المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أما المستحاضة، فإنها تقيم في المسجد - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌أما المستحاضة، فإنها تقيم في المسجد

ولا تحتسب بمدَّة الحيض من الاعتكاف على ما نصَّ عليه في رواية حنبل، وهو قول عامة أصحابه

(1)

؛ أبي بكر وابن أبي موسى والقاضي وأصحابه وغيرهم.

بل إن كان نذرًا معيَّنًا أو مطلقًا، فعليها قضاء مدَّة الحيض، وإن لم يكن نذرًا لم يكن عليها قضاء، لكن لا يتمّ لها اعتكاف المدَّة التي نَوَتْها إلا بالقضاء.

وظاهرُ كلام الخَرِقي أنها إذا أقامت في الرَّحْبة حُسِبَ لها من الاعتكاف كما يُحْسَب له من الاعتكاف خروجُه للحاجة والجمعة، ويتوجَّه أن يحسب مطلقًا

(2)

، ويتوجَّه أن لا قضاء عليها وإن لم يُحسب من الاعتكاف، لاسيّما إن

(3)

كانت المدة التي نذرتها مما لا تنفكُّ عن الحيض، فإن مدَّة الحيض تقع مستثناةً بالشرع والنية والنذر

(4)

.

ووجه الأول: أنه زمنٌ يطول.

[ق 134] ف‌

‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

؛ لِما تقدم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «اعتكفَتْ

(5)

مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ من أزواجه مُستحاضة، فكانت ترى الحُمْرةَ والصُّفرةَ، وربّما وضعت الطستَ تحتَها وهي تصلي» رواه البخاري

(6)

.

(1)

ق: «أصحاب» .

(2)

«له من

ن يحسب» سقط من ق.

(3)

س: «إذا» .

(4)

من ق.

(5)

س: «اعتكف» .

(6)

(310).

ص: 707

ولأن أكثر ما في ذلك أنها مُحْدِثة، وأنه يخرج منها نجاسة لا يمكن الاحتراز منها، لا تَلَوّث المسجد، فإنّ الواجبَ عليها أن تتحفَّظ من تلويث المسجد، إما بالتحفُّظ و إما بوضعٍ

(1)

شيء تحتها. فإن لم تُمْكِن صيانةُ المسجد منها، خرَجَت منه لأنه عُذْر، وكانت كالتي خرجت

(2)

ثم إن طالت مدّتُه

فصل

(3)

وإذا وجبت عليها عدَّةُ وفاة وهي معتكفة، فإنها تخرج لتعتدَّ في منزلها وإن كان الاعتكاف منذورًا؛ لأن قضاء العِدّة في منزلها أمرٌ واجب، فخرجت من اعتكافها إليه، كخروج الرجل للجمعة، وخروجها لمجلس الحاكم، وأداء الشهادة، وذلك لأن الاعتكاف وإن كان واجبًا لكن يُقَدَّم عليه قضاء العِدَّة في منزل الزوج ونحوه

(4)

لوجوه:

أحدها: أن هذه الأشياء وجبت بالشرع، فتُقدّم

(5)

على ما وجب بالنذر؛ لأن نَذْرَه لو جاز أن يتضمّن إسقاط ما يجب بالشرع، لكان له أن يُسقط إيجابَ الشرع عن نفسه، وهذا لا يكون.

الثاني: أن قضاء العدَّة في منزل الزوج يتعلّق بها حقٌّ لله تعالى وحقٌّ

(1)

س: «أو وضع» .

(2)

بياض في س، ولعل باقي النص:«للحيض» . وكذا وقع بياض في الموضع التالي.

(3)

ينظر «المغني» : (4/ 485)، و «الفروع»:(5/ 168).

(4)

من س.

(5)

ق: «فتقدمت» .

ص: 708

للزوج، فيأخذ شَبَهًا من الجمعة ومن أداء الشهادة، فيكون أوكد مما ليس فيه إلا مجرَّد حقّ الله تعالى.

الثالث: أن الاعتكاف يمكن استدراك ما فات منه بالقضاء، بخلاف المُكْث في منزلها، فإنه

(1)

لا يُقضى بعد انقضاء العدة.

الرابع: أن الاعتكاف يجوز تركه للعذر، وهذا عذرٌ من الأعذار.

فأما عدّة الطلاق الرجعيّ ــ إذا قلنا: هي كالمتوفَّى عنها على المنصوص ـ وعدّة الطلاق البائن ــ إذا قلنا بوجوبها في منزلها على رواية، أو اختار الزوجُ إسكانها في منزله في

(2)

الرجعيّ والبائن ــ فينبغي أنه إن كان الاعتكاف بإذنه

(3)

، وعليها قضاء ما تركَتْه من الاعتكاف إن كان واجبًا. ويُستحبّ لها قضاؤه إن كان مستحبًّا بغير تردّد؛ لأنها تركت الاعتكاف لأمرٍ غير معتاد، وهو مما يطولُ زمانُه

(4)

.

وظاهر ما ذكره

(5)

القاضي في «خلافه» : أنه ليس عليها استئناف الاعتكاف، كما لو أخرجها السلطانُ إلى مسجدٍ آخر، أو خرجت لصلاة الجمعة.

ثم إن كان معيَّنًا، فإنها تَبني على ما مضى، وفي الكفّارة وجهان حكاهما

(1)

في المطبوع: «فإنها» .

(2)

«في» من س.

(3)

بياض في س، وفي الكلام نقص ظاهر.

(4)

هنا كلمة لم تتضح في س.

(5)

س: «كلام» بدلًا من «ما ذكره» .

ص: 709

ابنُ أبي موسى

(1)

، أحدهما: عليها الكفارة. قاله الخِرَقي

(2)

.

وإن كان مطلقًا، فقيل: لها الخيار بين أن تبني وتُكَفِّر، وبين أن تستأنف الاعتكاف.

وقال القاضي: إذا قال: لله عليَّ أن أعتكف شهرًا متتابعًا، وخرج منه لعذر، لم يبطل اعتكافه، وإن خرج بغير عذر بطل اعتكافه وابتدأ.

والأعذار التي لا تُبْطل: إما فعل واجب، أو ما يُخَاف عليه فيه الضَّرر كالخوف والمرض، والكفَّارةُ على ما تقدم.

فصل

(3)

وإذا وقعت فتنةٌ خاف منها على نفسه أو ماله أو أهله الحاضر عنده أو الغائب، فله أن يخرج، سواء كان واجبًا أو تطوُّعًا.

قال أحمد في رواية أبي داود

(4)

: المعتكف ببغداد إذا وقعت

(5)

فتنة، يدع اعتكافَه ويخرج وليس عليه شيء إنما هو تطوُّع، والمعتكف ينفر إذا سمع النفير؛ وذلك لأن ما وجب بأصل الشرع من الجمعة والجماعة يجوز تركُه بمثل هذا، فما وجب بالنذر أولى.

ثم إن كان تطوّعًا، فإن أحبّ أن يتمّه، وإن أحبّ أن لا يتمّه. وإن كان

(1)

في «الإرشاد» (ص 155).

(2)

«المختصر» (ص 52).

(3)

ينظر «المغني» : (4/ 477)، و «الفروع»:(5/ 168)، و «الإنصاف»:(7/ 605).

(4)

لم أجده في المطبوع من المسائل.

(5)

س: «وقع» .

ص: 710

واجبًا بالنذر معيَّنًا، مثل: هذا الشهر، فإنه يَبْني على ما مضى ويقضي ما تركَه.

وهل يجب في القضاء أن يكون متصلًا متتابعًا؟ أو يجوز أن يفرِّقه ويقطعه؟ على وجهين، وعليه كفارة يمين لفوات التعيين في المشهور عند أصحابنا.

وذكر ابنُ عقيل أن أحمد نصَّ فيمن خرج لفتنة: يكفّر كفارةَ يمين ويبني؛ لأن هذا قَطْعٌ للاعتكاف بأمر غير معتاد، وهو لِحَظِّه.

ومما يبد

(1)

وإن كان مطلقًا غير متتابع، مثل «عشرة أيام» ، فإنه يبني على ما فعل، لكن يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله، لأن التتابُعَ في اليوم الواحد واجب.

وإن كان مطلقًا متتابعًا، فله الخيار بين

(2)

أن يستأنف ولا كفَّارة عليه، أو يبني على ما فعل وعليه الكفارة. هذا هو المشهور في المذهب.

وروى

(3)

ولو خاف انهدام المسجد عليه، أو

(4)

انهدمَ بحيثُ لم يمكنه إتمام

(5)

الاعتكاف، فإنه يخرج فيتمّه في غيره، ولا يبطل اعتكافُه، ولا كفَّارة عليه.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

سقطت من المطبوع.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

س: «إذا» .

(5)

من س.

ص: 711

ومثل هذا إذا مرض مرضًا لا يمكنه المُقام معه في المسجد، كالقيام المُتَدَارَك

(1)

وسَلَسل البول والإغماء، أو يمكنه القيام بمشقَّة شديدة، بأن يحتاج إلى خدمة وفراش؛ فله ترك الاعتكاف، ويكون كما لو تركه للخوف.

[ق 135] وإن كان مرضًا خفيفًا، كالحمَّى الخفيفة، ووجع الضّرْس والرأس، فهذا لا يخرج لأجله، فإن خرج استأنف.

وإن احتاج إلى ما يأكل وليس له شيء، فاحتاج إلى اكتساب أو اتِّجار

(2)

قال القاضي وابن عقيل: متى خرج خروجًا جائزًا لحقٍّ وجَبَ عليه، كإقامة الشهادة والعِدّة والنفير والحيض والجمعة والمرض الذي لا يمكن معه المقام، فلا كفَّارة عليه. وإن كان لغير واجب، كالخروج من فتنة أو لمرض يمكن معه المُقام بغير مشقَّة

(3)

، فعليه الكفارة، لأنه خرج لِحَظِّ نفسهِ

(4)

. وتأوَّل كلام الخِرَقي

(5)

.

فصل

(6)

وإذا تعيَّن عليه الخروجُ للجهاد، بأن يحضر عدوٌّ يخافون كَلَبَه، أو

(1)

القيام المتدارك هو: مرض المبطون الذي أصابه الإسهال. ينظر «المطلع على أبواب المقنع» (ص 354).

(2)

بياض في النسختين.

(3)

س: «المقام بمشقّة» وما في ق أصحّ.

(4)

س: «مشقة» خطأ.

(5)

بعده بياض في س.

(6)

ينظر «المغني» : (4/ 477)، و «الفروع»:(5/ 168)، و «الإنصاف»:(7/ 604).

ص: 712

يستنفر الإمامُ استنفارًا عامًّا، فإنه يخرجُ ويدعُ اعتكافَه

(1)

، كما قلنا في الخروج لقضاء العدَّة وأشدّ؛ لأن الجهاد من أعظم الواجبات، والتخلُّف عنه من أعظم المفاسد.

ثم إذا قضى غزوَه، وكان تطوّعًا، فله الخيار بين أن يقضيه أو لا يقضيه، والأفضل أن يقضيه.

وإن كان نذرًا، فعلى ما ذكرنا في الخروج لقضاء العِدَّة: يبني إن كان معيَّنًا. وفي الكفارة وجهان حكاهما ابنُ أبي موسى

(2)

في العِدّة.

أحدهما: يجب. قاله الخِرَقي

(3)

وغيره.

والثاني: لا يجب. قاله القاضي. وفرَّق بين الخروج لواجب

(4)

كالنفير والعدة، وبين الخروج [لمباح]

(5)

.

وإن كان مطلقًا، فهو بالخيار بين أن يستأنف وبين أن يبني.

وإن لم يكن الجهاد متعيِّنًا، فهل يجوز الخروج إليه، كصلاة الجنازة وعيادة المريض وأولى؟

(6)

لم يَجُز له الخروج عند أصحابنا، مع أن الجهاد والرباط أفضل من الاعتكاف.

(1)

س: «الاعتكاف» .

(2)

في «الإرشاد» (155).

(3)

«المختصر» (ص 52).

(4)

ق: «الواجب» .

(5)

بياض في النسختين. ولعله ما اقترحته.

(6)

كذا وفي الكلام نقص.

ص: 713

وقال في رواية الأثرم: الخروج إلى عَبَّادان أحبّ إليَّ من الاعتكاف، وليس يعْدِل الجهادَ والرباطَ شيءٌ

(1)

فإذا كان الاعتكاف تطوُّعًا، فعَرَض له

(2)

جنازة أو مريض يُعاد ونحو ذلك، فقال بعض أصحابنا: إتمام اعتكافه أفضل؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يُعَرِّج على مريض

(3)

. ولم يكن واجبًا عليه، ولأن إتمام العبادة التي شَرَع فيها أفضل من إنشاء عبادةٍ أخرى؛ لإن إتمامها واجب عند بعض العلماء، ومؤكَّد الاستحباب عند بعضهم.

وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصائمَ إذا دُعِي وكان صائمًا أن يصلِّي، ولم يأمره بالأكل

(4)

(5)

فصل

(6)

ويُستحبّ لمن اعتكف العشرَ الأواخرَ من شهر

(7)

رمضان أن يبيت ليلةَ العيد في معتكَفِه ويخرج منه إلى المصلَّى في ثياب اعتكافه.

قال في رواية الأثرم: يخرج من معتكفه إلى المصلَّى.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

ليست في س.

(3)

سبق تخريجه.

(4)

أخرجه مسلم (1431) من حديث أبي هريرة.

(5)

بياض في النسختين.

(6)

ينظر «المغني» : (4/ 490)، و «الفروع»:(3/ 200 و 5/ 159).

(7)

ليست في س.

ص: 714

وقال في رواية المرُّوذي: لا يلبس ثيابَه يوم العيد، ويشهد العيدَ في ثيابه التي اعتكف فيها. وذكر ذلك عن أبي قِلابة.

وذلك لِما رُوي عن إبراهيم قال: «كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن ينام ليلة الفطر في المسجد، ثم يغدو إلى المصلَّى من المسجد»

(1)

.

وعن أيوب: «أن أبا قلابة اعتكف في مسجد قومه، فغدوتُ عليه غداةَ الفطر وهو في المسجد، فأُتي بجُوَيريّة مُزَيّنة، فأقْعَدها في حِجْره

(2)

، ثم أعتقها، ثم خرج كما هو من المسجد إلى المصلَّى»

(3)

. رواهما سعيد.

وذكر القاضي

(4)

عن ابن عمر والمطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب وأبي قِلابة مثل ذلك.

وذلك لأن يوم العيد يوفَّى الناسُ أجرَ أعمالهم، وفي ليلة الفطر ينزل جوائز للصُّوَّام، والصُّوَّام

(5)

، فاستُحِبّ له أن يصل اعتكافَه بعيْدِه، كما اسْتُحِبّ للمحرم أن يصل إحرامه بِعِيْدِه.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (9771).

(2)

س: «حجرها» .

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (9770)، وعزاه في «المغني»:(4/ 490) إلى الأثرم.

(4)

ذكرها ابن قدامة في «المغني» : (4/ 490).

(5)

بياض في النسختين. والصُّوّام: جمع صائم. «المعجم الوسيط» (ص 529).

ص: 715