المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيا لصومه لم يفطر - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيا لصومه لم يفطر

‌الفصل السادس

(1)

أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

.

ولا يختلف المذهب في الأكل والشرب ونحوهما مما فيه القضاء فقط، وقد تقدم ذِكْر المباشرة، والله أعلم

(2)

.

وأما الحجامة إذا فعلها ناسيًا، فالمنصوص أنه لا يفطر.

قال حرب: قلت لأحمد: فاستحجم ناسيًا؟ قال: لا شيء.

وذكر ابنُ عقيل فيها وجهين:

أحدهما: كذلك، لأنها ليست بأكثر من الأكل والشرب

(3)

.

والثاني

(4)

: يفطر؛ لأن الفطر بها ثبَتَ على خلاف القياس، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفصّل في قوله:«أفطرَ الحاجمُ والمحجوم» ولم يستفصل عن حال اللذين مرَّ بهما، وفي الاستقاء

(5)

والأصل في ذلك: ما روى محمدُ بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن نَسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليُتمّ صومَه؛ فإنما

(1)

ينظر «المغني» : (4/ 364 - 365)، و «الفروع»:(5/ 12 - 13)، و «الإنصاف»:(7/ 423 - 424).

(2)

. «والله أعلم» ليست في س.

(3)

. «والشرب» من س.

(4)

. المطبوع: «الثاني» .

(5)

. الكلمة غير محررة، وبعدها بياض في س.

ص: 364

أطعمَه الله

(1)

وسقاه» رواه الجماعة

(2)

.

وفي رواية أبي داود

(3)

: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أكلت وشربت ناسيًا وأنا صائم؟ فقال: «اللهُ أطعمَك وسقاك» .

وفي هذا الحديث الدلالة من وجوه:

أحدها: أنه أمره بإتمام الصوم تخصيصًا له بهذا الحكم بقوله: «مَن أكَلَ أو شرب ناسيًا» ، فعُلِم أن هذا إتمامٌ لصوم صحيح، إذ لو كان المراد به وجوب الإمساك لم يكن بين العامد والناسي فرق.

الثاني: أنه قال: «فليتمّ صومَه» ، وصومه هو الصوم الصحيح المجزئ. وقد أُمِر بإتمامه، فعُلم أنَّ الصومَ الذي بعد الأكل تمام الصوم الذي قبله، ولو أراد وجوب الإمساك فقط

(4)

لقال: فليتم صيامًا

(5)

، أو: فليصم بقية يومه

ونحو ذلك، كما قال لأهل عاشوراء.

الثالث: أنه لم يأمره بالقضاء، وقد جاء مستفتيًا له عما يجب عليه، شاكًّا في الأكل مع النسيان، هل يفسد أو لا يفسد؟ ومعلوم أنه لو كان واجبًا لَذَكَره، ولم يَجُز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

(1)

. س: «الله أطعمه» .

(2)

. أخرجه أحمد (9136)، والبخاري (1933)، ومسلم (1155)، وأبو داود (2398)، والترمذي (721)، النسائي في «الكبرى» (3262، 3263)، وابن ماجه (1673).

(3)

. (2398).

(4)

. سقطت من ق.

(5)

. س: «صائمًا» .

ص: 365

الرابع: أنه علّل أمرَه بالإتمام بأنَّ الله أطعمَه وسقاه، ولو لم يكن مقصوده إتمام الصوم الصحيح، لم يصح التعليل بهذا؛ فإنه إذا أفسدَ

(1)

الصومَ في رمضان وجب الإمساك، وإن لم يكن الله أطعمه وسقاه بغير قصد من العبد

(2)

ولا إرادة، فلابدّ أن يكون لهذه العلة أثرٌ في هذا الحُكم، ولا يكون لها أثرٌ إلا أن يكون الصومُ صحيحًا.

الخامس: أنه قال: «الله أطعمك وسقاك» تعليلًا وجوابًا. ومعلوم أن إطعام الله وإسقاءه للعبد على وجهين:

أحدهما: أنه خَلَق له الطعامَ والشرابَ

(3)

والحركةَ التي بها يأكل ويشرب، وعلى هذا فالعامد والناسي وجميع الخلق، الله أطعمهم وسقاهم، كما قال إبراهيم:{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء: 79].

وهذا المعنى لم يقصده النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قَدْرٌ مشترك بين المتعمد والناسي، وهو بمنزلة قوله: أنت أكلْتَ وشربْتَ، فهي حكاية حال محضة.

والثاني: أن يطعمه ويسقيه بغير قصد من العبد ولا عَمْد، كما في هذه الصورة، فإنه لو ذكر أنه صائم لم يأكل ولم يشرب، لكن أنساه الله تعالى صومَه، وقَيَّض له الطعام والشراب، فصار غير مكلَّف لأجل النسيان، فأضيف الفعل إلى الله تعالى قدرًا وشرعًا، فسقط قلم التكليف عن هذا الفعل.

(1)

. س: «فسد» .

(2)

. ق: «التعبد» والمثبت من س، وسيأتي في الصفحة التالية أيضًا بلفظ:«بغير قصدٍ من العبد ولا عمد» .

(3)

. «والشراب» سقطت من س.

ص: 366

وفِعْل الله تعالى لا يتوجّه إليه تكليف، فإن إطعامَه وإسقاءَه لا يكون منهيًّا عنه، والمكلّف لم يوجد منه ما نُهِي

(1)

عنه، فالصوم باقٍ بحاله.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أطعمَك وسقاك» معناه: لا صُنْع لك في هذا الفعل، وإنما هو فعل الله فقط، فلا حَرَج عليك فيه ولا إثم، فأتْمِم صومَك.

السادس: ما رُوي في لفظ: «إذا أكلَ الصائمُ أو شربَ ناسيًا، فإنما هو

(2)

رزقٌ ساقَه الله إليه، ولا قضاءَ عليه» رواه الدارقطني

(3)

، وقال: إسناد صحيح، كلهم ثقات.

وفي لفظ: «مَن أفطر يومًا من رمضان ناسيًا، فلا قضاءَ عليه ولا كفّارة» رواه الدارقطني

(4)

وقال: تفرّد به ابنُ مرزوق ــ وهو ثقة ــ عن الأنصاري.

وأيضًا: عن أمّ حكيم بنت دينار، عن مولاتها أم إسحاق: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُتي بقصعةٍ من ثريد، فأكلَتْ معه ومعه ذو اليدين، فناولها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عرَقًا فقال:«يا أمّ إسحاق، أصيبي مِن هذا» قالت

(5)

: فذكرتُ

(1)

. المطبوع: «يخفى» ، تصحيف.

(2)

. سقطت من س.

(3)

. (2242) من طريق محمد الطباع، عن ابن عُلية، عن هشام، عن ابن سيرين عن أبي هريرة به. وصححه الدارقطني كما نقل المصنف. وأخرجه أحمد (9489)، ومسلم (1155) من طريقين عن ابن عُليّة، عن هشام به، ولم يذكروا لفظة «ولا قضاء عليه» ، وهي وإن لم تكن مؤثرة في المعنى إلا أنه تفرد بها من لا يحتمل تفرّده.

(4)

. (2243)، وأخرجه ابن خزيمة (1990)، وابن حبان (3521)، والبيهقي:(4/ 229) وقوّاه ..

(5)

. من س.

ص: 367

أني كنتُ صائمة، فبرَدَتْ

(1)

يَدِي لا أُقدِّمها ولا أؤخِّرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما لكِ؟» قلت: كنتُ صائمة فنسيتُ، فقال ذو اليدين: الآنَ بعدما شبعتِ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتمِّي صومَك؛ فإنما هو رِزقٌ ساقَه الله إليك» رواه الإمام

(2)

أحمد وأبو بكر عبد العزيز

(3)

.

ولأن الصوم من باب الترك؛ فإن الواجب

(4)

فيه الإمساك عن المفطِّرات، وليس فيه فعل ظاهر يفعله، [ق 72] وإذا كان الفطر من باب المنهيَّات، فإن الإنسان إذا فعل ما نُهِي عنه ناسيًا أو مخطئًا، كان وجود ذلك الفعِل كعدمه في حقّ الله تعالى

(5)

؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قال الله تعالى: قد فعلتُ

(6)

. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «عُفِي لأمّتي عن الخطأ والنسيان»

(7)

.

(1)

. ق: «فتركت» .

(2)

. من ق.

(3)

. أخرجه أحمد (27069). والطبراني في «الكبير» : (25/ 169). قال ابن عبد الهادي في «التنقيح» : (3/ 232): «هذا حديث غريب غير مخرَّج في السنن، وبعض رواته ليس بمشهور» . وقال الحسيني في «الإكمال» : (2/ 467): «غريب الإسناد» ، وقال الهيثمي في «المجمع»:(3/ 157): «أم حكيم لم أجد لها ترجمة» . وفي إسناده بشار بن عبدالملك قال ابن معين: ضعيف. وينظر «الإرواء» : (4/ 88).

(4)

. س: «فالواجب» .

(5)

. قوله: «الله تعالى» ، ليست في س.

(6)

. أخرجه مسلم، وقد تقدم.

(7)

. تقدم تخريجه في كتاب الطهارة.

ص: 368