازة؟ قال: أرجو. كأنه لم ير به بأسًا

(1)

.

ويشبه أن تكون هي الآخرة؛ لأن ابن الحكم قديم.

وهذه اختيار عامة أصحابنا: الخرقي

(2)

، وأبي بكر، وابن أبي موسى

(3)

، والقاضي وأصحابه، وغيرهم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل البيتَ إلا لحاجة الإنسان. فعُلِم أن هذه سنة الاعتكاف، وفعله يفسر الاعتكاف المذكور في القرآن.

وقد تقدم حديثُ عائشة رضي الله عنها: «على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمسَّ امرأةً، ولا يباشرها، ولا يخرج

(4)

إلا لما لابدّ منه».

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن كنتُ لأدخلُ البيتَ للحاجة، والمريضُ فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارَّة» متفق عليه

(5)

.

وعنها قالت: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يمرّ بالمريض وهو معتكف، فيمرّ كما هو، ولا يُعرّج يسأل عنه» رواه أبو داود

(6)

، عن ليث بن أبي سُليم، عن ابن

(1)

نقلها أبو يعلى في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 43).

(2)

«المختصر» (ص 52).

(3)

ينظر «الإرشاد» (ص 155).

(4)

س زيادة: «لحاجة» .

(5)

أخرج البخاري (2029) القدر المرفوع منه، ومسلم (297) بلفظه.

(6)

(2472). ومن طريقه البيهقي: (4/ 321). وفي سنده ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف كما في «الميزان»:(3/ 420)، وينظر «البدر المنير»:(5/ 777)، و «ضعيف أبي داود - الأم»:(2/ 292) للألباني. وهو ثابت من فعل عائشة كما أخرجه مسلم (297). ووقع بعدها في س «وعن» .

ص: 667

القاسم، عن أبيه، عن عائشة.

وفي لفظ: «إن

(1)

كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعودُ المريضَ وهو معتكف»

(2)

.

ولأنه خروجٌ لِمَا له منه بُدّ، فلم يجز، كما لو خرج لزيارة والديه أو صديقه أو طلب العلم ونحو ذلك من القُرَب.

فعلى هذا: إذا خرج لحاجة، فله أن يسأل عن المريض في طريقه، ولا يجلس عنده، ولا يقف أيضًا، بل يسأل عنه مارًّا لأنه مقيم لغير حاجة. وقد ذكرَتْ عائشةُ مثل ذلك.

وقول أحمد: «يعود المريضَ ولا يجلس» دليلٌ على جواز الوقوف؛ إلا أن يُحْمَل على الرواية الأخرى.

ووجه الرواية الأولى: ما احتجَّ به أحمد، وهو ما رواه

(3)

عاصم بن ضَمْرة، عن عليّ رضي الله عنه قال:«إذا اعتكفَ الرجلُ، فليشهد الجمعةَ، وليحضر الجنازةَ، وليعد المريضَ، وليأتِ أهلَه يأمرهم بحاجته وهو قائم» .

وعن عبد الله بن يسار: «أن عليًّا أعان ابن أخيه جَعْدة بن هُبَيرة بسبع مائة درهم

(4)

من عطائه أن يشتري خادمًا، فقال له: ما منعك أن تبتاع

(1)

ليست في ق.

(2)

هو الحديث السابق نفسه.

(3)

س: «روى» . والحديث سبق تخريجه.

(4)

ليست في س.

ص: 668

خادمًا؟! فقال: إني كنتُ معتكفًا. قال: وما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعتَ؟!»

(1)

.

وعن إبراهيم قال: «كانوا يحبون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال، وهي له وإن

(2)

لم يشترط: عيادة المريض، ولا يدخل سقفًا، ويأتي الجمعةَ، ويشهد الجنازةَ، ويخرج في الحاجة»

(3)

.

قال: وكان إبراهيم يقول: «لا يدخل المعتكفُ سقيفةً إلا لحاجة أو سقف المسجد»

(4)

. رواهن سعيد.

وقد رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المعتكفُ يتبعُ الجنازةَ ويعودُ المريضَ» رواه ابن ماجه

(5)

، وراويه متروك الحديث.

وأيضًا، فإن هذا خروجٌ لحاجة لا تتكرَّر في الغالب، فلم يخرج به عن كونه معتكفًا، كالواجبات؛ وذلك أن عيادة المريض من الحقوق التي تجب للمسلم على المسلم، وكذلك عيادة المريض

، فعلى هذه الرواية هل يقعد

(1)

أخرجه عبد الرزاق (8074)، وسعيد بن منصور ــ ومن طريقه ابن حزم في المحلّى:(5/ 189) ــ، وابن أبي شيبة (9784).

(2)

س: «إن» .

(3)

أخرجه سعيد بن منصور ــ ومن طريقه ابن حزم في المحلّى: (5/ 190) ــ، وابن أبي شيبة (9728).

(4)

أخرجه سعيد بن منصور ــ ومن طريقه ابن حزم في المحلّى: (5/ 190) ــ، وابن أبي شيبة (9749).

(5)

(1777). وهو حديث واهٍ، ضعّفه ابنُ الجوزي في «التحقيق»:(2/ 112)، والبوصيري في «مصباح الزجاجة»:(2/ 84)، والمصنّف.

ص: 669

عنده؟

(1)

وإن تعيَّن عليه الصلاة على الجنازة، وأمْكَنه فعلُها في المسجد، لم يجز الخروج إليها، وإن لم يمكنه فله الخروج إليها.

وكذلك يخرج لتغسيل الميت وحَمْله ودفنه إذا تعيَّن ذلك

(2)

عليه. وأما إذا اشترط

(3)

ذلك، فيجوز في المنصوص المشهور كما تقدم.

وقال في رواية الأثرم: يَشْترط المعتكفُ أن يأكل في أهله، ويجوز الشرط في الاعتكاف.

وحكى الترمذيُّ وابنُ المنذر عن أحمد [المنعَ]

(4)

.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضُباعة: «حُجّي واشترطي أن محِلِّي حيثُ حَبَستني، فإنّ لَكِ على ربِّك ما اشترطْتِ»

(5)

. وقوله: «لكِ على ربك ما اشترطتِ»

(6)

(1)

بياض في الموضعين.

(2)

من س.

(3)

ق: «شرط» .

(4)

بياض في النسختين، والإكمال من «الفروع»:(5/ 177). وحكاية الترمذي عن أحمد في «الجامع» : (3/ 168)، ولعل حكاية ابن المنذر في «الأوسط» وكتاب الصيام ساقط من المطبوع، وقال في «الإشراف»:(3/ 163): «واختُلف فيه عن أحمد، فمنع منه مرّة، وقال مرّة: أرجو أن لا بأس به» .

(5)

أصله في البخاري (5089)، ومسلم (1702)، وأخرجه النسائي (2766) بلفظ:«فإن لك على ربك ما استثنيت» . وحسنه الألباني في «الإرواء» : (4/ 187)، وينظر «البدر المنير»:(6/ 414).

(6)

«وقوله: لك على ربك ما اشترطتِ» سقطت من ق.

ص: 670

عام، فإذا كان الإحرام الذي هو ألْزَمُ العبادات [ق 126] بالشروع يجوز مخالفة موجِبه بالشرط، فالاعتكاف أولى.

وعن إبراهيم قال

(1)

: «كانوا يحبّون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال، وهي له

(2)

إن لم يشترط: عيادة المريض، ولا يدخل سقفًا، ويأتي الجمعةَ، ويشهدُ الجنازةَ، ويخرجُ في الحاجة»

(3)

.

وكان إبراهيم يقول: «لا يدخل المعتكفُ سقيفةً إلا لحاجة أو سقف المسجد» رواه سعيد.

فصل

(4)

قال أبو بكر: لا يقرأ القرآنَ، ولا يكتبُ الحديثَ، ولا يجالس العلماء، ولا يتطيَّب، ولا يشهد جنازةً، ولا يعود مريضًا إلا أن يشترط في اعتكافه.

ذكر ابن حامد والقاضي

(5)

وغيرهما: أن له أن يشترط كلَّ ما في فِعْله قُرْبة، مثل: العيادة، وزيارة بعض أهله، وقَصْد بعض العلماء.

وقسَّموا الخروجَ ثلاثةَ أقسام:

أحدها: ما يجوز بالشرط ودونه ولا يُبْطِل الاعتكاف، وهو الخروج لما لابدّ منه، من قضاء الحاجة والخوف والمرض ونحو ذلك مما تقدم.

(1)

ليست في س.

(2)

«وهي له» ليست في س.

(3)

سبق تخريجه هو والذي بعده.

(4)

ينظر «المغني» : (4/ 469)، و «الفروع»:(5/ 191)، و «الإنصاف»:(7/ 633).

(5)

في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 43).

ص: 671

والثاني: ما لا

(1)

يجوز الخروجُ إليه إلا بشرط، وهو عيادة المريض، وزيارة الوالد

(2)

، واتباع الجنازة.

والثالث: ما لا يجوز الخروج إليه بشرط وبغير شرط، ومتى خرج إليه، بطل اعتكافُه، وهو اشتراط ما لا قُربة فيه، كالفُرْجة والنُّزْهة والبيع في الأسواق، وكذا

(3)

لو شَرَط أن يجامع متى شاء.

قال بعض أصحابنا: وكذا إن شَرَط التجارةَ في المسجد أو

(4)

التكسُّب بالصَّنْعة فيه أو خارجًا منه.

وأما المنصوص عن أحمد، والذي ذكره قدماء أصحابه، فهو اشتراط عيادة المريض واتباع الجنازة.

قال ابن عقيل: وزاد ابنُ حامد فقال: لا بأس أن

(5)

يشترط زيارةَ أهلِه، لأنه لَمّا كان له أن يشترط قطعَه والخروجَ منه، كان له أن يشترط تخلّل

(6)

القُربة له.

قال: والجواب عما ذكره ابن حامد: أنه ليس إذا مَلَك أن يقطع الاعتكاف وإما بالشرط

(7)

يملك أن يشترط شيئًا يُبْطِلُ مثلُه الاعتكافَ مع

(1)

«لا» سقطت من س.

(2)

ق: «الوالدة» .

(3)

س: «وكذلك» ، وكذا في الموضع الثاني.

(4)

س: «و» .

(5)

س: «بأن» .

(6)

في الأصل والمطبوع: «تحلل» بالحاء المهملة، والصواب ما أثبت.

(7)

كذا في النسختين، وربما تستقيم العبارة بحذف «وأما» ، أو تكون:«إما رأسًا وإما بالشرط» .

ص: 672

عدم الشرط، كما أنه يجوز أن يشترط يومًا ويومًا

(1)

لا، ويملك أن يطأ في اليوم الذي لم ينذر اعتكافه، ومع هذا لا يملك أن يطأ.

فأما اشتراط المباح، فعلى ما ذكره القاضي: لا يجوز.

وقال بعض أصحابنا: يجوز شَرْط ما يحتاج إليه، كالأكل والمبيت في المنزل؛ لأن الاعتكاف يجب بعقده، فكان الشرط إليه فيه كالوقف. ولأنه لا يختص بقَدْر

(2)

، فإذا شَرَط الخروجَ فكأنه نَذَر القدرَ الذي أقامه.

أما الأكل، ففيه عن أحمد روايتان، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما المبيت، فقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المعتكف يشترط أن يأكل في أهله؟ قال: إذا اشترط فنعم. قيل له: وتجيزُ الشرطَ في الاعتكاف؟ قال: نعم. قلت له: فيبيت في أهله؟ قال: إذا كان تطوُّعًا جاز.

فأخَذَ بعضُ أصحابنا من هذا جواز شرط المبيت لجواز شرط الأكل، وليس

(3)

بجيد؛ فإن أحمد أجاز الأكل بالشرط مطلقًا، وأجاز المبيت في الأهل إذا كان متطوِّعًا

(4)

، ولم يعلِّقه بشرط، فعُلِمَ أنه لا يجوز في النذر.

وليس هذا لأجل الشرط، بل لأن التطوُّع له تركُه متى شاء، فإذا بات في أهله، فكأنه اعتكف

(5)

النهار دون الليل.

(1)

سقط من س «يو» في «ويومًا» .

(2)

ق: «بنذر» .

(3)

ق: «ليس» . ويصح إذا ضبطنا أول العبارة على المصدرية «فأخْذُ بعضِ» .

(4)

س: «مقطوعًا» .

(5)

ق: «يعتكف» .

ص: 673

ولو نذَرَ أن يعتكفَ عشرةَ أيام يبيت بالليل عند أهله، يكون قد نَذَر اعتكاف

(1)

الأيام دون الليالي، فيكون اعتكاف كلِّ يوم

(2)

اعتكافًا جديدًا يحتاج إلى نية مستأنَفَة.

وإذا خرج بالليل لم يكن معتكفًا، حتى لو جامع أهلَه فيه كان له ذلك. فأما جواز المبيت في أهله مع كونه معتكفًا، فهذا إخراجٌ للاعتكاف عن حقيقته

(3)

فصل

(4)

فإن قال: عَلَيَّ أن أعتكف شهر رمضان إن لم أكن مريضًا أو مسافرًا، أو أصوم شعبان إن لم أكن مريضًا أو مسافرًا، أو أتصدق بكذا إن لم يحتج إليه، جاز؛ لأن النذر عَقْدٌ من العقود، يصح تعليقُه بشرط، فلَأَن

(5)

يصح الاستثناء فيه والاشتراط أوْلى وأحْرَى.

وإن قال: عليَّ أن أعتكف هذا الشهر، على أنّي متى عَرَض لي ما يمنعني المُقام خرجتُ، جاز ذلك، كما لو قال في الحج: إن حَبَسني حابس فمَحِلِّي حيث حُبِسْت، ويكون فائدة ذلك أنه لا يلزمه قضاءٌ ولا كفارة.

(1)

س: «قد اعتكف» .

(2)

«اعتكاف كل يوم» ليست في س.

(3)

بعده بياض في ق.

(4)

ينظر «المغني» : (13/ 623)، و «الفروع»:(5/ 132).

(5)

س: «فأن» .

ص: 674