الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأوجه: أن يجوز صومهما
(1)
تطوُّعًا وقضاءً، والتطوُّع أفضل كالسنن الراتبة في أول وقت الصلاة.
ومِن أصحابنا مَن بنى الروايتين في كراهة قضاء رمضان في العشر على الروايتين في وجوب تقديم القضاء على النفل؛ فإن قلنا: يجب تقديم القضاء، لم يُكره قضاؤه في العشر، وإن قلنا: لا يجب تقديم القضاء، كُره قضاؤه في العشر.
والطريقةُ التي ذكرناها أصوب، كما دلّ عليه كلامُ أحمد وأصولُه، وهو أنَّا إذا قلنا: يجوز التطوّع قبل القضاء، ففي كراهة قضاء رمضان فيه روايتان.
وإذا قلنا: لا يجوز التطوّع قبل القضاء، فلا معنى لكراهة القضاء فيه.
مسألة
(2)
: (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا
(3)
، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)
.
في هذا الكلام مسائل:
المسألة الأولى: من استمرّ به العذرُ مِن سفر أو مرض حتى مات قبل إدراك رمضان الثاني أو بعده، فإنه لا شيء عليه مِن قضاء ولا كفّارة.
(1)
. س: «صومها» .
(2)
. ينظر «المستوعب» : (1/ 421 - 422)، و «المغني»:(4/ 399 - 401)، و «الفروع»:(5/ 64 - 67)، و «الإنصاف»:(7/ 503 - 506).
(3)
. كذا في النسختين وبعض مطبوعات العمدة، وفي نسخ أخرى بالرفع «مسكين» .
قال في رواية المرُّوذي فيمن صام من رمضان خمسةَ عشر يومًا، ثم مرض فعاش شهرين ومات: أُطعم عنه كلَّ يوم مسكينًا، وإن مات في مرضه فلا شيء عليه.
وقال حرب: سألت أحمد، قلت: رجل أفطر في رمضان في السفر أو مرض، فلم يقضه، فمات؟ قال: إذا توانى في ذلك يُطعَم عنه، إلا أن يكون مِن نذر. قلت: فإن كان مِن نذر؟ قال: يُصام عنه. قلت: أقرب الناس إليه أو غيره؟ قال: نعم.
وقال في رواية عبد الله
(1)
في رجلٍ مَرِض في رمضان: إن استمرّ به المرضُ حتّى ماتَ، فليس عليه شيء، وإن كان نَذَر، صام عنه وليُّه إذا هو مات.
وقد أطلق في رواية الأثرم: إذا مات وعليه نذر يُصام عنه، ولو مات وعليه صوم رمضان يُطعَم عنه.
لأنه لم يجب عليه الصومُ قضاءً ولا أداءً، فلم تجب عليه الكفّارة، كالمجنون والصبي
(2)
.
فإن قيل: فالمريض الذي لا يُرجى بُرؤه قد أوجبتم عليه الكفّارة، وهذا أسوأ أحواله أن يكون بمنزلته. ثم الوجوب في الذمّة لا يُشترط فيه التمكُّن من الفعل كالصلاة والزكاة؛ فإذا استقرّ وجوبُ الصلاة والزكاة أيضًا في
(1)
. (2/ 642)، وانظر:«مسائل الكوسج» : (9/ 4785).
(2)
. هنا تعليق في هامش النسختين نصه: «هذا القول يتوجّه على المذهب، فلا أقل من أن يكون رواية أو وجهًا» اهـ هامشه.
الذمّة قبل التمكّن؛ فكذلك الصوم أولى، وإذا استقرّ في ذمته، فلا بدّ من الكفّارة بدلًا عن ذلك الواجب.
قلنا: المريض الميؤوس منه قد عزم على الفطر في الحال والمآل، ولهذا لم يجب الصوم في ذمّته، ولا يجب عليه القضاءُ البتَّة، ولابدّ من البدل، وهو الفدية.
وأما المريض المرجوّ والمسافر، فهما عازمان على القضاء بشرط القُدْرة، فلا يُجمَع عليهما واجبان على سبيل البَدَل
…
(1)
وأما استقرار العبادات في الذمة قبل التمكُّن؛ فكذلك نقول في الصوم: إنه بإدراك الشهر استقرَّ الوجوبُ في ذمته، لكن هذه الواجبات في الذمة قبل التمكُّن معناها إيجاب القضاء عند التمكن، فأما إذا لم يتمكّن من القضاء، فإنه يموت غير آثم بلا تردّد.
كما لو حاضت في أثناء الوقت وماتت قبل الطُّهر، أو تَلِف النصابُ قبل التمكّن من الإخراج، وليس له ما يُخْرِج غيرَه، ومات قبل اليسار، ونحو ذلك.
وذلك لأنّ تكليف ما لا
(2)
يُطيقه العبدُ الطاقةَ المعروفةَ غيرُ واقعٍ في الشرائع، فالتكليف بالعبادة
(3)
لابدّ فيه من القُدرة في الحال والمآل، أما مع انتفائهما فمُحال.
(1)
. بياض في النسختين.
(2)
. سقطت من س.
(3)
. المطبوع: «في العبادة» .